مقالات

الرد المنتظر (عج) !

بقلم /احمد عبدالملك المقرمي
مرشد إيران يكرر التصريحات بأن طهران سترد بقوة ضد الكيان اللقيط انتقاما لانتهاك سيادتها .
عامة الناس، و حكومات ــ ما يسمونها ــ دول العالم الثالث ينامون و يصحون ــ كل يوم ــ و هم ينتظرون خروج الرد المنتظر (عج) !
مُغَيّبوا الشعب الإيراني ــ ممن غَيّبَتهم الخرافة ــ و من لَفّ لفهم في بلاد أخرى؛ ممن ألغى عقله، و حشا رأسه بالخرافات ؛ قد تطبعوا على طول الانتظار ؛ فهم في حال انتظار أمام السرداب لشخصية اختلقتها الخرافة، مما سمتها الإمام الغائب، والمهدي المنتظر، وأنه دخل السرداب سنة 260 من الهجرة، و مع مرور الزمن صدقها الأغبياء ، ولايزالون ينتظرون ، واستثمرها الأدعياء و لايزالون ينهبون ؛ و لذلك لن يمل هؤلاء من الانتظار حتى يخرج الرد المنتظر (عج) .
يشكك كثير من المراقبين في أن تقدم إيران على تنفيذ عملية كبرى، بل يذهب بعضهم إلى القول : إن من السذاجة المركبة، و الغباء المفرط أن يعتقد من يعتقد أن إيران سوف تبطش بطشة موجعة بالكيان اللقيط ، و من الغباء أن يظن من يظن أن الكيان اللقيط في حين أن ترمي طهران بقنبلة صوتية أن يرد الكيان الإرهابي بأقوى من قنبلة دخانية.
يمضي البعض الآخر ، قائلا : السلاح النووي، هو الخلاف الوحيد الذي يثير توترا بين التحالف الثلاثي واشنطن/طهران/ الكيان ـــ على ما كانوا من تحالف قديم ــ و ما عداه من قضايا فالتخادم الكبير ــ وبالذات مع واشنطن ــ واضحة للعيان، و ليست محصورة بإيران جت، و لا في الحرب على العراق، و لا في تَسَلُّم مليشيات إيران الحكم في بغداد عبر الدبابات الأمريكية ، و لا في تسليم العراق بعدها لإيران، و لا حين الحرب على أفغانستان، و لا في دعم و رعاية واشنطن لأذرع إيران في الوطن العربي.. الخ.
يتساءل مهتمون بخفايا العلاقة بين التحالف الثلاثي القديم إقدام الكيان الإرهابي على تنفيذ جريمة الاغتيال على الأرض الإيرانية، و أن نتن ياهو لم يُقدّر حُرمة العلاقة ( المستورة ) مع طهران، و هي علاقة لها تاريخ، و يَحِنُّ كلا الطرفين لإعادتها إلى ما كانت عليه ، و في صفوف الطرفين من يسعى جادا لتحقيق تلك الرغبة، و ما يسمى بإيران جت ــ يومها ــ لم تأت من فراغ.
و الواقع أن نتن ياهو أعماه حقده المعلن على كل الصُّعُد تجاه الفلسطنيين؛ إذ وجد فرصته الكبرى في تنفيذ إجرامه باغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، فتصرف تصرف أجداده عبر التاريخ في قتلهم الأنبياء، و خيانة كل المواثيق ، و ارتكاب كل موبق ومنكر، فلم يبال في أن يضع طهران في هذا الموقف الشديد الإحراج ، كما أنه لم يبال أن يقدم نوايا ، وحقيقة الكيان واضحة للمتهافتين على التطبيع، و أن قيمتهم تنتهي نهائيا عند طبع بصماتهم على ورقة التطبيع ؛ ليكملوا بعدها ما آل إليه أمر أبي عبدالله الصغير في غرناطة ..!!
قال بعضهم أن مجرم الحرب وجد مُتَّكَأً لتنفيذ جريمته على طرف في النظام الإيراني يرى في إعادة العلاقة يوما مع الكيان إلى سابق عهدها أهم من سيادةٍ انتُهكت، أو كرامةٍ دُنّست،أو أي شيئ آخر.
و حصر الحديث عند مجرد اختراق أمني، إنما هو إقرار بأن طرفا ما متنفذ هيئ أسباب تنفيذ الجريمة.
هذا الطرف اليوم هو من يتحدث في طهران عن أهمية عدم المغامرة في الـرد على حســاب ما سماه المكتسبات الوطنية ، و التي يجب أن توضع في أعلى مراتب الأهمية،و يُعَضِّد هذا الطرف بصورة مباشرة التهديدات الغربية، و قيامها بنشرأساطيل الدمار في المنطقة ؛ لحصر الجانب المتحمس للانتقام في إيران أمام مسألة السيادة و الكرامة، وأنها مسألة يمكن أن يأخذ فيها النظام و يعطي ..!!
بالمكشوف؛ واشنطن تعلن أن أمن الكيان الإرهابي من أمن أمريكا، وبدرجة أقل قليلا من هذا يعلم الجميع أن أمريكا لن تفرط بعصاها الأخرى الغليظة التي تتخادم معها في المنطقة، و التي تبتز بها العرب جميعا ــ و إن اختلف مستوى الابتزاز ــ و أن هذه العصا الغليظة قدمت، و تقدم خدمات بلا حساب.
النظام العربي، يمتلك الكثير من العصي الغليظة؛ لو أحسن استخدامها ، وأهمهـا أمــة تمتـد من المحيط إلى الخليج ، بل و ما وراء ذلك ، و لكانت له عصا غليظة تكسر كل العصي.
و في المقاومة الفلسطينية و قوتها، و عظمتها عبرة لو أن هناك من يلقي السمع و هو شهيد.
من حظ إيران أن محيطها العربي ترك لها مساحة واسعة للاستعراض، و إن شئت قلت أنهم أخلوا لها الساحة بسذاجة غير محسودة، و خدمة مجانية؛ وهاهي تقدم نفسها بصورة البطل المشار إليه بالبنان، وبأقل ثمن ..!! تبقى التوقعات حول الرد الإيراني بين ساخر يتساءل : متى يخرج الرد المنتظر (عج)؟ و آخر يتحدث عن رد مزلزل ! فيما آخرون يعيدون التذكير بنوعية الـــــرد في حــــادثة اغتيـال سليماني، و قصف القنصلية الإيرانية بدمشق.
الأمر الواضح الذي لا يعتريه الغموض أبدا هو فعل المقاومة الفلســــطينية التي توكلت على اللـــه، ثم اعتمدت على نفسها، و شقت طريقها بثبـات المؤمنين ؛ لتسجل معركة أسطورية لا نظير لها، و تاركـة لإخوانهـــــا حــــيرة قاتلة و للمتسلقين دور المناورة، و الاستعراض ..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى