تقارير ومقابلات

اليمن بين مطرقة الغارات الخارجية وسندان التمرد الحوثي: قراءة في أبعاد مقال الدكتور” العامري”

الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
في مقالة سياسية عميقة ومختصرة، يقدّم الكاتب الدكتور الشيخ محمد بن موسى العامري – حفظه الله – تشخيصًا دقيقًا للحالة اليمنية الراهنة، حيث تتقاطع التدخلات الخارجية مع الانقسامات الداخلية، في مشهد يختزل حجم الكارثة التي لحقت بالوطن والمواطن منذ انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من إيران عام 2014. يضع المقال النقاط على الحروف في تحميل المسؤوليات، ويُبرز أبعاد التخادم الإقليمي الذي حوّل اليمن إلى مسرح مفتوح للدمار، ويخلص إلى دعوة وطنية عاجلة لإنقاذ ما تبقّى من الدولة ومقوّمات الحياة.

استهداف ممنهج للحياة المدنية

يبدأ المقال بتسليط الضوء على التطور الأخطر في مسار الحرب اليمنية، وهو الغارات الجوية العدوانية التي نُسبت للكيان الصهيوني، والتي استهدفت منشآت حيوية وخدمية في عدد من المحافظات، من بينها ميناء الحديدة، ومطار صنعاء الدولي، ومحطات الكهرباء، ومصانع الإسمنت.
هذه الضربات لم تكن مجرد عمليات عسكرية عابرة، بل اعتداءات استراتيجية استهدفت شرايين الحياة اليمنية، وألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية المتهالكة أصلاً بفعل الحرب الطويلة.
ويؤكد الشيخ الدكتور – حفظه الله – أن منشآت الخدمات ليست أهدافًا عسكرية، بل ترتبط مباشرة بحياة ملايين اليمنيين. واستهدافها يفاقم المعاناة الإنسانية، ويجعل المواطن اليمني الحلقة الأضعف في صراع تتشابك فيه المصالح والأجندات.

انتهاك للقانون الدولي

ويصف المقال هذه الغارات “الإسرائيلية” بأنها انتهاك سافر لكل القيم الدينية والإنسانية، والقوانين والأعراف الدولية. وهي إدانة صريحة لاستهداف الأعيان المدنية، بما يخالف اتفاقيات جنيف وميثاق الأمم المتحدة، ويضع الكيان الصهيوني في خانة المعتدي وفقًا لأحكام القانون الدولي.

مليشيا الحوثي: المحرك الرئيسي للفوضى

لا يكتفي المقال بإدانة الخارج، بل يُحمّل مليشيا الحوثي الإرهابية المسؤولية المباشرة عن انحدار اليمن إلى هذا الوضع الخطير. فمنذ انقلابها في سبتمبر 2014، بدأت سلسلة من القرارات الطائشة التي رهنت البلاد لقوى خارجية.
ويرى المقال أن الحوثيين تخلّوا عن أي مشروع وطني، واندمجوا في مشروع إيراني توسّعي، حوّل اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات بين قوى إقليمية متصارعة. وقد منحت هذه السياسات “العدو الخارجي” الذريعة للتدخل، وجعلت اليمن مسرحًا مفتوحًا للعدوان متعدد الأطراف.
ويلفت المقال إلى أن سياسات الحوثيين لم تجلب لليمن سوى الدمار، إذ أجهضت المسار السياسي، وألغت فكرة التعايش، واستبدلت الدولة بمشروع ميليشياوي يقوم على الطائفية والعنف والولاء العابر للحدود.
ويربط المقال بوضوح بين التمرد الحوثي والغارات الخارجية، معتبرًا أن من استدعى الخارج ومهّد لانتهاك السيادة، هو من انقلب على الدولة أولًا، وتحوّل إلى أداة في خدمة الأجندة الإيرانية.
ويرى الناشط السياسي “علاء عبدالله “أن مقال الشيخ العامري استعرض أهم النقاط الجوهرية، ووضع اليد على الجرح فيما يخص التدخلات الخارجية، إذ جعل الحوثي من اليمن منصة لصراع إقليمي طويل الأمد، وألغى مفهوم السيادة الوطنية حين رهن قراره لطهران، متجاهلًا المصالح العليا للشعب اليمني. وبدلًا من أن يكون فصيلًا سياسيًا ضمن مكونات وطنية، تحوّل إلى ذراع عسكرية تتلقى التوجيه من الخارج، وتخوض معارك لا تخدم اليمنيين.
وأضاف أن تبرير الحوثي لحروبه تحت حجج مثل “مقاومة العدوان” لا يصمد أمام حقيقة أنه هو من بدأ العدوان على الدولة والشعب، وهو من استدعى الخارج عبر الانقلاب، والتبعية، وتحويل اليمن إلى ثكنة ومخزن سلاح لخدمة مشروع طائفي عابر للحدود.

توحيد الصف واستعادة القرار

يوجّه المقال نداءً إلى كل القوى الوطنية للوقوف صفًا واحدًا في وجه المشروع الحوثي، الذي وصفه بـ”المشروع التدميري”، مؤكدًا أنه لا يخدم اليمن ولا يستند إلى أي مصلحة وطنية. ويعتبر أن إنقاذ البلاد يبدأ باستعادة مؤسسات الدولة ووقف التمرد المسلح.
كما يشدد المقال على أهمية استنفار القيادة السياسية – ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة – لكافة الطاقات والمقدرات من أجل خوض “معركة التحرير”، إذ لم يعد الأمر صراعًا سياسيًا فحسب، بل أصبح معركة مصيرية لحفظ كيان الدولة ووجودها.

اليمن ضحية لعبة مزدوجة

في نقطة لافتة، يتحدث المقال عن “تخادم إيراني–صهيوني” غير معلن، يتمثل في الاستفادة المتبادلة من استمرار الفوضى اليمنية. فبينما تدعم إيران الحوثيين لترسيخ نفوذها الإقليمي، يتدخل الكيان الصهيوني لضرب هذا النفوذ، لكنه – في الوقت ذاته – يرسخ حضوره على حساب سيادة اليمن.
ويوضح المقال أن هذا التخادم يسهم في عسكرة الممرات الدولية الحيوية، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا ليس لليمن وحده، بل للتجارة الدولية وأمن الطاقة العالمي. والنتيجة هي تعميق المأساة الإنسانية، وتكريس التدخلات الأجنبية تحت غطاء حماية الملاحة الدولية.

معركة كرامة

يختتم المقال بنداء وطني قوي، يستحضر فيه التاريخ والمستقبل معًا. فاليمن – كما يقول – لم يكن يومًا ساحةً لأطماع الآخرين، لكن المشروع الحوثي حوّله إلى ذلك. ويؤكد أن المعركة اليوم ليست سياسية فحسب، بل هي معركة استرداد كرامة، وبناء وطن، ورفض للوصاية والتبعية.
ويُختم المقال بشعار يحمل رمزية وطنية كبرى:
“عاش اليمن حرًّا أبيًا”
وهو أكثر من مجرد شعار، بل رسالة واضحة لكل من يريد لليمن أن يكون حرًّا، قويًّا، بعيدًا عن التدخلات والأطماع الخارجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى