القرصنة في البحر الأحمر ..واثرها على الملاحةالبحرية والإقتصاد الوطني
الرشاد برس | تقرير /صالح يوسف
تستمر المليشيا الحوثية بتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر حيث انتقلت للقرصنة المباشرة للسفن التي تعبر باب المندب، بعد أن كانت تكتفي باستهدافها بالزوارق المفخخة وتعطيلها، وزرع الألغام البحرية.
وتسعى إيران عبر مليشيات “الحوثي” لتحدي الدول الأخرى، عن طريق دعم الحوثيين في عمليات القرصنة تجاه السفن التجارية المارة بباب المندب بحجة محاربة اسرائيل وفك الحصار عن غزة
وتتزايد المخاطر والتهديدات التي تهدد أمن الملاحة في البحر الأحمر، مع استمرار سيطرة مليشيات الحوثيين على شريط طويل من الساحل الغربي للبلاد، بالإضافة لموانئ الحديدة، التي يتخذون منها منطلقا لأعمال عدائية ضد سفن الشحن والناقلات المختلفة.
وفي إطار سعي إيران لتقويض الأمن المائي في مضيق باب المندب، تقوم المليشيا الحوثية باعمال قرصنة لتثبت هيمنتها على منطقة جنوب البحر الأحمر وتثبت ايضا انها الحارس الأمين لإيران وذراعها القوي في منطقة جنوب البحر الأحمر وعززت واقعة احتجاز المليشيا لسفينة شحن في البحر الأحمر، المخاوف من مدى تأثير تلك الأحداث وما يرتبط بها من تهديدات مُتكررة باستهداف السفن التجارية وبينما جددت المليشيا الحوثية “ذراع ايران في جنوب البحر الاحمر”خلال الأسابيع الماضية تهديدات باستهداف السفن ، فإن تصاعد تلك التوترات من شأنه أن يثير مزيداً من المخاطر في هذا المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للتجارة العالمية، بما في ذلك تأثيرات محتملة على أسواق النفط وكلفة الشحن وعلاوة المخاطر، فيما يخص الأمن البحري في المنطقة.
فإلى أي مدى يُمكن أن تصل تداعيات تلك التطورات الحالية والمحتملة في هذا السياق لجهة التأثير الاقتصادي وتهديد الممرات المائية المهمة التي تمثل عصب حركة التجارة..
آثار كارثية
ان اثار القرصنه البحرية جنوبي البحر الأحمر وخليج عدن لها تداعيات كارثية على الاقتصاد وعلى الأمن الاقليمي للدول المطلة على البحر الأحمر إذ أن معظم احتياجات البلاد الغذائية والتموينية يتم استقبالها عبر موانئ غربي البلاد -الخاضعة للحوثيين- على ساحل البحر الأحمر حيث الكثافة السكانية العالية ان ارتفاع الأسعارتدفع المخاوف بشأن المخاطر المحتملة للشحن في البحر الأحمر إلى أن تقوم شركات التأمين برفع أسعار التغطية للسفن التجارية التي تبحر عبر الممر الدولي. ومنذ 2014 ارتفعت بنسب متفاوتة تكاليف التأمين للسفن العابرة في البحر الأحمر بعد سلسلة الهجمات الحوثية على السفن قُرب المياه السعودية، والألغام المنتشرة، والقرصنة على السفنن إلا أن تكلفة المخاطر إلى حد الآن لازالت بسيطة،
ويقول خبراء الاقتصاد والتأمين البحري إن شركات إعادة التأمين تراقب الوضع، وسيأخذون هذا الخطر بعين الاعتبار عند تحديد شروط وأسعار التأمين على البضائع التي تتوجه إلى صنعاء أو تأتي منها .كما يتوقع الخبراء أن أسعار التأمين الحربي سترتفع بنسبة 100-300% للبضائع التي تمر عبر السواحل أو الموانئ اليمنية.ثانياً: حاجة إيران لمسرح عمليات جديدةفي جانب الأمن الإقليمي، فإن هجوم الحوثيين على الشحن يشير أيضاً إلى إما فتح جبهة بحرية جديدة لإيران في البحر الأحمر أو نقلها من الخليج العربي ومضيق هرمز إلى “باب المندب” وقبالة اليمن.حيث عادة ما كانت تركز الهجمات البحرية المماثلة على سفن الشحن نهجاً إيرانياً في المياه القريبة منها. فخلال العامين2021-2022قامت إيران بمضايقة أو مهاجمة أو الاستيلاء على ما يقرب من 20 سفينة تجارية ترفع علمًا دوليًا . لكن تراجعت عمليات الحرس الثوري في الخليج بعد توقيع إيران اتفاقاً مع السعودية في مطلع العام الجاري.وتحاول طهران تجفيف التوترات مع دول مجلس التعاون الخليجي، لأسباب اقتصادية وسياسية مع تراجع الآمال بشأن العودة للاتفاق النووي ورفع العقوبات المفروضة عليها، لذلك تحتاج إلى مسرح عمليات بحرية جديدة للضغط على المجتمع الدولي القبول باشتراطاتهاومن اهمها منطقة البحر الاحمر
ومن تلك المخاطر زيادة الوجود الدولي كما أنه وفي حالة إصرار الحوثيين على مواصلة عملياتهم الأمنية عبر البحر الأحمر، يُرجَح أن تستدعي هذه الممارسات وجودا عسكريا دوليا متزايداً قبالة اليمن بحجة مواجهة القرصنة البحرية.
رأي خبراء الطاقة والأمن الملاحي
ويرى خبراء في الإقتصاد والأمن المائي ان هذه التصرفات “القرصنة” في جنوب البحر الأحمر لها اثار كارثية كبيرة لن تخدم اليمن ولاحتى ابناء غزة اذا ان القرصنة على السفن التجاربة تستدعي التعاطف الدولي والأوروبي مع العدو الإسرائيلي وليثبت انه مستهدف من عدة جبهات
ويشير خبير اقتصادات الطاقة من باريس ، نهاد إسماعيل، إلى أن القرصنة الحوثية” للسفن التي تستخدم البحر الأحمر ليست جديدة، حيث استهداف ناقلات النفط والسفن التجارية، وقصف منشآت نفطية، هذه العمليات لها تداعيات خطيرة اقتصادياً وسياسياً، ولا يمكن تجاهل التأثير السلبي على اقتصادات الدول المحاذية للبحر الأحمر، وهو ممر بحري هام للتجارة العالمية ونقل الغاز والنفط.
وقال نهاد: “السعودية ومصر والأردن يتكبدون خسائر إذا تم تعطيل الملاحة، علاوة على خسائر قطاع السياحة، وأيضاً ازدحام السفن في الموانىء، اضف إلى ذلك صعود وتيرة مخاطر العلاوة الجيوسياسية التي ترفع أسعار النفط والغاز، وكذلك تكلفة الشحن البحري والتأمين البحري، كما يدفع ذلك إلى تجنب شركات الشحن البحر الأحمر وتلجأ لاستخدام طرق بحرية بديلة، مما يرفع التكاليف ويبطئ وصول البضائع والمواد المنقولة بحراً، ما يعني تعطيل سلاسل الإمداد البحري واللوجستيات”.
ويضيف خبير اقتصادات الطاقة: “الخوف الأكبر هو سيناريو إغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة وناقلات النفط والغاز، وإذا حدث ذلك سنرى تصاعداً في ارتفاع المخاطر وسعر نفط فوق 125 إلى 140 دولاراً للبرميل وصعوبة في الحصول على خدمات التأمين بسبب المخاطر”. وشدد نهاد إسماعيل، على أن تكلفة التأمين البحري منذ الحرب في أوكرانيا ارتفعت حوالي 25 بالمئة وقد تتضاعف إذا تكررت الاعتداءات والقرصنة في البحر الأحمر، وقد نرى تدخلاً عسكرياً أميركياً ليس فقط ضد الحوثيين بل أيضاً ضد إيران.
أما الباحث المصري في العلاقات الدولية محمد شعت قال : “أن جماعة الحوثي غير منفصلة عن إيران التي توظف القضية الفلسطينية لصالحها منذ عقود”، وأشار إلى أنه: “على الرغم من التهديدات المستمرة من جانب إيران بمحو إسرائيل فإنها لم تدخل معها في حرب مباشرة، وتحرك أذرعها كأوراق ضغط على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وفي النهاية يكون التفاوض مع إيران وتحقيق المصالح مع إيران”.
وأشار شعت إلى أن: “تكرار العملية مرهون برد فعل المجتمع الدولي والتفاهمات التي قد تتم بين الولايات المتحدة وإيران”، ولفت في الوقت نفسه إلى أن: “المعطيات حتى الآن تشير إلى الحرص على عدم التصعيد وتوسيع دائرة الحرب وهو ما يرجح السعي إلى الاحتواء عبر التفاهمات”.
الأزمة كبيرة ولا يدرك هؤلاء الحوثيين ما ورائها، فمنطقة البحر الأحمر تشكل موقعًا استراتيجيًا يحظى بالاهتمام والمراقبة الدولية، كونها نقطة تجارية رئيسية تربط القارات الشرقية بالغربية.
فمضيق باب المندب يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً حوالي 3 ملايين برميل نفط، أي نحو أربعة بالمئة من الطلب العالمي على النفط. كما ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا باستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره 21 ألف سفينة سنوياً، أي ما يعادل 10% من الشحنات والبضائع البحرية العالمية، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا، وفقًا للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.
التأثيرات بلا شك ستكون بالغة على أسعار النفط، وتوقع زيادتها حال استمرار هذه الهجمات، حيث ستعرقل التوترات في مياه البحر الأحمر عبور الناقلات النفطية إلى مختلف دول العالم وهو ما سيؤثر على الإمدادات في موسم الشتاء، الأكثر استهلاكا وحاجة للطاقة.
ارتفاع تكلفة التأمين على الشحن واللوجستيات عالمياً، مع اعتبار أن أهم مسار للسفن في العالم أصبح غير آمن.
التأثير على إيرادات قناة السويس المصرية، مع تحويل شركات الشحن مساراتها بعيدا عن البحر الأحمر وبالتالي قناة السويس، تجنبا لعمليات قرصنة أو هجمات مبنية على اعتقاد بارتباط هذه السفن بشكل مباشر أو غير مباشر بشركات أو رجال أعمال إسرائيليين أو يهود.
زيادة مسافة الطرق البحرية البديلة يعني استهلاك اكثر للوقود وزيادة مدة الشحن، وهو ما سينعكس مباشرة على زيادة أسعار السلع وبالتالي رفع معدلات التضخم عالمياً.
ما نستطيع أن نقوله أنه بعد استيلاء الحوثيين على السفن الإسرائيلية في تلك المنطقة، وزيادة تهديداتها، ستنتقل دائرة الصراع والتحالفات الدولية لمنطقة البحر الأحمر، ودخول الولايات المتحدة وإسرائيل في حرب تجارية مع إيران والدول المجاورة في تلك المنطقة.
شعارات زائفة
الحكومة الشرعية ابدت في حينها موقفها الواضح تجاه القرصنه البحرية وقالت على لسان وزير الإعلام ، معمر الإرياني،ق عبر حسابه على منصة “إكس”، إن “هذا العمل الإرهابي ليس له أي تأثير مباشر أو غير مباشر على الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، بل يؤثر بشكل مباشر على حركة التجارة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وقناة السويس، واقتصاديات الدول المشاطئة، وفي المقدمة جمهورية مصر العربية التي تواجه تحديات سياسية وإقتصادية، كما أنه محاولة لشرعنة الوجود الأجنبي في المضايق البحرية بالمنطقة بحجة حماية الممرات الدولية من أعمال القرصنة”.
وأضاف الإرياني أن “هذا العمل الارهابي امتداد لسلسلة المسرحيات الإيرانية الهزلية الممتدة من جنوب لبنان وصولاً لليمن، والتي تهدف إلى غسيل سمعة طهران، وما يسمى “محور المقاومة” والتشويش على حقيقة متاجرتهم طيلة عقود بالشعارات والخطب والعنتريات الفارغة عن فلسطين والقدس والأقصى، وكيف أنه عندما حانت ساعة الحقيقة ترك أهل فلسطين وغزه يواجهون مصيرهم منفردين أمام آلة البطش الاسرائيلية”، وفق تعبيره.
وتابع: “هذه القرصنة البحرية تثبت صحة تحذيرات الحكومة الشرعية طيلة السنوات الماضية من خطورة استمرار سيطرة مليشيا الحوثي، على أجزاء من الشريط الساحلي ومواني الحديدة الثلاثة، واتخاذها منطلقاً لعمليات القرصنة وتهديد السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية، وانعكاساته الخطيرة على أمن الطاقة والتجارة العالمية”
وأكد الإرياني أن “هذه الاعمال الإرهابية نتيجة مباشرة لتدليل المجتمع الدولي للمليشيا الحوثية منذ نشأتها، والضغوط التي مورست على الحكومة الشرعية لعدم حسم معركة استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب، بما في ذلك اتفاق السويد الذي أعاق تحرير محافظة الحديدة وموانيها، والتغاضي الدولي المتواصل عن جرائم المليشيا بحق اليمنيين، والصمت على استهدافها البنية التحتية لانتاج النفط في المملكة العربية السعودية، والذي دفعها للتمادي أكثر”.