مقالات

الخيارات والبدائل الغربية لما بعد سقوط الأسد

أحمد الجحيفي كاتب يمني
أحمد الجحيفي
كاتب يمني

 لقد ادرك الغرب منذ إنطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية في 17 فبراير ومع بداية المواجهات المسلحة للنظام أن سقوط الأسد ونظامه أمر محتوم ومع استعار المجازر التي أرتكبها نظام الأسد ضد المتظاهرين السوريين بصورة وحشية وشعور السوريين بالخذلان وعدم الجدية من الغرب والمجتمع الدولي تجاه ثورتهم صارت الحلول والخيارات السياسية ـ على غرار ما حصل في تونس ومصر واليمن ـ ضرباً من المستحيل في احتواء وتوجيه هذه الثورة نحو المصالح الغربية ومخططاتها في المنطقة. كما ان حلفاء النظام ـ إيران وروسيا والصين ـ يدركون ذلك جيدا.

ومع هذه الطفرة الثورية التي فاقت التوقعات وخلطت أوراق الساسة الدوليين وجعلت الغرب والمجتمع الدولي يعيد ترتيب اوراقه من جديد كان لا بد من استحداث وإعداد خيارات بديلة وتنفيذها على أرض الواقع للسيطرة على الوضع والأخذ بزمام المبادرة وخاصة في ظل التصاعد الملحوض والمؤثر للقوى والجماعات الإسلامية على مسار وتوجه الثورة وهو الأمر الذي بات يقلق الغرب وحلفائه من الانظمة العربية.

 والمتابع للأحداث والمتغيرات في الثورة السورية أن ثمة خيارات طرحت ونفذت على أرض الواقع وأخرى ما زالت قيد الإنشاء وفي هذا لعرض المختصر نسلط الضوء على ابرز هذه الخيارات.

 1 ـ خيار إحتواء وإعداد قيادات عسكرية باسم الجيش السوري الحر وذلك لأن طابع المقاومة العسكرية المسلحة هي السمة البارزة في الثورة السورية غير أن هذا الخيار سرعان ما تلاشى مع تصاعد العمليات النوعية للجماعت الجهادية الإسلامية في الميدان وانخراط غالبية المقاتلين والثوار السوريين في هذه الجماعة وهو ما عزز من نفوذها وانتشارها على الأرض وبعد أن تشكلت “الجبهة الإسلامية ” في 5 ديسمبر 2013 والتي ضمت أكبر الفصائل والجماعات الإسلامية المقاتله هناك أعلنت ” أمريكا ” توقيف دعمها للجيش تحت ذرائع وأعذار واهية وفي حقيقة الامر أن ذلك إشارة واضحة على فشل هذا الخيار الذي أثبت عدم جدارته على الأرض والبحث عن خيار آخر.

 ـ الخيار السياسي: والذي تمثل بتشكيل معارضة الخارج والمؤتمر الوطني السوري وغيرها من التشكيلات السياسية المعارضة إلى تشكيل إئتلاف المعارضة السورية بقيادة أحمد الجربا ومن على شاكلته من معارضة الخارج باعتبار هذا الإئتلاف هو الممثل الشرعي الوحيد للسورين وهي خطوة استباقية لصياغة مستقبل سوريا السياسي السياسة لما بعد سقوط الأسد على الطريقة الغربية.

 ـ خيار الأرض المحروقة والمتمثل بالتغاضي المتعمد والتجاهل لمجازر وجرائم الحرب التي يرتكبها الأسد ومنحه الضوء الأخضر من خلف الكواليس لاستخدام الأسلحة المحرمة كما بينت ذلك صحيفة ” نيورك تايمز ” الأمريكية أن الحكومة وِالمخابرات الأمريكية كانت على علم مسبق باستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية .!! وهذا السكوت الغربي المتعمد تجاه هذه المجازر والدمار المتعمد للبنية التحتية والموارد الإقتصادية في سوريا هوتنفيذ لخيار ( الأرض المحروقة ) من أجل دولة مدمرة وفاشلة بعد سقوط الأسد تخضع للتبعية الغربية كما أن هذا الخيار فيه تفويت الفرصة على الجماعات الإسلامية المعارضة المسيطرة على الأرض .

 ـ خيار التقسيم : تقسيم سوريا أمر وارد وهو من الخيارات الإستراتيجية لإعادة بناء سوريا جديدة مقسمة وضعيفة وقد ظهرت ملامح هذا الخيار من خلال دعم وتشجيع الجماعات والأحزاب الكردية السورية لسيطرة على المدن ذات الغالبية الكردية كخطوة أولى لقيام أقليم كردي مستقل في سوريا على غرار إقليم كردستان العراق وقد بدأ الأكراد بالفعل ببسط نفوذهم على بعض المحافظات السورية كحافظة “الحسكة ” التي انتزعوها بالقوة من أيدي المقاتلين الإسلاميين وبعد ذلك قام نظام الأسد بتسليم بعض المدن والمناطق ” لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ” . ويتم الآن الترتيب لإقليم مستقل بالعلويين في منطقة الساحل لقيام دولة علوية تحت ذريعة حماية الأقليات وحرية تقرير المصير وبقية المناطق السورية سيتم تسليمها للعشائر والقبائل السورية كمحافظة الرقة ودرعا وغيرها من المحافظات ذات الطابع العشائري .

 ـ الخيار الدبلوماسي : ويتمثل في المؤتمرات واللقاءات والمفاوضات الدولية كمؤتمر أصدقاء سوريا ويتمحور هذا الخيار في ” جنيف 1 ” و ” جنيف 2 ” الذي يتم الترتيب له والذي سينعقد في 22 من الشهر الجاري . ويعد هذا الخيار الأشد خطورة على المستقبل السوري والذي من خلاله سيتم شرعنة وتمرير كل الخيارات السالفة الذكر وتجسيدها على الواقع.

 ـ خيار التدخل العسكري : وهو آخر الخيارات التي يتوقع حدوثه في حالة فشلت كل الخيارات والطرق السابقة في السيطرة على الوضع في سوريا تحت ذريعة الحرب على الإرهاب ودحر الجماعات المتطرفة وحماية الأقليات وترسيخ الديمقراطية وغيرها من المبررات وقد بدأت وحدات عسكرية تركية تابعة لحلف الناتو في الانتشار على الحدود التركية السورية بحجة حماية الحدود كما أن نخبة من قوات المارينز الأمريكية قامت ببناء قواعد لها في الأردن وشهدت الآونة الأخيرة تكثيف للوجود العسكري الإسرائيلي في الجولان المحتله ناهيك عن الاساطيل الحربية الروسية الرابضة على ميناء طرطوس والمياه الإقليمية السورية وغيرها من القوات البحرية التابعة لحلف الناتو المتواجده في المياه الدولية للبحر المتوسط والخليج العربي.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. خيار تأجيج الصراع بين الفصائل الإسلامية المقاتلة يدخل ضمنا تحت خيار التقسيم والخيار السياسي والدبلماسي .

  2. لماذا لم يذكر خيار الصراع الإسلامي الإسلامي بين الفصائل الإسلامية المقاتله كما هو الحال بين ( داعش ) وغيرها من الفصائل الأخرى .

  3. قد تكون سوريا حالة استثنائية لم يفهم الغرب طبيعة هذه الثورة التي قسمت العالم الى قسمين مؤيد ومعارض

زر الذهاب إلى الأعلى