بين الفكرة والوثن
الرشادبرس..
بقلم/ احمد ردمان
تتعدد خلفيات الصراعات البشرية استنادا إلى قناعة كل طرف بقضيته , وبالرغم من وجود الأخطاء لدى الكثير من أطراف الصراع فإنه لا يستطيع أحد إخفاء ماهية القضية التي يخوض صراعه من أجلها , إلا أن هناك عبر التاريخ من يدخل في صراع لا يعلم ماهيته ولا يدرك أبعاده ولا يتأثر إيجابا بالانتصار فيه ، وتلك من غرائب الزمن الذي صاغه كهنة العصور ، وتصدر تلك الكهانة رواد مدرسة البطنين بإقناع مجموعة من الرعاع بخوض معركة لا تعنيهم ، وتقديم الدماء في نهر لا يستثمرون مجراه ولا مصبّه ، بل إن دماء الزنابيل تلك تضمن إغراق أبنائهم فيها ، وتكفل لمستقبل أحفادهم سقيا لشجرة عبوديتهم لكهنة السلالة البغيضة .
إن الصراع الدائر في اليمن متمثل بين فكرة الجمهورية التي تمثل شعبا بأسره وبين وثن الكهنوت الذي لا يرى في الشعب إلا أدوات لتقديسه وخدمته , تلك هي طبيعة الصراع في اليمن وإن تعددت المسميات , وما الانقلاب إلا مظهر من مظاهر الوثن الهادوي ، وناتج من نواتج خلفيته الوثنية , كما أن الجيش الوطني نتاج لفكرة الجمهورية والتي تخلّقت في وجدان الشعب منذ الثورة السبتمبرية المجيدة
والحق أن الصراع بين الفكرة والوثن لم يكن وليد اللحظة أو أنه نتاج لانقلابهم إنما هو قديم قدم تاريخ الوثن الهادوي الذي وُوجه بصلابة الفكرة الإنسانية النقية التي ناضل من أجلها نشوان الحميري والفقيه سعيد الدنوي والشيخ احمد فتيني والقردعي والثلايا والسلال وغيرهم من نبلاء ولد قحطان الذين سلموا الراية للقشيبي والشدادي ورفاقهم من الابطال الذين يخوضون ملاحم البطولة ضد الوثن الجديد ، والذين قطعوا على انفسهم عهدا بتحطيم ذلك الوثن واستئصال جذوره كضمانة وحيدة لحماية الفكرة الجمهورية لتثمر دولة مدنية ، وتنبت أمنا واستقرارا وحياة كريمة تليق باليمن واليمنيين .