الحج هذا العام.. موسم استثنائي يُكتب في سجل الإنجاز
بقلم / صالح يوسف
يُعد موسم الحج لهذا العام 1446ه علامة فارقة في مسيرة بعثة الحج اليمنية، إذ تحقق فيه مستوى غير مسبوق من التنظيم والانضباط والجودة في تقديم الخدمات، بفضل الرؤية الثاقبة والقيادة الميدانية الحكيمة التي انتهجتها وزارة الأوقاف والإرشاد، ممثلة بمعالي الوزير الدكتور محمد بن عيضة شبيبة.
لقد لمس الجميع، داخل اليمن وخارجه، التحول الجذري في أداء الوزارة، وعاينوا بأم أعينهم نقلة نوعية في مختلف الجوانب، لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة لجهد متواصل وتخطيط دقيق وإشراف مباشر من الوزير نفسه، الذي لم يكتفِ بإصدار التوجيهات من مكتبه، بل نزل إلى الميدان، يتنقّل بين المخيمات والمساكن والمنافذ، يرصد، يوجّه، يتابع، ويتدخّل لمعالجة ما قد يطرأ من عراقيل في لحظتها.
ذلك الحضور الفاعل والميداني للوزير منح العمل طابعًا جادًا، وعزّز من مستوى الالتزام والانضباط في كافة فرق العمل، ما أثمر نجاحًا فريدًا، تجلّت ملامحه في رضا الحجاج وتقديرهم العميق للخدمات المقدّمة. وقد تميّزت هذه الدورة بخطط دقيقة بدأت باعتماد منشآت ومخيمات ذات جودة عالية، واختيار مواقع استراتيجية قريبة من المشاعر المقدسة، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وضيق الوقت.
وقد أحسنت الوزارة، بتوجيه مباشر من الوزير، الحجز المبكر وتوقيع الاتفاقات في توقيت حاسم، ضمنت من خلاله توفير أفضل المواقع وأرقى المساكن، التي راعت قربها من الحرمين الشريفين ومستوى الراحة المطلوبة.
في جانب النقل، تم تشغيل أسطول جديد من الحافلات الحديثة موديل 2025، مزودة بأعلى معايير السلامة والراحة، أُديرت وفق خطة محكمة غطّت جميع مراحل التنقل من التصعيد إلى النفرة. واعتمدت الوزارة نظام تتبع إلكتروني متطور يرتبط بغرفة عمليات مركزية، تعمل على مدار الساعة، باستخدام تقنية GPS وكاميرات المراقبة، ما أتاح تتبع حركة الحافلات لحظة بلحظة، وضمان سلاسة التنقل دون تأخير أو خلل، في سابقة تُعد الأولى في تاريخ بعثة الحج اليمنية.
ولم تغفل الوزارة عن الجوانب الإنسانية والمعيشية، فقد أولت الإعاشة اهتمامًا خاصًا، حيث تم تقديم وجبات غذائية متنوعة، مستوحاة من المطبخ اليمني الأصيل، تم إعدادها وفق معايير صحية وغذائية دقيقة، بما يراعي الاحتياجات الصحية للحجاج، ويُسهم في تعزيز الجو الروحي والطمأنينة النفسية، وهي من الأمور التي لطالما اشتكى منها الحجاج في أعوام سابقة.
ومن الجهود الجديرة بالإشادة أيضًا، التطوير التقني اللافت الذي شهده هذا الموسم، حيث تم تحقيق تكامل تقني فعّال مع المنصات السعودية مثل “نسك”، إلى جانب اعتماد برنامج “يلملم” اليمني، وتوقيع اتفاقيات مباشرة مع وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية.
وقد ساهم هذا التطوير في تسريع الإجراءات، وتيسير التنسيق، وتقليص الفجوات الإدارية، في خطوة تعكس فهمًا عميقًا لمتطلبات التحول الرقمي في قطاع حساس كالحج.
كما تعمل الوزارة حاليًا على تطوير منصة تقييم إلكترونية شاملة، تتيح للحجاج إيصال آرائهم وملاحظاتهم بشكل مباشر، وربطها بنظام محاسبي صارم يتابع أداء وكالات التفويج والمسكن والنقل والإعاشة، لضمان الشفافية والعدالة، وتحديد أوجه القصور إن وجدت، ومعالجتها دون أن ينعكس ذلك على الصورة العامة لموسم ناجح بكل المقاييس.
وإن من المؤسف حقًا أن تنبعث بين الحين والآخر أصوات مشككة تحاول عبثًا تشويه هذه الإنجازات، تارةً بافتعال الأكاذيب، وتارةً أخرى بفبركات إعلامية لا تستند إلى دليل، ولا تصمد أمام الحقيقة الناصعة التي جسدها الواقع الميداني.
وهي أصوات لا تعيش إلا في مستنقع الفشل، ولا تجد في النجاح إلا ما يُثير حفيظتها، لأنها اعتادت على ماضٍ بائسٍ لم يكن فيه من الانضباط ولا من الكفاءة نصيب. لكن وعي الناس، ورضا الحجاج، وشهادات الجميع ، كفيلة بإسكات كل حملة مغرضة، تُبنى على الباطل وتنتهي معه.
إن ما يُنجزه الوزير محمد شبيبة اليوم ليس مجرّد موسم حج ناجح، بل مشروع وطني رائد، يتطلّع إلى بناء منظومة متكاملة، ذات بُعد استراتيجي طويل الأمد، تقوم على إعادة هيكلة قطاع الحج، وتأهيل كوادره، وتوسيع الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بما يتناسب مع المتغيرات المتسارعة، ويُلبّي طموحات الحاج اليمني الذي يستحق الأفضل.
لقد أثبت الوزير، من خلال هذا الموسم المتميز، أن القيادة الحقيقية تُقاس بالحضور الفاعل، وبحُسن الإدارة، وبالقدرة على اتخاذ القرار في التوقيت المناسب، في الميدان لا خلف المكاتب.
وهي فلسفة تجسدت على أرض الواقع، فانعكست راحة ورضًا في وجوه الحجاج، الذين عبّروا عن امتنانهم الصادق لما لمسوه من اهتمام وعناية، في موسم حج آمن، منظم، وخالٍ من المنغصات.
وبهذا، يُسطّر معالي الوزير محمد شبيبة صفحة مضيئة في تاريخ بعثة الحج اليمنية، ويؤسس لمرحلة جديدة من المهنية والاحتراف، تُعيد لليمن مكانتها اللائقة بين الدول في مجال تنظيم شؤون الحج، وتفتح آفاقًا واسعة لمزيد من التطوير والنجاح في الأعوام المقبلة، بإذن الله.