الشرع: أحداث الساحل تهدد وحدة سوريا والعقوبات الأمريكية تعرقل الاستقرار
الرشادبرس/عربي
قال الرئيس السوري، أحمد شرع، إن الأحداث الأخيرة التي شهدها الساحل السوري تشكّل تهديدًا لجهوده الرامية إلى لم شمل البلاد التي مزّقتها الحرب، وتعهد بمعاقبة المسؤولين عنها، حتى وإن كانوا “أقرب الناس” إليه.
وفي حوار مع وكالة رويترز، حمّل الشرع جماعات موالية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، المدعومة من قوى أجنبية، مسؤولية إشعال الأحداث الدامية التي جرت في منطقة الساحل. لكنه أقر بوقوع أعمال قتل انتقامية في أعقاب تلك الأحداث.
وقال الرئيس: “سوريا هي دولة قانون، والقانون سيأخذ مجراه على الجميع”. وأضاف: “نحن خرجنا في البداية ضد هذا النظام، وما وصلنا إلى دمشق إلا نصرة للناس المظلومين. لا نقبل أن تُسفك هنا قطرة دم بغير وجه حق، أو أن يذهب هذا الدم سدى دون محاسبة أو عقاب”.
وفي مقابلة تناولت العديد من الملفات، أشار الشرع إلى أن حكومته لم تجرِ أي اتصالات مع الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه. كما كرر مناشدته لواشنطن برفع العقوبات التي فُرضت على بلاده في عهد بشار الأسد.
وأوضح الرئيس السوري أيضًا أنه لا يستبعد استعادة العلاقات مع موسكو، التي دعمت الأسد طوال الحرب، وتسعى للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين استراتيجيتين في البلاد.
ورفض الشرع انتقادات إسرائيل التي استولت على أراضٍ في الجنوب السوري بعد الإطاحة بالأسد، وقال إنه يسعى إلى حل الخلافات مع الأكراد، بما في ذلك الاجتماع مع قائد قوات قسد (سوريا الديمقراطية)، التي يقودها الأكراد وتدعمها واشنطن.
وحمل الشرع وحدة عسكرية سابقة موالية لشقيق الأسد وقوى أجنبية مسؤولية اندلاع العنف في الأيام الماضية، لكنه أقر بأن “أطرافًا عديدة دخلت الساحل السوري وحدثت انتهاكات متعددة”. وأكد أن ذلك “أصبح فرصة للانتقام” من مظالم مكبوتة منذ سنوات، لكنه أضاف أن الوضع قد تم احتواؤه إلى حد كبير منذ ذلك الحين.
وذكر الشرع أن 200 من أفراد قوات الأمن قُتلوا في الاضطرابات، بينما رفض الإفصاح عن إجمالي عدد القتلى في انتظار التحقيق الذي ستجريه لجنة مستقلة أعلن عنها الأحد الماضي.
وأقر الرئيس بأن العنف الذي شهدته البلاد في الأيام الماضية يهدد مساعيه في لم شمل سوريا. وقال: “الحدث الذي وقع منذ يومين سيؤثر على هذه المسيرة، وسنعمل على ترميم الأوضاع بقدر ما نستطيع”.
وأضاف أن موالين لبشار ينتمون إلى الفرقة الرابعة للجيش، بقيادة شقيقه ماهر، وقوة أجنبية متحالفة، هم من أشعلوا فتيل الاشتباكات يوم الخميس الماضي، بهدف إثارة الاضطرابات وخلق الفتنة الطائفية “لزعزعة الاستقرار والأمان داخل سوريا”.
ورغم أنه لم يحدد القوة الأجنبية المعنية، أشار الشرع إلى الأطراف التي خسرت من الواقع الجديد في سوريا، في إشارة ضمنية إلى إيران، حليفة الأسد، التي لا تزال سفارتها في دمشق مغلقة.
وقال الشرع إن الأمن والازدهار الاقتصادي في البلاد مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على نظام بشار الأسد، وأضاف: “لا يمكننا ضبط الأمن في البلاد والعقوبات قائمة علينا”.
وتابع: “لم يحدث أي اتصال مباشر بيني وبين إدارة الرئيس الأمريكي منذ حوالي شهرين، وأعتقد أن الملف السوري ليس ضمن أولويات الولايات المتحدة، وهذا السؤال يجب أن يُوجه إليهم. سوريا بابها مفتوح للتواصل”.
وفي الوقت نفسه، تجري سوريا محادثات مع موسكو بشأن وجودها العسكري في القاعدتين الاستراتيجيتين بالبحر المتوسط: طرطوس البحرية وحميميم الجوية. وقال الشرع إن موسكو ودمشق اتفقتا على مراجعة كافة الاتفاقات السابقة بين الطرفين، لكن لم يتوفر الوقت الكافي للخوض في التفاصيل.
وأضاف: “لا نريد قطيعة بين سوريا وروسيا، ولا نريد أن يكون الوجود الروسي في سوريا يشكل خطرًا أو تهديدًا لأي دولة في العالم. نحن نسعى للحفاظ على علاقات استراتيجية عميقة مع موسكو”.
وأشار الشرع إلى أهمية العلاقات مع روسيا، وقال: “كنا نتحمل القصف ولا نستهدفهم بشكل مباشر، حتى نفتح المجال لما بعد التحرير لعقد جلسات حوار بيننا وبينهم”.
ورفض الرئيس السوري التأكيد على ما إذا كان قد طلب من موسكو تسليم الأسد. وكانت روسيا حليفة لسوريا لعقود من الزمن، ومصدرًا رئيسيًا للوقود والحبوب.
وفيما يتعلق بالشمال الشرقي من البلاد، حيث تسيطر قوات كردية، قال الشرع إنه يسعى لحل عبر التفاوض، وإنه يعتزم لقاء قائد قسد، مظلوم عبدي، الذي قال إن أعمال العنف التي شهدتها البلاد مؤخرًا تبرر مخاوف الأكراد من فكرة اندماجهم مع القوات الحكومية.
وفي الجنوب، حيث دخلت إسرائيل وأعلنت عن منطقة عازلة من السلاح، قال الشرع إن التهديدات الإسرائيلية المتزايدة “كلام فارغ”. وأضاف: “هم آخر من يتحدث عن هذا، بعد أن قتلوا عشرات الآلاف في قطاع غزة ولبنان خلال 18 شهرًا مضت”.
المصدر: الأناضول