هام

الرئيس العليمي يوجه خطاباً هاماً لأبناء الشعب اليمني – نص الخطاب

الرشاد برس ــــ متابـــــــــــــــــــعات بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب اليمني العظيم في الداخل والخارج:
أحييكم جميعاً باسمي وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بتحية الجمهورية، والحرية والاستقلال مع تهنئة مفعمة بالإكبار والاجلال بمناسبة أعيادنا الوطنية الخالدة، العيد الستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، والتاسع والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، والعيد الخامس والخمسين ليوم الاستقلال المجيد الثلاثين من نوفمبر، وهي تهنئة مخصوصة أيضاً إلى أبطال قواتنا المسلحة والأمن في مختلف ميادين البطولة والفداء.
هي أعياد عظيمة واستثنائية لشعب عظيم ومكافح، نتذكر فيها بكل اعتزاز وتقدير ذلك الرعيل من القادة الملهمين الذين حملوا مشعل التغيير، والحرية، ولنجدد لهم إننا على عهد دربهم وتطلعاتهم، وأهدافهم التنويرية والوطنية سائرين.
أيتها المواطنات أيها المواطنون الأحرار…
في حياة الشعوب أيام خالدة، يصنعها جيل مختلف من القادة، وتخلدها أجيال أوفياء من البشر مثلما تصنعون اليوم في مختلف الميادين، دفاعاً عن النظام الجمهوري، وإعلاء لقيم العدالة، والمساواة والكرامة الإنسانية، لذلك كانت أيام السادس والعشرين من سبتمبر، والرابع عشر من أكتوبر، والثلاثين من نوفمبر، وستظل أياماً خالدة بامتياز من تاريخ أمتنا العظيمة، الأيام التي صنعها عظماؤنا الأبطال بتضحياتهم الغالية، الأيام التي استجاب فيها القدر وانكسر القيد، وهزم الشعب السجان والمحتل فكانت نصراً عظيماً تحققت فيه أعظم وأغلى أمانينا.
يا ابناء شعبنا اليمني العظيم…
قبل ستين عاماً كانت هذه المنطقة العريقة من الأرض، أكثر زوايا المعمورة جهلاً وتخلفاً وأشدها بؤساً على الإطلاق، في ذلك العهد كان أقل من 10 بالمائة من الذكور ونحو واحداً بالمائة فقط من النساء يجيدون بالكاد القراءة والكتابة، إذ كان بلدنا مثالاً حياً لما تبقى من حياة العصور الوسطى في القرن العشرين، بينما كانت تسابق فيه المجتمعات الزمن للالتحاق بركب النهضة، والحرية، والعيش الكريم.
لذلك فإن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لم تكن موجهة فقط ضد نظام الحكم المتخلف، بل كانت من أجل الحياة والكرامة، والتفاعل الإيجابي مع متغيرات العصر، بناءً على تاريخنا العريق، الذي يريد الإماميون الجدد إعادة كتابته على أوجاع شعبنا، وتجريف هويتنا، حيث الإمام هو الدولة، وظل الله على الأرض، والقرآن الناطق كما يدعون.
إن التعليم العصري، هو شر مستطير بالنسبة للإمامة القديمة والحديثة، كما أن صحة المواطنين هي خدمة ريعية، لا حق إنساني منذ أن احال أحد أئمتهم مستشفى عامراً وسط صنعاء إلى دار لسعادته، وصولاً إلى اختبار جائحة كورونا الأخيرة التي حصدت ألاف الأرواح من خيرة أبناء شعبنا في ظل تمسك الجماعة الحوثية بخرافاتها بشأن المرض والشفاء.
لذلك فان كفاح شعبنا اليوم وخصوصاً أهلنا المقهورين في صنعاء، والمناطق الأخرى تحت نير الإماميين الجدد يعيد إلى الذاكرة نفس النهج، ونفس الأدوات التي بدأت بأنظمة الجباية والرهائن، والنهب مروراً بالتمييز والعنصرية السلالية الأكثر فجاجة، والانتهاكات الاشد فظاعة على مر العصور.
إن الإعدامات الجماعية، والسجون والمعتقلات التي نصبها الإماميون الأوائل صارت أوسع وأبشع في استهداف الرجال والنساء على حد سواء، و بإمكانكم أن ترون ممارسات المليشيا الحوثية اليوم في كل مكان لتدركوا أنها نفس الممارسات، ونفس الخرافات في مواجهة نفس التحالفات الوطنية ورجالها الأبطال، لذلك فإن كان هناك من مكان في هذا العصر ما يزال بحاجة إلى ثورة فهو دون شك محافظاتنا الخاضعة بالقوة لسيطرة المليشيا الحوثية، ثورة من أجل المواطنة المتساوية والعدالة، من أجل المستقبل الذي يستحقه شعبنا.
أيها الإخوة والأخوات الأحرار…
ما من نظام من أنظمة الحكم التي عرفها اليمن، إلا وقد كان لها معارضون ومنافسون، غير ان النظام الإمامي دون غيره كان مصيره الرفض القطعي، بوصفه نظاماً عنصرياً مستفزاً للكرامة والمشاعر الوطنية من خلال حكم استعلائي استبدادي مطلق لا يرى للشعب حقه في حكم نفسه بنفسه، ولا يعترف له بأي حق من الحقوق الإنسانية، ولا أظن أن بعض إخواننا المحيطين بقيادة هذه المليشيا ممن كانوا في صف الجمهورية سيفرطون بمواقف رجالهم وعلمائهم الراجحة إلى جانب النظام الجمهوري ومنطلقاته الوطنية الرافضة لفكرة الاصطفاء الإلهي والخرافات الإمامية، لهذا فحين تحول الآلة القمعية الناس إلى عبيد، فإن الأمل يمكن أن يأتي من الدوائر الضيقة للمستبدين لإحداث التغيير المنشود والانتصار للمظلومين والمغلوبين على أمرهم.
أخواتي وإخواني المواطنون…
لم تكن محض صدفة، أن انتقامات الإماميين الجدد ظلت تراودهم على مدى ستة عقود، لكن ثقتنا بكم لم تخذلنا ابداً في أن المعركة المتجددة التي نخوضها معاً ستفضي إلى نهاية مشرقة، انطلاقاً من مدينة عدن والمحافظات المحررة بعد هذه السنوات الموحشة من حياة شعبنا الصبور.
لقد قلنا على الدوام أن عدن تثبت يوماً بعد يوم وتجربة بعد أخرى، أنها قاعدة للحرية والنصر، وملاذنا جميعاً لاستعادة التعاف، واستئناف الخطى، وأن قلب هذه المدينة لا يخطئ أبداً بأن اليمن سيكون لجميع ابنائه دون إقصاء أو تهميش.
وليس ما تحقق من صمود خلال السنوات الماضية، إلا دليلاً على سحر هذا التداعي الشعبي المتوارث لواحدية الأهداف والمصير المشترك، ومن بين الشواهد أن عدن التي فتحت أبوابها لقادة الحركة الوطنية في الشمال هي نفسها التي تحولت اليوم إلى قلعة للصمود، وقاعدة للانطلاق نحو صنعاء، وها نحن ما لبثنا أن وفدنا إليها استقواء بها، ورجالها المخلصين.
لهذا على الرغم من كل هذه الظروف العصيبة، فإنني وإخواني في مجلس القيادة الرئاسي أكثر تفاؤلاً اليوم من أي وقت مضى، إذ أرى أن الحرية والمستقبل الأفضل هي قدرنا جميعا، نحن اليوم أفضل مما كنا عليه غداة انقلاب المليشيا الحوثية واستيلائهم على مؤسسات الدولة، وسنكون أفضل وأقوى في العام التالي، وحتى وأن طوقت المليشيا مجدداً بعض المدن والقرى، لكنها لن تفوز بقلوب اليمنيات، واليمنيين، ولن تنتصر في نهاية المطاف.
أيتها المواطنات، أيها المواطنون في كل مكان…
لقد عدت للتو من جولة خارجية جديدة، تحدثنا فيها للمجتمع الدولي سواء ضمن مداولاتنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو للأصدقاء الألمان، عن حقيقة وجذور هذه النكبة المكلفة التي صنعتها المليشيا الحوثية بحق بلدنا وشعبنا، خدمة لمشروعهم الوهمي وتغليبا لمصلحة النظام الإيراني التوسعية على حساب مصالح شعبنا وعلاقاته بمحيطه الخليجي والعربي.
لقد أوضحنا لهم أي سلام تريده المليشيا في القرن الواحد والعشرين. تريد سلاماً على نهج ولاية الفقيه ونظام الملالي في طهران، بما يضمن مكانة فوق الدولة لقادتها الذين يدعون الاصطفاء الإلهي، ويتبنون تصدير العنف ونهجاً عدائياً ضد السلام والتعايش المدني.
ولذلك عندما نذهب بكل ثقلنا نحو خيار السلام فلا يشُكن أحدكم أن في ذلك أي تفريط بالثوابت الوطنية ومبادئ النظام الجمهوري، ومرجعيات الحل الشامل المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصا القرار 2216.
لقد نصحنا شركاءنا الدوليين بتعلم الدرس وتفادي فداحة التكاليف التي يمكن أن تتسبب بها المليشيا عندما لا تجد ردعا حاسما لانتهاكاتها وتحديها لإرادة المجتمع الدولي، وقد كان سعيها لإغلاق طريق تعز الوحيد، واستعراضاتها العسكرية بمثابة عقاب للتراخي الدولي على مدى السنوات الماضية.
لقد أمضينا الأشهر الماضية لإثبات زيف المليشيا وواجهنا كذبها بالحقيقة وتحديناهم بالانحياز للناس، وها هو العالم بات مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى أن السلام لا يمكن له أن يأتي من عباءة هذا النوع من البشر.
ففي غضون الستة الأشهر من عمر الهدنة حطت عشرات الرحلات الجوية في مطار صنعاء الدولي ليستفيد منها حوالى أربعة وعشرين ألفاً من مواطنينا رغم المخالفات والقيود المفروضة على سفر غير الموالين للمليشيا، كما سهلنا لدخول أكثر من خمسين سفينة وقود إلى موانئ الحديدة محملة بأكثر من مليون وأربعمائة ألف طن من المشتقات النفطية، بينما رفضت المليشيا تنفيذ أي من التزاماتها المتعلقة بفتح طرق تعز والمدن الأخرى، ودفع رواتب الموظفين من عائدات الموانئ، لتكشف لكم وللعالم أجمع وجهها الحقيقي تجاه معاناة شعبنا التي باتت توصف كأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
لقد انتصرنا بصمود أسطوري عندما كان السلاح هو الخيار وسننتصر عندما يكون السلام هو المسار بثقة منكم، وبدعم لا نظير له من أشقائنا الشجعان في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
أيتها الأخوات والإخوة…
تواصل المليشيا الحوثية التي جعلت من فتح طرق تعز أصعب من تشغيل كل هذه الرحلات، نهجها المضلل ومحاولة توظيف المبادرات الإنسانية الحكومية كانتصار سياسي بالنسبة لها، وبدلاً من انجرارنا إلى إجراء عدائي ضد هذه الفوائد الإنسانية لمصلحة شعبنا، ذهبنا إلى استثناءات إضافية لتسهيل دخول سفن الوقود إلى موانئ الحديدة، ولن نتردد لحظة واحدة في الاستجابة إلى أي نداء إنساني من أهلنا المقهورين في مناطق سيطرة المليشيا.
وسنذهب في هذا السياق مع أشقائنا وأصدقائنا إلى دفع المليشيا الحوثية للتعاطي الإيجابي مع المبادرات الحكومية السابقة لسداد رواتب الموظفين في جميع أنحاء البلاد وفقاً للكشوفات التي كانت ما قبل الانقلاب عام 2014.
لم تكن الهدنة إذا هي الغاية وإنما استجابة إلى نداءات شعبنا والتخفيف من معاناتهم، بينما تصر قيادة المليشيا الحوثية على إغلاق طرق تعز ضمن عقابها الجماعي للمحافظات الرافضة لمشروعها الهدام، ومحاولة منها لإفشال أي جهود من أجل إحلال السلام والاستقرار في البلاد، ولكني أؤكد لكم أن طرق تعز وغيرها من المحافظات ستفتح عاجلاً أم اجلاً بالسلم أو بالإرادة الشعبية العارمة.
الإخوة المواطنون، الأخوات المواطنات في كل مكان…
مهما ذهبنا في مناسباتنا الوطنية والدينية بعيداً في تخليد وتذكر إيجابيات الماضي فسيكون لا بد من العودة إلى لحظة المكاشفة والحساب حول ما نصنعه في الحاضر، لنتحدث عن مجلسنا الوليد والواعد، مجلس القيادة الرئاسي الذي جاء استجابة لهذه التحديات المحدقة بنا جميعاً وفي المقدمة خطر الإمامة والإرهاب والجوع.
لقد قلت لكم في جميع مناسباتنا أن خيارنا هو النجاح، وأننا نستمد ثقتنا دائما من صبركم ووعيكم، بأن هذا المجلس ماض في تحقيق تطلعاتكم برغم التباينات المرتبطة بأولوياتنا المتمايزة على طريق استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، واستئناف العملية السياسية، ودورة الحياة الاقتصادية، والمشاركة الواسعة في إعادة إعمار وتنمية بلدنا المدمر.
بعد نحو ستة أشهر من العمل، يتضاعف الأمل في مختلف الاستحقاقات الداخلية، وعلى رأسها تحسين الخدمات، وتفعيل سلطات انفاذ القانون والعدالة، والإصلاحات الشاملة التي يسعدني أن أبشركم إنها ستثمر قريبا انطلاقا من مدينة عدن، وباقي المحافظات المحررة، ومنها مستشفى عدن العام الذي سيستفيد من خدماته المجانية أكثر من 500 ألف نسمة، إضافة إلى سد حسان في دلتا أبين الاستراتيجي لمزارعينا ومياهنا الجوفية، بينما ستحط رحالنا قريبا في باقي المحافظات الأخرى، لإطلاق عدد من المشاريع الإنمائية والخدمية الواعدة.
ومع ذلك فإن التحديات التي نواجهها اليوم كبيرة، وتتطلب منا العمل الجماعي في ظل الأزمات الاقتصادية المتشعبة داخليا وعالميا.
الأخوات المواطنات الأخوة المواطنون…
ما زلنا نرى أنكم على صواب فيما تذهبون إليه من نقد بناء لتقوية وحماية توافقنا القائم، وشد عزائمنا، وتأجيل خلافاتنا، والتفرغ لمواجهة كافة التحديات المتشابكة، وقد صارحتكم من قبل أن طريقنا صعب وشاق، وإننا نعمل على مدار الساعة، لنكون عند حسن الثقة والظن، للوفاء بوعودنا التي قطعناها لكم في خطاب القسم.
وفي كل الأحوال فلن يتقبل الإماميون المتربصون بنا جميعاً أي تقدم من أي نوع، لذلك علينا أن نظل حذرين ومتأهبين ومنفتحين على بعضنا، ومعترفين بأخطائنا ومظالم الماضي في الجنوب والشمال، لأن هذا هو بداية الطريق للإنصاف والتسامي فوق كل الجراح، والانتصار لأحلامنا العظيمة كما تجلت في أهداف وتطلعات جيل سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، وأيامنا الخالدة كلها.
أيها الإخوة والأخوات…
إننا ماضون في إعادة عمل كافة مؤسساتنا من الداخل، بدءً بمؤسستي الرئاسة والحكومة، وسنجتمع معا كمقاومين لمشروع الإمامة، والإقصاء والتهميش، وكلنا عزم وثقة بأن الحق سينتصر على مشروع إيران التخريبي وأدواتها الذين ظنوا في لحظة غفلة أنكم ستنحنون لهم، وأنهم سيبتلعون اليمن فتهوي المنطقة في دوامة الفوضى، لكنهم اخطأوا الحساب ووجدوا انفسهم في مواجهة شعب عظيم، وجيش صلب، ومن خلفهم اشقاء شجعان ما بخلوا يوما في التضحية والعطاء، وهذه هي اللحظة التي نلتقي فيها للتغلب على تحدياتنا، ليعود أيلول وتشرين كالصباحات الجميلة كما بدأت أول مرة.
كل عام وأنتم بخير،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى