تراجع القتال على حدود غزة وإسرائيل تحشد قواتها ودباباتها….
الرشاد برس _تقرير
– أطلق نشطاء فلسطينيون صاروخا من غزة على إسرائيل يوم الثلاثاء، مما يكسر هدوءا أعقب يوما من القتال عبر الحدود بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من شأنه أن يؤثر على انتخابات إسرائيلية بعد أسبوعين.
ونجحت وساطة مصرية ليل الاثنين في وضع حد فيما يبدو لأكبر تصعيد إسرائيلي فلسطيني منذ شهور، والذي بدأ يوم الاثنين بشن الفلسطينيين أعمق هجوم صاروخي يسفر عن وقوع إصابات في إسرائيل منذ خمس سنوات.
لكن وإن انتهت الأزمة، فقد يكون لها أثر على انتخابات تشهدها إسرائيل بعد أسبوعين يقول رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو إنه لا بد من الفوز فيها والبقاء في السلطة حفاظا على أمن الإسرائيليين.
وفي أعقاب الهجمات الصاروخية الفلسطينية والضربات الجوية الإسرائيلية، قالت إسرائيل إنها تحتفظ بحق توجيه ضربات مجددا وحشدت قواتها ودباباتها عند حدود غزة.
وساد الهدوء المنطقة الحدودية معظم يوم الثلاثاء الذي رفع الجيش بنهايته قيوده الأمنية في المنطقة. لكن بعد حلول الظلام قال الجيش إن صاروخا انطلق من غزة مما أدى إلى دوي صفارات الإنذار على الجانب الإسرائيلي من الحدود.
ولم يتضح بعد أين سقط الصاروخ. ولم ترد تقارير عن خسائر مادية أو بشرية، وذكر مسؤول فلسطيني قريب من جماعة تنضوي تحت لوائها فصائل مسلحة في غزة إن إطلاق الصاروخ عمل ”فردي“ لم تقره أي من تلك الفصائل.
وردت إسرائيل على هجوم الاثنين الصاروخي بسلسلة ضربات على أهداف لحماس التي تسيطر على غزة، وأطلق نشطاء فلسطينيون عشرات الصواريخ على إسرائيل.
وأصيب سبعة إسرائيليين في الهجوم الصاروخي الأول الذي أصاب قرية مشميريت على بعد 120 كيلومترا إلى الشمال من غزة بينما تعرض خمسة فلسطينيين لإصابات جراء الضربات الإسرائيلية.
وقال نتنياهو الذي قطع زيارته للولايات المتحدة من أجل التعامل مع الأزمة، إن إسرائيل ربما تقوم بمزيد من التحركات في غزة. وذكر الجيش الإسرائيلي عقب مشاوراته مع نتنياهو إنه سيدفع بمزيد من القوات إلى المنطقة وسيستدعى بعض قوات الاحتياط.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير ”لا اتفاق لوقف إطلاق النار، فقد يندلع القتال في أي لحظة“.
وأضاف نتنياهو عبر الأقمار الصناعية من تل أبيب مخاطبا لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) في واشنطن ”نحن مستعدون لفعل ما هو أكثر من ذلك بكثير. سنفعل ما هو ضروري للدفاع عن شعبنا ودولتنا“.
وقالت حماس وحركة الجهاد الإسلامي، التي شاركت في القتال أيضا، إن مصر توسطت في هدنة.
ومثلما حدث في موجات تصعيد سابقة انتهت بهدنة مصرية، نفت إسرائيل أنها وافقت على وقف لإطلاق النار مع حماس، التي تعتبرها منظمة إرهابية.
وقال خضر حبيب القيادي بالجهاد الإسلامي ”نتنياهو يحاول أن يصنع من نفسه بطلا أمام الجمهور الإسرائيلي ولذلك هو لا يريد أن يعترف بالتفاهمات مع الجانب المصري“.
وأضاف ”فصائل المقاومة ملتزمة بالتهدئة ما التزم بها العدو“.
وقال مسؤول فلسطيني مشارك في محادثات الهدنة إن من المتوقع أن تواصل مصر تلك المحادثات يوم الأربعاء.
وأبلغ مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف مجلس الأمن يوم الثلاثاء بأنه يعمل مع المصريين لتأمين وقف لإطلاق النار.
وقال ”الهدوء الهش متماسك فيما يبدو“.
وندد ملادينوف بإطلاق حماس صواريخ بصورة عشوائية صوب إسرائيل ووصف ذلك بالعمل الاستفزازي الذي زاد من خطر التصعيد وحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
* تصعيد…..
وهذا أكبر تصعيد منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي بين إسرائيل وحماس اللتين خاضتا ثلاث حروب بين 2007و2014 وكانت على وشك الدخول في صراع شامل عدة مرات منذ ذلك الحين.
وفي حرب غزة عام 2014، والتي استمرت سبعة أسابيع، قتل أكثر من 2100 فلسطيني معظمهم مدنيون، بينما قتل 66 جنديا إسرائيليا وسبعة مدنيين في إسرائيل.
والأمن قضية كبرى بالنسبة لنتنياهو، الممسك بزمام السلطة منذ عشر سنوات، ويواجه أقوى تحد انتخابي من ائتلاف وسطي يقوده جنرال سابق. وتحوط نتنياهو فضائح فساد ينفيها جميعا. ويقول إنه حافظ على أمن الإسرائيليين باتباع نهج قوي تجاه الفلسطينيين قد يضعُف إذا ترك السلطة.
ومن ناحية أخرى انهارت عملية سلام تستهدف إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.
وفي واشنطن التقى نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عدل عن سياسة أمريكية متبعة منذ عقود بتوقيعه إعلانا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 ثم ضمتها عام 1981 في خطوة لا تلقى اعترافا دوليا.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الخطوة التي أقدم عليها ترامب إنما هي دليل على أن إسرائيل يمكن أن تحتفظ بالأرض التي استولت عليها فيما وصفها ”بالحرب الدفاعية، في إشارة على ما يبدو لسيطرة دائمة على مناطق أخرى احتلتها في 1967 مثل أجزاء من الضفة الغربية والقدس الشرقية.
* ”لا نريد حربا“
حمل الجيش الإسرائيلي حركة حماس مسؤولية إطلاق الصاروخ الذي دمر من تل أبيب. وقال إن الصاروخ أطلق من القطاع من على بعد نحو 120 كيلومترا مما يجعله أبعد الهجمات الصاروخية مدى الذي ينطلق من غزة ويوقع إصابات منذ حرب عام 2014.
وأضاءت الضربات الانتقامية الإسرائيلية ليل غزة وهزت الانفجارات القطاع الساحلي المكتظ بالسكان، فدمرت أهدافا منها مكتب زعيم حماس إسماعيل هنية. وقالت الحركة إن الجيش الإسرائيلي حشد مزيدا من جنوده ودباباته عند الحدود.
وفي الصباح، ومع توقف القصف، بحث سكان غزة وسط أنقاض المباني المدمرة عن متعلقات ثمينة ووثائق. وأغلق بعض الجامعات أبوابها لكن المدارس العامة ظلت مفتوحة رغم أن العديد من الأسر أبقت أطفالها في منازلهم.
وقال محمد سيد (40 عاما) ”لا نريد حربا لكن إذا كانت إسرائيل تريد ذلك فماذا علينا أن نفعل؟ نطلب من فصائلنا الرد“.
وأضاف ”لكننا نأمل أن تتوصل مصر إلى اتفاق لإنهاء ذلك“.
وأطلق نشطاء من غزة وابل صواريخ على إسرائيل مساء الاثنين. وأسقطت الدفاعات الإسرائيلية بعض هذه الصواريخ وسقطت صواريخ أخرى في أراض فضاء. وظلت إسرائيل في حالة تأهب يوم الثلاثاء وقال الجيش في بيان إنه ما زال ”مستعدا لمختلف السيناريوهات“.
وظلت المدارس الإسرائيلية قرب الحدود مغلقة وصدرت تعليمات للسكان بالبقاء قرب المخابئ.
وقال إلياف فانونو الذي لحقت أضرار بمنزله الواقع في بلدة سيدروت بسبب سقوط صاروخ مساء الاثنين لراديو إسرائيل ”قلت لأطفالي إن كل شيء سيكون على ما يرام وسينتهي الأمر. نحن نثق في أن الحكومة ستحل المشكلة“.
ويعيش في غزة مليونا فلسطيني معظمهم من ذرية من فروا من منازلهم أو تم تهجيرهم منها لدى قيام إسرائيل عام 1948.
واحتلت إسرائيل غزة في 1967 وسحبت قواتها منها عام 2005. ومنذ أن سيطرت حماس على القطاع بعد ذلك بعامين، فرضت إسرائيل حصارا أدى إلى تراجع الاقتصاد في غزة إلى حد وصفه البنك الدولي بالانهيار.
وفي العام الماضي قتل نحو 200 فلسطيني وجندي إسرائيلي واحد خلال مظاهرات قرب الحدود نظمها فلسطينيون يسعون لرفع الحصار ويطالبون بحق العودة إلى بلداتهم التي احتلتها إسرائيل. وتقول إسرائيل إنها ليس لديها خيار سوى استخدام القوة الفتاكة لحماية الحدود من المسلحين.