تقارير ومقابلات

الحل السياسي في اليمن وتداعياته على الوضع الإقتصادي

الرشاد برس | تقاريـــــــــــــــر

يواجه الاقتصاد في بلادنا تداعيات مريرة جراء استمرار الحرب وتوقف تصدير النفط عقب هجمات بالمسيرات شنتها المليشيا الحوثية خلال الفترة الماضية
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد ادانت الهجمات الحوثية على البنى التحتية والإجراءات الأخرى التي تهدد العملية السلمية وتسبب الضرر الاقتصادي لكافة اليمنيين”ولمواجهة تداعيات توقف عملية إنتاج وتصدير النفط، أعلنت الحكومة اتخاذ تدابير جديدة لترشيد وتقليص الإنفاق وتنويع الإيرادات المتوقعة لعام 2023.
فهل سيؤثر الوضع الإقتصادي الصعب على الحلول السياسية ؟ومامدى جدية المليشيا الحوثية في الحد من تخفيف الفقر والوضع الإقتصادي المتدهور؟
انكماش اقتصادي
يؤكد البنك الدولي أنه في حالة حدوث سلام فإنه يمكن للاقتصاد اليمني أن يسجل نمواً أكثر استدامة خلال أشهر من ذلك الاتفاق، مدفوعاً بانتعاش سريع متوقع في النقل والتجارة والتدفقات المالية وتمويل إعادة الإعمار.
وفي تقرير حديث للبنك عن الوضع الاقتصادي في اليمن، قال، إنه وحتى بافتراض استئناف الصادرات النفطية في النصف الثاني من العام الحالي بمستوى ما كان عليه في النصف الأول من العام الماضي، يتوقع أن ينكمش النشاط الاقتصادي الحقيقي بمقدار 0.5 نقطة مئوية خلال عام 2023.
ووفق ما أورده التقرير؛ فقد ظلت الظروف في اليمن شديدة التقلب خلال العام الماضي بسبب الدوافع المحلية والخارجية، حيث ساءت الاحتياجات الإنسانية بسبب الآثار الاقتصادية للأزمات المتفاقمة، بما في ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا. وأفاد بأن النمو عُزّز بالهدنة المؤقتة على مستوى البلاد، ومساعدات خارجية، وارتفاع أسعار النفط، وبعض إصلاحات الاقتصادية، ونبّه إلى أن انتهاء الهدنة جدد الضغط على استقرار الاقتصاد.
وأشار البنك الدولي في تقريره إلى المخاطر التي تواجه الاقتصاد اليمني وقال، إنها مرتبطة بعودة الأنشطة العدائية، وصدمات شروط التبادل التجاري، والكوارث الطبيعية الجديدة، بالإضافة إلى الجمود السياسي من قِبل مختلف الأطراف والذي يمثل خطراً كبيراً على مستقبل اليمن. وقال، إن التركيز المستمر للحكومة على الاستقرار النقدي والاقتصادي الكلي وتعزيز السياسات والقدرة المؤسسية يمكن أن يساعد في تحسين الآفاق الاقتصادية الفورية.وذكر البنك الدولي، أن مجموعة من العوامل المحلية والخارجية أدت إلى رفع فاتورة واردات البلاد من 46.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021 إلى 59.7 في المائة في عام الماضي، كما كانت الصادرات والتحويلات ومساعدات المانحين أقل بكثير من الواردات؛ مما أدى إلى عجز أكبر بشكل ملحوظ في الحساب الجاري (14.0 في المائة من إجمالي الناتج المحلي) في العام الماضي
وقال، إنه تم تمويل العجز من خلال التدفقات المالية لمرة واحدة، بما في ذلك تصفية حسابات الاحتياطي بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي اليمني في عدن المودعة في الخارج و50 في المائة من حصة اليمن من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.
وطبقاً لما أورده التقرير؛ فقد أثر الارتفاع الحاد في أسعار السلع العالمية على معدل التضخم في اليمن، الذي ارتفع إلى ما يقرب من 30 في المائة في عام الماضي  2022 (بيانات المبادرة المشتركة لمراقبة السوق)، على الرغم من عدم المساواة بين مناطق الحكومة الشرعية والحوثيين، كما أن ارتفاع أسعار السلع، لا سيما أسعار المواد الغذائية، أثر سلباً على الأسر التي تسعى للحصول على الطاقة والاستهلاك؛ مما يؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي والفقر.
ووفق ما أورده التقرير لا تزال آفاق الاقتصاد الكلي لعام 2023 غير مؤكدة إلى حد كبير، بالنظر إلى القيود المفروضة على تصدير النفط، ومفاوضات الهدنة الجارية، مؤكداً أن الاستقرار الاقتصادي على المدى القصير يعتمد بشكل كبير على تدفقات العملة الصعبة التي يمكن التنبؤ بها والمستدامة والتطورات السياسية – العسكرية
هدنة هشة وازمة انسانية
بالرغم ان الحرب قد تراجعت وتيرتها تدريجيا لكن يرى مراقبون ان الوضع الامني والميداني مايزال هشا في ظل تعنت المليشيا الحوثية وعدم جديتها في المضي نحو السلام بالأضافة الى تضاعف الأزمة الإنسانية التي تعصف بحياة اليمنيين
وفي هذا السياق اجرت مؤسسة غالوب استطلاع في اليمن شمل عدة مناطق جغرافية بسبب المخاوف الأمنية المستمرة أو صغر حجمها أو بُعدها. هذه المناطق هي موطن لحوالي 23 ٪ من السكان.
كما يتضح من النسبة المئوية المرتفعة للذين يجدون صعوبة في توفير الغذاء، هو أن الحرب أدت إلى تدمير النظم الغذائية في اليمن، مما أدى إلى مستويات غير مسبوقة من الجوع. تعد استجابة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في اليمن هي الأكبر في العالم.
ويعاني 4 من كل 5 يمنيين من كبار السن من مشاكل صحية مزمنة: حيث تعرضت الخدمات الصحية في اليمن لضغوط شديدة خلال النزاع.  تتكرر تفشي الأمراض – بما في ذلك الكوليرا والدفتيريا ومؤخرًا كوفيد -19.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما يقرب من نصف جميع المرافق الصحية في البلاد خارج الخدمة أو تعمل بشكل جزئي فقط.
في أحدث استطلاع للرأي، قال أكثر من واحد من كل أربعة يمنيين عمومًا (28٪) إن المشكلات الصحية تمنعهم من القيام بأشياء يمكن لأشخاص آخرين في سنهم القيام بها.
إذ تؤثر الأزمة الصحية في اليمن بكبار السن بشكل خاص؛ حيث زعم حوالي أربعة من كل خمسة يمنيين في سن الخمسين وما فوق (79٪) أنهم يعانون من مثل هذه المشاكل الصحية المزمنة، وهي أعلى رقم بين هذه الفئة العمرية في أي بلد في العالم.
ويعتقد ثلثا اليمنيين (67٪) أن اقتصادهم المحلي يزداد سوءًا، و(12٪) ان الإقتصاد ينكمش ويزداد سوءا بسبب انخفاض الريال اليمني، والتضخم المرتفع، والاعتماد الكبير على الواردات. علاوة على ذلك، أعاقت هجمات الحوثيين على البنية التحتية لتصدير النفط في البلاد العام الماضي قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية.
امل انهاء الحرب

ومع قناعة اليمنيين باستبعاد الحل السياسي والدخول في مفاوضات حل مباشرة الا ان هناك بصيص امل في إنهاء الصراع في اليمن ولوعلى المدى الطويل بسبب التقارب السعودي الإيراني وتوجه المجتمع الدولي لوقف الصراع في اليمن حيث أتاح اتفاق السلام الأولي في اليمن لتدفق واردات الوقود بحرية أكبر عبر ميناء الحديدة، وأعيد فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية. وانخفضت الوفيات بين المدنيين والنزوح الداخلي، وكذلك انخفضت أسعار السلع الأساسية.
كما وافق التحالف بقيادة السعودية والحوثيين على تبادل الأسرى، وهو ما يأمل الكثيرون أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
ومع ذلك، فإن قائمة المخاوف الإنسانية العاجلة في اليمن طويلة. إذ لا يزال ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للناس الغذاء والصحة والسلامة يمثل تحديًا هائلاً لمجتمع الإغاثة الدولية، كما أن ضمان التقدم نحو السلام لايزال بعيداً كل البعد مع رفض المليشيا لكل الحول وطرحها لمطالب اضافية جديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى