تقارير ومقابلات

الموت في جبهاتها أو الانتحار ، هكذا وضع المدنيين في مناطق المليشيا

الرشاد برس | تقرير / آواب اليمني

لا يكاد يمر يوم على المدنيين الساكنين في مناطق سيطرة الميليشيا الانقلابية دون أن تسمع أنباء عن حدوث حالات انتحار جديدة، وحتى لا نكون متحيزين ، لن نذهب بعيدا لإثبات ذلك ، بل ستثبت ذلك على لسان المليشيا نفسها ، إذ اعترفت في تقاريرها بتسجيل 152 حادثة انتحار خلال ستة أشهر فقط، لكن مراقبون يقولون أن العدد الحقيقي يفوق ما ذكرته المليشيا الانقلابية، وتحديدا في صنعاء و إب اللتين تتصدران أعداد الحالات الموثقة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :
ما السبب في إزدياد حالات الانتحار في مناطق سيطرة المليشيا الانقلابية ؟
سؤال يظل حائر في الاذهان ، لكننا ومن خلال هذا التقرير سنحاول الإجابة عليه وتسليط الضوء على خفايا تلك الارقام المرتفعة وحالات الانتحار الكثيرة ،
مصادر أمنية وطبية، أوضحت أن السبب الأول خلف تصاعد أعداد المنتحرين في مناطق المليشيا يعود إلى الضغوط المعيشية والنفسية الصعبة والمأساوية التي يعانيها السكان بفعل الانقلاب الحوثي وتوقف الرواتب وارتفاع نسب البطالة.
لكن تلك الارقام ليست حقيقة إذ يشكك مصدر أمني يعمل في مناطق سيطرة المليشيا في الأرقام المعلنة للحالات وقال في حديثه نقلا عن الشرق الأوسط :
ما تزعمه المليشيا من أرقام ليس دقيقا، لأن الكثير من الحالات لا يعلن فيها أقارب المنتحر عن الواقعة ويفضلون أن يجعلوا وفاته كأنها نتيجة حادثة عرضية خشية أن يلاحق أسرة المنتحر العار الاجتماعي».
مصادر محلية قالت أن معظم ضحايا الانتحار في صنعاء كانوا من الأشخاص الذين فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم بسبب جرائم وتعسفات ونهب الميليشيات الإرهابية ، وكانت إحصائية للمليشيا الانقلابية أكدت تسجيل أكثر من 152 حالة انتحار خلال النصف الأول من العام الجاري في أكثر من 10 محافظات واقعة تحت حكم الانقلاب.
وذكرت الإحصائية، التي أعدتها وزارة الداخلية التي تخضع لسيطرة الحوثيين ولم تنشرها كعادتها في وسائل إعلامها، أن حوادث الانتحار التي وقعت خلال نفس الفترة راح ضحيتها 152 شخصا بينهم 13 امرأة و9 أطفال.
وأشارت إلى أن أعداد المنتحرين الذكور بلغوا خلال فترة الستة الأشهر الماضية 130 شخصا تراوحت أعمارهم بين 18. و45 عاما.
صنعاء التي اجتاحتها المليشيا صيف 2014، لا تزال تتصدر قائمة المدن في حوادث الانتحار، تليها محافظات إب، والحديدة، وذمار، وتعز، وصنعاء المحافظة، وحجة، والمحويت، وعمران، وريمة، وصعدة ، وفق الإحصائية التي كشفت عن أن الانتحار بالأسلحة هو أكثر الطرق شيوعاً في حوادث الانتحار المسجلة، يليها الانتحار عن طريق الشنق، ثم الانتحار بالحرق بالنار، ثم السقوط من أماكن مرتفعة، إلى جانب الانتحار عن طريق تناول مواد سامة.
محافظة إب ، المحافظة المنكوبة بعد صنعاء ، لوحظ ارتفاع أعداد المنتحرين، إذ أفادت مصادر أمنية في المحافظة ، بتوسع رقعة حوادث الانتحار في أكثر من منطقة ومكان في المحافظة بما في ذلك تسجيل عشرات الحالات في المناطق الريفية والنائية والتي يصاحب الكثير منها عمليات تكتم شديدة من قبل أسر وذوي الأشخاص المنتحرين.
المصادر بينت أن أسباب الانتحار تعود إلى الوضع المعيشي البائس الذي وصل إليه المنتحر وغيره من اليمنيين الذين أقدموا سابقا على عملية الانتحار في المحافظة، قالت إن تلك الحادثة سبقها أيضا بأيام إقدام أربعة شبان من نفس المحافظة على الانتحار نتيجة قسوة الحياة ومرورهم بأوضاع معيشية
ويشير أغلب المراقبين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية إلى أن الممارسات القمعية والاضطهاد الذي تنتهجه الميليشيات هو السبب الأول لانتشار الانتحار في أوساط سكان المناطق الخاضعة للانقلاب.
وكان ناشطون وحقوقيون يمنيون حملوا في وقت سابق الميليشيات الانقلابية، مسؤولية تدهور الوضع المعيشي بسبب تفشي البطالة وانقطاع الرواتب والنهب الممنهج، وهي الأمور التي زادت من حجم الضغوط والالتزامات المعيشية في الوقت الذي يتنعم فيه قادة الحوثي بالمزيد من الأموال والعقارات.
ويرى باحثون إجتماعيون في صنعاء، أن دوافع حالات الانتحار سببها الظلم الذي تمارسه المليشيا تجاه المواطنين اقتصاديا وأمنياً واجتماعياً، إذ تعمدت الميليشيات قطع رواتب الموظفين، وهو الأمر الذي خلف مشاكل أسرية وضغوطاً اقتصادية أوجدت اختلالات نفسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى