تقارير ومقابلات

قبائـل مــأرب تـاريخ من النضال في مواجهة الكهنوت

مأرب

الرشادبرس

تاريخيا كانت مأرب رأس حربة في مواجهة النظام الإمامي الكهنوتي، ومطلقة الشرارة الأولى لثورة 1948م وشوكة في حلقه عصية عن البلع، وصخرة تحطمت عليها كل مؤامرات القوى الرجعية المتعطشة للتسلط.

واليوم أصبحت مأرب بمثابة القلعة الحصينة المعول عليها في حماية أحلام اليمنيين ومكاسبهم الوطنية ضد المشاريع الصغيرة.

لم تنتصر مأرب في معركتها العسكرية فحسب بل مثلت هرماً أخلاقياً، ضمن لها التربع على عرش تلك الفضيلة بعد انتصار رجالها على أنفسهم ورغباتهم الخاصة وانحيازهم إلى القضايا العامة.

تاريخ نضال

ما من شك أن قبائل مأرب بمختلف أسمائها ورموزها لها دور نضالي بارز وتضحيات مشهودة في مواجهة النظام الكهنوتي الإمامي البائد، فمأرب كانت ولم تزل سباقة في كل المواقف البطولية اليمنية، والشيخ الشهيد البطل علي ناصر القردعي فخر ليس لمأرب وحدها، بل لكل مواطن حر كرجل، وكثائر من أبرز ثوار 1948م.

كان رموز قبائل مأرب قادة ومددا للثوار في كل المحطات التاريخية، ففي عام 67م كان لهم دور بارز في فك حصار السبعين عن العاصمة صنعاء، وحين حاول الإماميون الالتفاف على الجمهوريين بصنعاء من الجهة الشرقية تصدت لهم قبائل مأرب وخاضت أشرس المعارك، ولا أحد يستطيع حصر رموز مأرب النضالية وقادة الملاحم الوطنية لكثرتهم.

السباقون في مواجهة الكهنوت

في معركة اليمنيين ضد الإماميين الجدد ” الحوثيين” كانت قبائل مأرب في مواجهة مع المليشيا في مشارف مديرية مجزر بالجدعان عام 2014م، وتدخلت وساطات قبلية تفضي بأن تنسحب القبائل شرقا إلى مأرب وتعود المليشيا، ولكن الانقلابيين توجهوا لحصار صنعاء في سبتمبر عام2014م وهنا استشعر الناس الخطر، أضف إلى ذلك نقض الانقلابيين للاتفاق باعتداءاتهم على بلاد الجدعان وتوغلهم بمفرق الجوف ومديرية مجزر.. وهنا هبت القبائل إلى الاستعداد العسكري والبدء بإقامة المطارح مطارح نخلا والسحيل وهناك رابط مشايخ مأرب بمختلف قبائلها ورموزها وأفرادها لأكثر من خمسة أشهر، وتصدر الشيخ المرحوم عبدالله بن حمد بن غريب العبيدي للمشهد رغم كبر سنه وإلى جواره أغلب مشايخ عبيدة ومراد والجدعان وجهم وآل عقيل والحدد وكل قبائل مأرب، وبعد مطارح نخلا توسعت قاعدة الرفض الشعبي وتم تأسيس مطارح الوشحاء وقبل ذلك نجد المجمعة وكان لها دور مفصلي في صد الحوثيين من الجهة الجنوبية بجبهة قانية.

يحسب لأبناء مأرب أنهم يكبرون في الملمات، ويتناسون كل خلافاتهم القبلية والسياسية، وأياً كانت تلك الخلافات، وفي الحقيقة فإن معظم خلافات القبائل غذاها النظام السابق خلال العقود التي حكم فيها.

القبائل والأحزاب وحدوا صفوفهم حين شعروا أن النظام الجمهوري في خطر، وأن كارثة وطنية تلوح في الأفق، بل أثبت المأربيون أنهم حماة الدولة والقانون وتواقون للعدالة والحرية والمواطنة المتساوية، وما مواقف قادة الأحزاب السياسية بمأرب الذين وحدوا مواقفهم وحددوها مسبقاً سوى ترجمة لإرادة الجماهير المأربية.

تحركات أبناء مأرب بمختلف ألوان الطيف الحزبي والقبلي تواصلت فأصدروا بيانهم المشهور الرافض للانقلاب وأعلنوا فك الارتباط مع صنعاء بعد أن أصبحت تحت سيطرة المليشيا الانقلابية، وقبل ذلك كانت السلطة المحلية بمأرب ممثلة بمحافظها اللواء سلطان بن علي العرادة قد قطعت جميع التعاملات مع الانقلابيين، وتمسكت بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي.

مواقف شيوخ وأفراد قبائل مأرب ومطارحهم الشهيرة بنخلا والسحيل ونجد المجمعة والوشحاء وتمسكهم بشرعيتهم وجمهوريتهم ستظل نقطة مضيئة في حياة اليمنيين في هذه الحقبة الزمنية المعاشة، تلك الصورة توضح تكامل مواقف المكونات في مأرب سلطة محلية وأحزابا سياسية وقبائل جميعها رفضت الانقلاب وانتصرت للشرعية والدولة.

رفض الخضوع

صمدت مأرب ووقفت حصنا منيعا أمام المشاريع الوافدة والعائلية ورفضت الخضوع، وكان لمطارح قبائلها موقف موحد سيدونه التاريخ كما سبقه من مواقف وتضحيات عظيمة، وذات الحال ينطبق على أحرار اليمن من كل المناطق اليمنية بمختلف الاتجاهات الأربعة الذين أرووا بدمائهم هذه الأرض الطاهرة، وكان لهم دور مشهود لن يجهله أحد أو يتجاهله، فمأرب بأهلها وكل من وفد إليها لحمة واحدة، وهم المعول عليهم في تحقيق المعجزات والمنجزات في إعادة النظام الجمهوري والانتصار للشرعية وإرادة الأمة اليمنية العظيمة.

انتصار للدولة

عرف عن مأرب دائماً أنها كانت تميل إلى الدولة، وها هي قبائل مأرب بكل أفخاذها ورموزها يقفون إلى جانب الدولة وينتصرون لها، ولعل الطبيعة المأربية ورغبتها الدائمة في الحياة في ظل دولة عادلة، قد جعل من مشايخ القبائل وأغلب أفرادها يغطون غياب الدولة خلال الثلاثين العام الماضية، وقاموا بالكثير من مهام الدولة والتي يأتي في مقدمتها حل المشاكل والنزاعات كواجب وطني وديني حسب الشيخ مبارك بن غريب.

سبتمبرنت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى