تقارير ومقابلات

الضربات الأمريكية ضد الحوثيين: تحول استراتيجي في الصراع وتداعياته الإقليمية والدولية

الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
في إطار التصعيد المستمر في النزاع اليمني، أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على شن ضربات جوية استهدفت مواقع تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية في عدة مناطق استراتيجية باليمن.
هذه الضربات التي جاءت بتوجيه من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، تُعدُّ تحولًا نوعيًا في النهج الأمريكي تجاه الحوثيين، وتأتي في سياق رد قوي على تهديداتهم المتزايدة ضد المصالح الأمريكية والدولية. وبالنظر إلى التأثيرات العسكرية والسياسية لهذه الخطوة، فإنها تثير تساؤلات حول تداعياتها على الأمن الإقليمي وأفق الحلول السياسية في اليمن.

تفاصيل الضربات العسكرية

بدأت الضربات العسكرية الأمريكية بتوجيه عدة غارات جوية استهدفت موقعًا حيويًا في العاصمة اليمنية صنعاء، تحديدًا في منطقة الجراف شمالي المدينة، وهي إحدى المناطق التي تمثل معقلًا رئيسيًا للجماعة الحوثية. هذا الموقع يتضمن مقر المكتب السياسي للجماعة، مما يعكس أهمية الضربات في استهداف قلب التنظيم العسكري والسياسي للحوثيين.

تتالت الضربات العسكرية على مدار عدة موجات، شملت مواقع تخزين الأسلحة في المناطق المحصنة في صنعاء، ووصلت إلى الضاحية الجنوبية لصنعاء، حيث منطقة جربان في مديرية سنحان. بالإضافة إلى ذلك، شملت الضربات مناطق في صعدة شمال البلاد والتي يُعتقد أن الحوثيين قد أنشؤوا فيها تحصينات جبلية لتخزين الأسلحة. كما تم استهداف مواقع عسكرية في ذمار والبيضاء ومأرب، إلى جانب ضربات في منطقة حجة شمال غرب البلاد.

الدوافع السياسية

من خلال البيان الرسمي للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، تبين أن الهدف من الضربات كان الرد على سلسلة من الهجمات الحوثية ضد المصالح الأمريكية في البحر الأحمر، والتي شملت الهجمات على السفن والطائرات والطائرات المسيّرة.
في سياق ذلك، شدد ترمب على أن هذه الهجمات الحوثية كلفت الاقتصاد الأمريكي والعالمي مليارات الدولارات، مشيرًا إلى أن استهداف حياة الأبرياء أصبح يشكل تهديدًا غير مقبول.

وألمح ترمب في تصريحاته إلى أن هذه الضربات تأتي في إطار رد عسكري قوي ضد من وصفهم بـ”الإرهابيين الحوثيين”. كما وجه تحذيرًا إلى إيران، متهمًا إياها بدعم الحوثيين بشكل مباشر، داعيًا إياها إلى وقف هذا الدعم فورًا، ومهددًا بإجراءات قاسية ضد طهران إذا استمرت في تهديد المصالح الأمريكية.

ردود الفعل المحلية والدولية

في إطار ردود الأفعال المحلية والدولية حمل وزير الإعلام ، معمر الإرياني، المليشيا الحوثية مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب، واتهمهم بأنهم اختاروا التصعيد تنفيذاً لرغبات النظام الإيراني.
ورأى الوزير الإرياني في أول تعليق حكومي على الضربات أنها «جاءت لتؤكد أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام التمادي والإرهاب الحوثي، وأن العالم الحر لن يسمح بأن يظل اليمن رهينة بيد إيران، وساحة حرب مستمرة لخدمة مصالحها. وقال: «على الحوثيين أن يدركوا أن عواقب تصعيدهم قد بدأت بالفعل، وأنهم وحدهم من يتحملون المسؤولية عن معاناة الشعب اليمني».
ورأى الإرياني: أن الحوثيين حولوا البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة، وقال إنهم «اختاروا التصعيد العسكري منذ البداية تنفيذاً للإملاءات الإيرانية، ومع كل هجوم إرهابي يشنونه على خطوط الملاحة الدولية، وكل معركة يفتعلونها تحت شعارات زائفة، فإن الشعب اليمني هو من يدفع الثمن».
وفي السياق ،قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، امس الأحد، إن الأمين العام دعا إلى «أقصى درجات ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية» في اليمن، وذلك بعد أن شنت الولايات المتحدة ضربات عنيفة على ذلك البلد.
وأضاف: «قد يؤدي أي تصعيد آخر إلى تفاقم التوتر الإقليمي وزيادة الإجراءات الانتقامية مما قد يزيد من زعزعة استقرار اليمن والمنطقة، ويشكل مخاطر جسيمة على الوضع الإنساني المتردي بالفعل في البلاد».
الى ذلك قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، إن الضربات أسفرت عن مقتل عدد من قادة الحوثيين الرئيسيين، وحذّر إيران قائلاً إن «الكيل قد طفح».
إلى جانب ذلك، يواصل المراقبون السياسيون التأكيد على أن الضربات العسكرية، رغم أهميتها في تقويض قدرات الحوثيين العسكرية، قد لا تكون كافية وحدها لحل الصراع بشكل نهائي. فالحل العسكري قد يعزز من الأمن المؤقت، ولكنه لا يعالج الجذور السياسية للصراع.

التقييم الاستراتيجي

يعتبر العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين أن الضربات العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة تُعدُّ تغييرًا استراتيجيًا في السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين.الاستاذ /صادق نبيل. باحث وصف هذه الضربات بأنها “مفاجأة ومؤلمة “، مشيرًا إلى أنها تعكس تحولًا في النهج الأمريكي من الرد المتأخر إلى الضربات الاستباقية التي تهدف إلى قطع الإمدادات العسكرية وإضعاف القدرات الحوثية على المدى الطويل.
ووفقًا للاستاذ صادق ، فإن هذه الضربات تُعتبر بمثابة بداية لمواجهة مباشرة مع إيران، حيث تمثل استهدافًا غير مباشر لأذرعها في المنطقة، لا سيما وأن الحوثيين يُعتبرون جزءًا من تلك الأذرع. وقد يكون لهذه الضربات تأثير كبير في الضغط على النظام الإيراني لتقليص دعمه للحوثيين.

تداعيات مستقبلية

تطرح الضربات العسكرية الأخيرة العديد من التساؤلات حول مستقبل الصراع في اليمن وتداعياته على الأمن الإقليمي. رغم أن هذه الضربات قد تكون موجعة للحوثيين، إلا أن البعض يرى أنها لا تمثل نهاية للصراع الدائر. قد تدفع هذه الضربات الحوثيين إلى التكيف مع الواقع الجديد من خلال زيادة التحصينات أو نقل أنشطتهم إلى أماكن أكثر سرية، مما يطيل أمد الصراع.

على المستوى الدولي، يُنتظر أن تستمر الولايات المتحدة في تعزيز الضغط على إيران وفرض المزيد من العقوبات على قادة المليشيا، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات في المنطقة بشكل عام. ومن المتوقع أيضًا أن تتزايد الضغوط على الحكومة الشرعية للعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل إيجاد حل سياسي مستدام.

تحرك متوازن

في ضوء التصعيد الأخير، تظهر الحاجة إلى إيجاد توازن بين الخيارات العسكرية والسياسية في التعامل مع الأزمة اليمنية. ورغم أن الضربات العسكرية قد تساهم في إضعاف قدرات الحوثيين العسكرية، إلا أن الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في اليمن يتطلب تحركًا دبلوماسيًا فعالًا، يشرك جميع الأطراف المعنية تحت مظلة المرجعيات الثلاث والقرارات الدولية ذات الصلة، مع الأخذ بالاعتبار الخيار العسكري ان لم تجدي الحلول الدبلوماسية.
وذلك من خلال تعزيز المبادرات الدولية الرامية إلى إحياء عملية السلام في اليمن، من خلال توجيه ضغوط على المليشيا بما في ذلك إيران، لضمان وقف الدعم العسكري والسياسي للحوثيين.
يتزامن ذلك مع تعزيز القدرات العسكرية لقوات الحكومة الشرعية قوات لاستعادة الأراضي والمناطق الحيوية من قبضة الحوثيين.ان فشلت الحلول السياسية .
ومن الاهمية بمكان أن تواصل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الضغط على إيران لتقليص دعمها للحوثيين وتخفيف التوترات في المنطقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى