تجنيد الأطفال .. انتهاك للطفولة وتدمير لمستقبل الأجيال
الرشاد برس | تقرير /صالح يوسف
تعد ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن واحدة من الانتهاكات الجسيمة التي يقع ضحيتها الأطفال في ظل الحروب والنزاعات المسلحة التي تشهدها اليمن منذ عدة سنوات. وتصاعدت هذه الظاهرة بعد الانقلاب الحوثي في 2014 على الشرعية الدستورية والتي اعتمدت عليها جماعة الحوثي في دعم قدراتها القتالية من خلال تجنيد الأطفال، حيث بدأت الجماعة استغلال تجنيد الأطفال في الحروب الست ضد الدولة آنذاك وفي معارك دماج وبعدها السيطرة على المدن اليمنية حيث استخدمت المليشيا الحوثية أنماطاً معقدة في سبيل تجنيد هؤلاء الأطفال قسرياً واستخدامهم في الأعمال العدائية بهدف تعويض الخسائر البشرية التي تفقدها .
وفي احدث تقرير حقوقي لمنظمة سام كشف عن تجنيد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران نحو 10300 طفل، على نحو إجباري في اليمن منذ عام 2014، محذرًا من عواقب خطيرة في حال استمرار الفشل الأممي بالتصدي لهذه الظاهرة.جاء ذلك في التقرير الذي أطلقته منظمة “سام” للحقوق والحريات والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في اليوم الدولي لمناهضة تجنيد الأطفال، والذي يوافق 12 فبراير/شباط من كل عام.وذكر التقرير، أنّ جماعة الحوثي تستخدم أنماطًا معقّدة لتجنيد الأطفال قسريًا والزجّ بهم في الأعمال الحربية في مختلف المناطق التي تسيطر عليها في اليمن.
وقال إن عمليات التجنيد أسفرت عن مقتل وإصابة المئات من الأطفال المجندين، إذ وثّق التقرير أسماء 111 طفلًا قُتلوا أثناء المعارك بين شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2020 فقط.وأشار إلى أن عمليات التجنيد لم تتوقف “عند الأطفال الذكور، إذ جنّدت جماعة الحوثي 34 فتاة تتراوح أعمارهن بيــن 13 و17 عامًــا، فــي الفتــرة مــن يونيو/حزيــران 2015 إلــى يونيو/حزيــران 2020، لاســتخدامهن كمخبرات، ومجنِّدات، وحارسات، ومسعفات، وأعضاء فيما يعرف بـ”الزينبيات”، واللاتي تُوكل لهنّ مهام تفتيش النساء والمنازل، وتلقين النساء أفكار الجماعة، فضلاً عن حفظ النظام في سجون النساء”.وأبرز التقرير الذي حمل عنوان “عسكرة الطفولة” استخدام جماعة الحوثي المدارس والمرافق التعليمية لاستقطاب الأطفال إلى التجنيد الإجباري، من خلال نظام تعليم يحرّض على العنف، بالإضافة إلى تلقين الطلاب العقيدة الأيديولوجية الخاصة بالجماعة من خلال محاضرات خاصة داخل المرافق التعليمية لتعبئتهم بالأفكار المتطرفة، وترغيبهم بالانضمام إلى القتال لدعم الأعمال العسكرية للجماعة.وأشار إلى أن ميليشيا الحوثي “ألحقــت ضــررًا بالغًــا بالمســيرة التعليميــة للأطفــال، وحرمــت عــددًا كبيــرًا منهــم مــن حقهــم فــي التعليــم مــن خــلال تجنيدهــم، إذ وثّقــت تقاريــر محليــة نشــاطات لجماعــة الحوثــي أفضــت إلــى تجنيــد الأطفــال فــي 150 مدرســة تتــوزع علــى العديــد مــن المحافظــات اليمنيــة”.
وقال إنه “في بعض الحالات، أقدمت جماعة الحوثي على جرّ الأطفال إلى العمليات العسكرية دون علم عائلاتهم، وفي حالاتٍ أخرى، تم تجنيدهم من عائلات فقيرة قبلت بالمقابل – مكافأة مالية – من أجل البقاء على قيد الحياة”.وأورد التقرير شهادات لمجندين جندتهم ميليشيا الحوثي مستغلة أوضاعهم الاقتصادية السيئة، ورصد مواقع تجنيد ومعسكرات تستخدمها الميليشيا لتجنيد الأطفال في مناطق متفرقة بالبلاد.ويعتقد الكثير من المراقبين أن سبب اندفاع الأطفال للتجنيد وموافقة اسرهم يرجع إلى العوز والحاجة والظروف الاقتصادية الصعبة للأسر واحتياجاتها للغذاء بشكل أساسي، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” التي كانت قد تحققت من 3995 حالة تجنيد لأطفال في اليمن للقتال، على الرغم من أن الأرقام من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير.
وفي تقرير سابق لصحيفة “تلغراف” البريطانية فإن الحوثيين يستخدمون طرقا متعددة لاستقطاب الأطفال، مثل استغلال الظروف المعيشية لأسرهم، التلقين العقائدي، والسيطرة على المؤسسات التعليمية والدينية والمراكز الصيفية . كما تُظهر التقارير أن الحوثيين استخدموا المراكز الصيفية لتجنيد الأطفال، بالإضافة إلى استخدام الاختطاف والضغط على زعماء القبائل بحسب ذات الصحيفة.
كما نقلت الصحيفة شهادات أطفال، أكدوا خلالها أنه تمّ إغرائهم وعائلاتهم من قبل الحوثيين بالرفع من حصص الغذاء لهم وأن أبنائهم سينتقلون للدراسة ليجدوا أنفسهم يتدربون على أنواع مختلفة من الاسلحة .واليوم تستقطب المليشيا الأطفال والشباب بحجة تجنيدهم وتدريبهم والدفع بهم للدفاع عن غزة وبحسب تقارير المنظمات الحقوقية والامم المتحدة يُعد تجنيد الأطفال انتهاكا خطيرا لحقوق الطفل ويؤثر سلبا على مستقبلهم وعلى البنية الاجتماعية للمجتمع اليمني. وتدعو منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي إلى تطبيق تدابير عاجلة لحماية الأطفال وإعادة تأهيل المجندين منهم. تشمل هذه التدابير فرض عقوبات على المسؤولين عن تجنيدهم واستخدام المدارس والمراكز الصيفية في استقطاب الأطفال والتأثير عليهم فكريا.ودعم أسر هؤلاء الأطفال لتمكينهم من الدفع بهم إلى المدارس وتضافر الجهود الاممية مع المحلية لاحد من هذه الظاهرة