تبادل إطلاق نار بين الهند وباكستان في كشمير
الرشاد بـــــــــــــــــــــــــــرس ــــ دولــــــــــــــــــــــــــــــــــي
أفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول باكستاني قوله إن القوات الباكستانية والهندية تبادلت إطلاق النار الليلة الماضية على طول “خط السيطرة” الفاصل بين الجانبين في إقليم كشمير المتنازع عليه. ويأتي هذا التطور في أعقاب هجوم دموي استهدف سُيّاحاً في الشطر الهندي من كشمير، ما دفع البلدين إلى اتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية حازمة تنذر بأزمة إقليمية متفجرة.
وقال سيد أشفق جيلاني، وهو مسؤول حكومي في مقاطعة وادي جيلوم بكشمير، إن “تبادلاً لإطلاق النار وقع خلال ساعات الليل بين موقعين عسكريين في وادي ليبا”، مؤكداً أن الاشتباك لم يستهدف المناطق المدنية، وأن الحياة اليومية لا تزال مستمرة، بما في ذلك فتح المدارس أبوابها كالمعتاد.
من جانبها، أكدت مصادر عسكرية هندية أن جيشها “ردّ على إطلاق نار مصدره مواقع باكستانية استهدفت بعض النقاط العسكرية الهندية”، دون تسجيل إصابات في صفوف القوات أو المدنيين.
ويُعد “خط السيطرة” بمثابة الحدود الفعلية بين الشطرين الهندي والباكستاني من كشمير، وهي المنطقة التي طالما كانت محور نزاع إقليمي محتدم بين البلدين، منذ استقلالهما عن بريطانيا في عام 1947. وتدّعي كل من الهند وباكستان السيادة الكاملة على الإقليم، رغم تقاسمهما الفعلي له منذ عقود.
وجاءت هذه التطورات الأمنية في أعقاب هجوم دموي وقع الثلاثاء الماضي في الشطر الهندي من كشمير، وأسفر عن مقتل 26 سائحاً، في حادثة أثارت استياءً واسعاً لدى السلطات الهندية، التي سارعت إلى تحميل المسؤولية لمجموعة تتخذ من باكستان مقراً لها. في المقابل، نفت إسلام آباد الاتهامات، ووصفتها بأنها “ادعاءات لا أساس لها تهدف إلى تأجيج التوترات”.
وفي رد فعل سريع، أعلنت الحكومة الهندية سلسلة إجراءات عقابية ضد باكستان، شملت تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند، التي تُعد من أبرز الاتفاقيات الثنائية الموقعة برعاية البنك الدولي، فضلاً عن إغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي، وخفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، ووقف إصدار التأشيرات للباكستانيين، مع مطالبة الموجودين منهم في الهند بمغادرة البلاد في أسرع وقت.
ورداً على تلك الإجراءات، عقدت لجنة الأمن القومي الباكستانية اجتماعاً طارئاً أمس الخميس، خرجت منه بقرارات حاسمة، شملت طرد عدد من الدبلوماسيين الهنود، وإلغاء التأشيرات الممنوحة لمواطني الهند، ومنحهم مهلة 48 ساعة لمغادرة الأراضي الباكستانية. كما أعلنت إسلام آباد إغلاق المجال الجوي والحدود البرية مع الهند، ووقف جميع أشكال التبادل التجاري.
وأكدت الحكومة الباكستانية، في بيان رسمي، أنها “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي مغامرة متهورة”، وأنها ستتخذ “إجراءات صارمة لحماية سيادتها ووحدة أراضيها”، مشيرة إلى أنها تعتبر أي تحرّك هندي لوقف إمدادات المياه من نهر السند “عملاً عدائياً يُرقى إلى مستوى الحرب”.
تجدر الإشارة إلى أن معاهدة مياه نهر السند، التي تم توقيعها عام 1960 بوساطة البنك الدولي، تنص على تقاسم موارد ستة أنهار بين الدولتين. فبموجب الاتفاق، خُصصت الأنهار الشرقية (سوتليج، وبياس، ورافي) للهند، فيما مُنحت باكستان حقوق استخدام مياه الأنهار الغربية الثلاثة (السند، وجهيلوم، وشيناب)، ما يجعل أي محاولة لإعادة النظر في بنود المعاهدة بمثابة تصعيد خطير قد يُفاقم الوضع القائم.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، يزداد القلق الدولي من احتمال انزلاق الأوضاع إلى مواجهة مفتوحة بين قوتين نوويتين في واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً، ما يستدعي تدخلاً دبلوماسياً عاجلاً للحيلولة دون اندلاع صراع واسع النطاق في جنوب آسيا.
المصدر: أ ف ب