مقالات

الخنفشارية ليست برهانا

امين عام حزب الرشاد اليمني
بقلم / د.عبدالوهاب الحميقاني *

والعلم الشرعي ليس حكرا على أحد
لكنه تخصص يتحلى به كل من تأهل بالعلوم الآلية والغائية المتعلقة به
فقولنا فلان فقيه أو محدث او مؤرخ او مفسر أو نحوي أو طبيب أو مهندس أو شاعر أو أديب إلخ
تلقيب يحتم على صاحبه معرفة عامة مسائل العلم أو الفن
الذي حواه اللقب
مع التحلي بملكتي الاستحضار والاستحصال لقضاياه
لأن اللقب المعرفي ما هو إلا عنوان لأوصاف وملكات علمية يتحلى بها الملقب
وإلا كان مدعيا لقبا أجوف مطية لتعالمه وتغطية لمركب جهله
والضابط لإخراج أي شخص من تخصص علمي أو معرفي يزعمه يكون بأحد أمرين
■ أن يخالف في قضية كلية أو أصل عام للتخصص
■أن ينقض التخصص في جزئيات كثيرة متعددة يصبح لها حكم الأصل والكلية
مثال الطبيب
لو قام بعلاج واحد أو عملية واحدة لا تتفق من قريب ولا من بعيد مع أسس وقواعد الطب كمن يستأصل القلب من مريض بحجة أن فيه سرطان
فهذا يخرج من مهنة الطب ويحاسب ويضمن لأنه خالف أصول الطب الكلية ولو في عملية واحدة
وكذا الطبيب الذي عمل عمليات كثيرة في أكثرها مخالفات طبية جزئية
أو وجدوا من خلال تتبع سجله الطبي كثيرا من عملياته فاشلة أو له مخالفات في العلاجات التي يقررها
فهذه الاختلالات الجزئية يصبح لها حكم الأصل والكلية وتخرجه عن مهنة الطب وتخصصه
فكيف بمن يزعم التخصص في فن يخوله التصدر بالكلام في فروع الشريعة وأصولها وعلومها والقول على الله بغير علم
مخالفا مناقضا لأصول هذا العلم وكلياته وما لا يحصى من فروعه وجزئياته
فكيف بمن لا يضبط العلوم الآلية والغائية التي يقتضيها التخصص به
فما بالك بمن لا يعرف عمل حرف الجر ولا مواضع همزة القطع من همزة الوصل من لغة العرب مما يدركه طويلب الآجرومية ومتممتها
🎯فلا يكفي في كون المسألة المعروضة حقيقة علمية صياغتها بقالب أدبي أو تعبيري منمق ولو كان رائعا
بل الحقيقة والعلم في أي فن هو معرفة قضاياه كما هي مع صحة البرهان والدليل وصحة التدليل والتعليل على قضاياه
وإلا كانت المسائل المعروضة عارية عن الحقيقة
بعبارات خنفشارية برهانها مجرد رص الكلمات
وربطها بإغراب وإلغاز إيهاما للسذج بعمق المعرفة واتساعها
🎯فقد حكي أن رجلاً متعالما فصيح اللسان كان لا يسأل عن شاردة ولا واردة إلا ويجيب عنها
فقيل إما أنه بحر علم وإما متعالم
فاتفقوا على امتحانه
فابتكروا كلمة لا معنى ولا وجود لها في لغة العرب وهي كلمة ( خنفشار )
فسألوه عن معناها
فأجاب دون تردد :
الخنفشار نبات طيب الرائحة ينبت في اليمن
وهو نبات يعقد ضرع البهيمة إذا أكلته فلا يخرج حليبها
قال الشاعر:
لقد عقدت محبتكم فؤادي ..
كما عقد الحليب الخنفشار
وقال الأطباء فيه كذا وكذا ….
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقام إليه أحدهم ووضع يده على فيه
وقال : حسبك
لقد كذبت على أهل اللغة وعلى الشعراء وعلى الأطباء فلا تكذب على الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
🛑واليوم ما أكثر هذا الصنف في حياتنا
إذ نشكو من تزاحم الخنفشاريين في ساحات الفنون والمعارف والأعمال والتكاليف
فتفقد من حولك في الفتاوى والدين في السياسة والإدارة في الاقتصاد والمهارة …إلخ
في الفيس والواتس في الصحافة والتلفزة ..إلخ
ستجد أمامك لا محالة خنفشاري إن لم يكن أكثر
 
* أمين عام حزب الرشاد اليمني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى