العثور على أكبر بئر نفطي في العالم في الربع الخالي في اليمن ( تقرير )
منذ عدة سنوات ونحن نؤكد بمعلوماتنا المتواضعة للرأي العام المحلي وللمهتمين من الأشقاء العرب بالشأن الجنوبي، ما يعانيه شعب الجنوب أرضا وإنسانا من هيمنة واستبداد ومن نهب عبثي لثرواته السيادية كالنفط والغاز والذهب والثروة السمكية وغيرها، من قبل نظام الاحتلال اليمني المستبيح خيرات الأرض ومواردها الاقتصادية الهائلة.. وبرغم كل ما طرحنا وعرضنا من حقائق مدعومة بالبيانات والأرقام والصور والخرائط، إلا أن البعض كان وربما ما زال يشك في مصداقية تلك المعلومات حتى يومنا هذا الموافق منتصف شهر يناير من عام 2013م، وخصوصا عندما كنا نبين على خريطة شبه الجزيرة العربية والمستمدة من الأقمار الاصطناعية، بان الابحاث العلمية في مجال الدراسات الجيولوجية والاكتشافات النفطية، تشير إلى أن رمال صحراء الربع الخالي الممتدة من جنوب العراق شمالا وحتى مناطق واسعة من أراضي محافظات شبوة وحضرموت والمهرة جنوبا. حيث دلت تلك الدراسات التي اجريت بشكل تفصيلي بواسطة أحدث الطرق والوسائل العلمية المبتكرة في عمليات المسح الزلزالي الثلاثي والجيوفيزيائي وغيرها، على أن تحت رمال الكثبان الرملية لصحراء الربع الخالي، يوجد أضخم مخزون احتياطي للنفط الخام في العالم.
وهذه البحيرة النفطية تشكل حوضا رسوبيا كبيرا يمتد رأسيا على هيئة مثلث قاعدة في أرضي محافظات الجنوب (شبوة – حضرموت – والمهرة) ورأسه في جنوب العراق، (أنظر الخريطة رقم (1)). وتدخل ضمن هذا الحوض النفطي الكبير، أحواض فرعية متعددة ومتباينة في مساحتها وتقديرات حجم المخزون النفطي فيها، في كل من سلطنة عمان والأمارات العربية المتحدة ودولة قطر ومملكة البحرين ودولة الكويت، فضلا عن المخزون الاحتياطي الهائل في المملكة العربية السعودية والمقدر بحوالي 267 مليار برميل (42 مليار متر مكعب)، وهذا المخزون وحده سيكفي لمدة 100 عام من الإنتاج السعودي، كما جاء في تصريحات مساعد وزير البترول والثروة المعدنية السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، البالغ ما بين 9 – 12,5 مليون برميل يوميا (1).
اكتشاف أكبر بئر نفطي في العالم توجد في اليمن حقيقة أم أنها كذبة ثقيلة؟؟
تناقلت بعض وكالات الأنبا العربية والعالمية، ومواقع الكترونية كثيرة ومثلها من الصحف الرسمية والأهلية وبعض القنوات الفضائية المحلية والإقليمية والعالمية وغيرها من الوسائل الإعلامية، ما اذاعته القناة الفضائية الأمريكية (سكاي نيوز Sky News) يوم 8 يناير 2013م، عن اكتشاف أكبر بئر نفطي في العالم يوجد في اليمن Largest oil well in the world, Yemen.. وكان مضمون ذلك الخبر الهام على النحو الآتي:-
” تدخلت واشنطن مع سلطات اليمن لعدم كشف السر الكبير عن وجود اكبر بئر نفط في العالم تحت ارض اليمن ويوازي هذا البئر ابار النفط في السعودية وجزء من العراق وقد وضعت واشنطن ثقلها لإخفاء الخبر … كشفت «سكاي نيوز» محطة التلفزيون الاميركية، أن اكبر منبع نفط في العالم يصل الى مخزون نفطي تحت الارض هو في اليمن، ويمتد قسم منه الى السعودية بجزء بسيط على عمق 1800 متر، الا ان المخزون الكبير هو تحت ارض اليمن، ويُعتبر الأول في العالم، من حيث المخزون، واذا كانت السعودية تمتلك 34% من مخزون النفط العالمي، فان اكتشاف هذه الآبار من النفط في اليمن يجعل اليمن تمتلك 34% من المخزون العالمي الاضافي ” (2) . وبالإضافة إلى ما تضمنه هذا الخبر وما أثاره من ردود أفعال سياسية واقتصادية، ومن تفسيرات وتحليلات متباينة تنقصها الأمانة العلمية والمصداقية الحقيقية حول الموقع المكاني الذي توجد فيه هذه البئر أو الحقل النفطي، وحتى الصورة التي استعين بها على أنها صور خاصة للبئر النفطي، لم يستدل على مدى صحتها وهل هي بالفعل للبئر المكتشفة أم أنها صورة تمثيلة ليس إلا ؟؟ (انظر الصورتان (1 – 2).
وبالرغم من سرعة نفي وزارة النفط والمعادن اليمنية في 13 يناير 2013م (3)، إلا أن مثل هذا الخبر ما زال يكتنفه الشك والغموض ليس في مدى صحته من عدمه فحسب، وإنما فيما يراد به من قصد وأبعاد سياسية وأهداف اقتصادية ؟؟. والتي يمكن لنا عرض بعض الوقائع التي نعتقد من وجهة نظر خاصة بأنها من الادلة على صحة وجودها وهي:-
1- إذا تمعنا بمعاني العبارات الواردة في الفقرة الأولى والتي نصها (تدخلت واشنطن مع سلطات اليمن لعدم كشف السر الكبير عن وجود اكبر بئر نفط في العالم تحت ارض اليمن ويوازي هذا البئر ابار النفط في السعودية وجزء من العراق وقد وضعت واشنطن ثقلها لإخفاء الخبر !!؟.) وتذكرنا خطابات الرئيس المخلوع والتي كان يشير فيها إلى نضوب النفط في اليمن، ومنها خطابه بتاريخ 19/فبراير 2008م أثناء تدشين المرحلة الأولى لمشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال من ميناء بلحاف شبوة. وقارنا بين مزاعم تلك الخطابات وما جاء في تصريحات وزراء النفط والمعادن ومنهم هشام شرف الذي صرح لوكالة أنبا ” سبأ” وأكد (على أن قطاع النفط باليمن واعد وما تم التنقيب عنه لا يتجاوز 12% من الأراضي التي تم استكشافها والتي تعمل عليه شركات النفط (4). وعلى نفس الصعيد ( قال السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين إن التقارير التي تتحدث عن نضوب النفط في اليمن ” مبالغ فيها”(5) ). لاتضح لنا مدى توافق وصحة العبارة في سرية عدم كشف السر الكبير….؟؟ الذي التزم الرئيس المخلوع على ترديده والحرص على ما كلف به .. وفي نفس الحال نستدل على مصداقية التصريحات لوزير النفط وما جاء على لسان السفير الأمريكي من تأكيدات تتوافق إلى حد كبير مع ذلك الخبر.
2- تزامن تسريبات خبر اكتشاف أكبر بئر نفطي في اليمن من قبل قناة فضائية امريكية رسمية (سكاي نيوز)، في ضل الأوضاع المتفاقمة بالأزمات السياسية والصراعات التناحرية لمراكز القوى القبلية والعسكرية والدينية وحلفائها على السلطة في صنعاء، إلى جانب أن الخبر تضمن معلومات مهمة وخطيرة، خصوصا فيما يتعلق بعلاقة المخلوع علي عبد الله صالح بدول الشركات النفطية متعددة الجنسيات، والتي فتح لها أبواب النهب والاستثمار الوهمي على مصراعيه في الأراضي محافظات الجنوب. وربط ذلك بحادثة مسجد النهدين، ونتائج خروجه المهين من قمة هرم السلطة بتلك العملية القيصرية، التي اجريت بواسطة مشراط المبادرة الخليجية، وبرغم حصوله على الحصانة غير المقبولة قانونيا وإنسانيا، إلا أن إصراره العجيب والمستميت على عدم قبول مغادرة صنعاء للعلاج في الخارج، ورفضه المتكرر للعروض الأمريكية والبريطانية والايطالية والتركية والسعودية والاماراتية وربما (….)؟!!. إنما هو دليل واضح على تخوفه من نبش ونشر غسيل فضائحه مع الشركات العالية، وكشف علاقته بالصفقات السرية لعقود الامتيازات المبرمة مع الشركات النفطية العالمية، والتي حرص طوال فترة حكمه الدكتاتوري في إبعاد منافسيه عن كنوزه الثمينة وغنائمه الكبيرة، وعلى وجه الخصوص بعد نجاحه في تأدية مهمته العدوانية المكلف بها من قبل أطراف وقوى إقليمية ودولية لاحتلال واستباحة أرض الجنوب..
3- يعتقد أن هناك مخاوف سياسية لمراكز القوى الإقليمية والدولية، من التطورات المتصاعدة للمطالب السياسية لأبناء شعب الجنوب، وتوافق مختلف مكوناته ومنظمات مجتمعه المدني على أهداف قضيتهم المشروعة والمتمثلة أساسا بالتحرير والاستقلال واستعادة الدولة المغدور بها عام 1994م، وهذه المطالب تعد من وجهة نظر تلك القوى الإقليمية والدولية ووكلاء شركاتها العاملة في اليمن وبخاصة رموز السلطة وزعماء قبائلها المهيمنة، والتي تقاسمت معها حصص نهب ثروات أرض الجنوب، تعتبرها تهديدا مباشرا لمصالحها الحيوية، حيث يروج نظام صنعاء شائعاته الكاذبة والمغرضة على أن الجنوبيين إذا وقف المجتمع الدولي إلى جانب عدالة قضيتهم السياسية في استعادة دولتهم المستقلة، فإن مصالح الشركات النفطية وامتيازاتها غير المشروعة في محافظات الجنوب، ستفقدها لأن دولة النظام والقانون التي يناضل في سبيلها الجنوبيين ستضع ضوابط وإجراءات قانونية لعمليات الاستثمار وفق نظم ولوائح لا تسمح بها للنهب والاستنزاف للثروة النفطية كما حصلت عليه من قبل نظام صنعاء القبلي..
4- أن الهدف من تسريب مثل ذلك الاكتشاف الهائل وتحديد مكانه في المناطق الشيعية (شمال اليمن)، حسب بعض التحليلات قد ربما يحدث ارباك لدى النخب السياسية والقيادية في الحراك السلمي الجنوبي فيدفعها إلى مراجعة حساباتها، تحت خديعة أو كذبة أن مناطق شمال اليمن أكثر غناء بالمخزون الاحتياطي النفطي من أراضي الجنوب، وعند ذلك يمكن ترويض جماح قوى الحراك واستدراجها إلى مصيدة ما يسمى بالحوار الوطني، وقبولها ببقاء الوحدة المزيفة، وفي هذه الحالة يمكن للشركات ووكلائها الفاسدون الاستمرار في النهب والاستحواذ على مقدرات وخيرات أرض الجنوب هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، طمئنت شعب الجمهورية العربية اليمنية ومراكز قواها المتنفذة بأنها ستصبح دولة نفطية كبرى تنافس المملكة العربية السعودية.
5- يتساءل الكثير من المتابعون والمهتمون بالشأن اليمني عن أسرار اللعبة السياسية من الموقف الإقليمي والدولي المنحاز بدعمة ورعايته لنظام سلطة صنعاء الفاشلة، وتجاهله المتعمد لمطالب شعب الجنوب، بالإضافة إلى ظاهرة عرض خدمات مجلس الأمن الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية التابعة له، لإنقاذ اليمن من الانهيار الاقتصادي وتدخلها المباشر عبر مبعوثها الدولي (جمال بن عمر) وسفراء الدول الكبرى لنزع فتيل الصراع العسكري القبلي والطائفي، على أن هذا الاهتمام المثير للاستغراب هو: اهتمام ليس حبا لليمن واستقرار أوضاعها السياسية والاقتصادية ابدا، وإنما هو اهتمام له علاقة بمصالح دول الشركات النفطية بالثروات المنهوبة، والتي من مصلحتها انتهاك السيادة اليمنية والتدخل المباشر بشؤونها الداخلية، وجعلها سياسيا واقتصاديا تحت الوصاية الإقليمية والانتداب الدولي ؟!…
6- ولكي يكون ذلك الاكتشاف العظيم فاعليته في تأجيج بؤر الصراع الطائفي في مجتمع قبلي تقليدي متخلف، فقد حرص المخرج على أن يحدد بعناية فائقة مكان الاكتشافات النفطية في منطقة حساسة تتوافر فيها العوامل القابلة للانفجار والاشتعال عبر ريموت الكونترول الدولي، وذلك باستخدام زر الصراعات الطائفية في الوقت المناسب ؟!. حيث جاء بالنص ( اما المشكلة الجوهرية في اليمن، فهي ان 34 إلى 37% من سكانها هم شيعة، والبقية هم من السنّة، ومناطق الآبار تقع في مناطق الشيعة لدى الحوثيين الذين تدعمهم ايران. ولذلك فالصراع على الطاقة في الـ20 سنة القادمة سيكون كبيرا بشأن طاقة اليمن، والصراع بين موسكو وواشنطن على استثمار النفط في اليمن(6)). ومثل هذا التحديد (مناطق الشيعة) والتي هي في الغالب تشمل محافظات حجة وصعدة وأجزاء واسعة من محافظتي عمران والجوف، تعد في طبيعتها من المناطق الجبلية المرتفعة وفيها بعض الأحواض السهلية المنخفضة والمحصورة بين السلاسل الجبلية، والتي وأن وجدت فيها رواسب خام النفط، فأنها من الناحية الجيولوجية لا يمكن أن تحتوي على ذلك المخزون الهائل من المكامن الحاملة لكمية النفط المبالغ فيها.
وإذا افترضنا جيولوجيا على أن الآبار النفطية المكتشفة حسب ذلك المصدر المشكوك فيه، توجد أساسا في الأجزاء الصحراوية الواقعة إلى الشرق من محافظة الجوف والتي يدخل ضمن مساحتها هامش صغير من رواسب الكثبان الرملية المتصلة بالحوض الرملي العظيم لصحراء الربع الخالي، فأن الاحتمالات العلمية المعتمدة على خرائط المسح الجيوفيزيائية وصور الأقمار الاصطناعية حسب اعتقادنا، لا تتوافق مع نتائج الاستكشافات النفطية القديمة والحديثة والتي اظهرت خرائطها المتعددة على أن هناك ثلاثة أحواض رئيسية هي: حوض مأرب الجوف شبوةMarib juf Shabwah Basin وحوض سيئون المكلا Sayywn Mukalla Basin وحوض الجزع Jeza Basin في محافظة المهرة، والتي يمكن توضيحها في الخريطة رقم (2).
ومن خلال المعطيات والادلة التي أمكن لنا عرضها، نعتقد بأن المشهد السياسي القائم اليوم في اليمن، وما وصلت إليه الأوضاع بصورة عامة من تدهور وتدخل سافر وهيمنة إقليمية ودولية، إنما هو محاولات استباقية لمراكز النفوذ والاطماع الدولية المتعددة في تقاسم تركة الرجل المحروق أن صح التعبير، وفي الوقت نفسه أثارة الفوضى وخلط الأوراق وعكس الحقائق وتضخيمها بهدف تعميق مشاعر العداء والخصومة بين سكان الجمهورية العربية اليمنية وأشقائهم الجنوبيين سكان (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) المغدور بها في وحدة الضم والإلحاق حسب الوصف الرسمي لنظام الاحتلال.
المصدر : شبطة الطيف