تقارير ومقابلات
تزايد حالات الانتحار في مناطق سيطرة الحوثيين ..الاسباب والدوافع
الرشاد برس ـــ تقرير /صالح يوسف
مع تصاعد حالات القمع والحصار والتجويع والاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري التي تمارسها المليشيا الحوثية ضد المدنيين في مناطق سيطرتها تتصاعد بشكل طردي وملحوظ حالات الانتحار في أوساط السكان من مختلف الأعمار في عدد من المحافظات
وكان اخر تلك الحالات المؤسفة “الخميس” حيث اقدم شاب يدعى “وسيم أحمد مقبل الشخفير (25 عاما)، تُوفي، إثر إقدامه على الانتحار في السجن المركزي بمديرية رداع بعدما رفضت إدارة السجن التابعة لمليشيات الحوثي الافراج عنه رغم صدور أمر قضائي بالإفراج عن الشخفير، في مارس الماضي، إلا أن ميليشيات الحوثي طلبت منه دفع مبلغ 200 ألف ريال تحت مسمى رسوم البواة وبعدما عجز عن دفع المبلغ المطلوب قرار الانتحار من خلال تناول، 40 قرص اسبرين دفعة واحدة وظل يعاني داخل السجن منذ ثلاث أيام فيما رفضت إدارة السجن إسعافه حتى فارق الحياة
احصائيات مرعبة
يشار إلى أن اليمن قد احتلت المرتبة الرابعة عربياً عام 2014 بنسبة 3.7 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص، وفقا لتقرير سابق أعدته منظمة الصحة العالمية، ليصعد في عام 2019 على سلم الترتيب و يحتل المركز الثالث عربياً بتسجيل 2335 حالة انتحار
وكانت منظمات وجمعيات حقوقية ذكرت احصائيات مخيفة عن حالات الانتحار في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية فقد سجلت تلك المنظمات خلال النصف الاول من هذا العام 23حادثة انتحار في مناطق سيطرة المليشيا وكانت مليشيا الحوثي قد اعترفت في تقرير سابق صادر عن الأجهزة الخاضعة لها بصنعاء عن تسجيل نحو 340 حادثة انتحار من مختلف الأعمار في 10 مدن تحت سيطرتها خلال عام 2020، في وقت قدر فيه مراقبون أن العدد الحقيقي للمنتحرين يفوق ما ذكرته تقارير الميليشيات، خصوصاً في العاصمة صنعاء ومحافظة إب اللتين تتصدران سنوياً قوائم حالات المنتحرين.
ويشير أغلب المراقبين في مناطق سيطرة الجماعة إلى أن الممارسات القمعية والاضطهاد الذي تنتهجه الميليشيات هو السبب الأول لانتشار الانتحار في أوساط سكان المناطق الخاضعة للانقلاب.
الدوافع والاسباب
يقول الاستاذ /ماهر عبده “اخصائي اجتماعي ونفسي” أن تزايد حوادث الانتحار نتيجة طبيعية للعنف والفقر وسوء المعاملة والفساد الإداري والحالة الاقتصادية المزرية بشكل عام حيث يشعر السكان في مناطق سيطرة الجماعة بفقدان الأمل والعزلة والتمييز والعنصرية
ويضيف الاستاذ /ماهر ان تدهور الوضع المعيشي بسبب تفشي البطالة وانقطاع الرواتب والنهب الممنهج، وهي الأمور التي زادت من حجم الضغوط والالتزامات المعيشية في الوقت الذي يتنعم فيه قادة الحوثي بالمزيد من الأموال والعقارات ولاينبغي ان نغفل ضعف الوازع الديني
ويقول المحامي /”احمد ناصر” ان دوافع الانتحار في مناطق سيطرة المليشيا واضحة و في تزايد مستمر والمشكلة ان تلك الحوادث اصبحت طبيعية ولا احد يسأل عن الدوافع والاسباب ولاحتى مناقشة هذه الظاهرة ومعالجتها في وسائل الاعلام حيث ان هذه الظاهرة انتشرت في اوساط الشباب سريان النار في الهشيم والادهى والامر من ذلك ان سلطات المليشيا تكيف دوافع واسباب هذه الظاهرة وتعزوها في متابعة الشباب لافلام الرعب والاكشن في تفسير يدعوا الى الاستغراب والضحك معا
محافظة اب تتصدر القائمة
تحدثت منظمات حقوقية عن تزايد حالات الانتحار في محافظةإب وأشارت المنظمات المستقلة إلى تسجيل نحو 18 حالة انتحار بمناطق متفرقة من المحافظة في العام المنصرم وحتى شهر مايو 2022
ويشير أغلب المراقبين في مناطق سيطرة الجماعة إلى أن الممارسات القمعية والاضطهاد الذي تنتهجه الميليشيات هو السبب الأول لانتشار الانتحار في أوساط سكان المناطق الخاضعة للانقلاب.
بالاضافة الى تدهور الأوضاع المعيشية والقمع والتنكيل وفرض الجماعة الإتاوات على السكان في ظل معاناتهم المتكررة وانعدام فرص العمل أمام الآلاف منهم بمن فيهم الذين فقدوا رواتبهم والكثير من حقوقهم.
موجات سخط واستنكار
وتثير هذه الحوادث المتكررة والمريبة موجات من السخط بين أوساط المجتمع، تجاه مليشيا الحوثي، الإرهابية، مشيرين إلى أن ممارساتها ساهمت في زرع اليأس والإحباط لدى مختلف فئات الشعب.
وكانت حادثة انتحار الطالب فيصل فهد المخلافي كلية الاعلام، في حرم جامعة صنعاء 8 /فبراير من العام الجارى في مشهد أثار الرعب والخوف أوساط الطلاب، وسط حالة من التكتم والإنكار من قبل قيادة الجامعة الحوثية.
الطالب فيصل المخلافي كان يدرس في كلية الإعلام، ثم تركها لاحقاً ليلتحق في كلية الهندسة، وأشارت إلى أنه كان شغوفاً بالكتابة والشعر، ودخل مؤخرا في حاله نفسية استخدم لها عددا من الأدوية دون تفاصيل أخرى.
وأثارت موجات الانتحار الأخيرة، حالة غضب وقلق لدى مختلف فئات الشعب اليمني، خصوصا أن تزايد هذه الحالات، يتزامن مع تدهور الأوضاع المعيشية، وانقطاع الرواتب، وتضاعف السياسات العقيمة من قبل مليشيا الحوثي، والتي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار على مختلف الأصعدة.
الخوف من المجهول ..وقلق المستقبل
ولاينبغي ان نغفل وجهة النظر الطبية والنفسية والاجتماعية يقول الدكتور لطف حريش، وهو طبيب نفساني، محدّدًا هذه الأسباب في: “ضعف الأيمان، الفقر والبطالة الجهل وقلة الوعي، خاصة في مجتمع كالمجتمع اليمني الذي تبلغ نسبة الأمّية فيه 80%”. ووفقًا للدكتور حريش، فإن أهم الأسباب يتمثل في الخوف من المجهول، وقلق المستقبل، نتيجة ضبابية الرؤية التي أفرزتها الحرب.
ويضيف حريش أن “انعدام الأمن، والاضطرابات والقلاقل السياسية، لها دور أيضًا في تنامي ظاهرة الانتحار، كما يلعب الرفقاء السيِّئون والأصدقاء السلبيون، دورًا لا يقل شأنه عن الأسباب الأخرى التي تدفع الفرد إلى الانتحار”. كما يعتبر التعليم الهشّ والثقافة السطحية والمشاكل الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والسلوكية والنظرة السوداوية المتشائمة للحياة، ضمن العوامل المؤثرة في تعزيز السلوك الانتحاري.
ويتوقع أستاذ علم النفس لطف حريش، زيادة عدد حالات الانتحار في اليمن، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وازدياد متطلبات الحياة التي أصبحت صعبة ومعقدة، “والظروف المأساوية والحالة المعيشية المزرية، وضغوط الحياة، والاحتراق النفسي الذي يعانيه الإنسان اليمني”.
من جانبه يقول الأخصائي في علم الاجتماع وديع عبيد ، إن الحرب ألقت بتبعات قاتمة على اليمنيين، خصوصًا فئة الشباب، والذين وجدوا أنفسهم أمام واقع محبط وفرص منعدمة؛ فالطالب الجامعي يضع ألف استفسار عن الجدوى من التعليم ونيل الشهادة الجامعية ما دام سيلقى نفسه مرميًا على رصيف البطالة، وهذا بالطبع نهج خاطئ لا يجب الاستسلام له، لكنه واقع يعيشه كثير من الشباب.
ويرى أن تراكم هذه الكتلة من الإحباط مع ثُقل الأعباء وتفاقم المعاناة وانعكاسها على المجتمع والعزلة الاجتماعية، كما هو حاصل في المناطق الريفية النائية، كل ذلك وغيره يدفع البعض إلى التفكير بخيارات صعبة وقاسية؛ منها ما هو لا إرادي كالجنون والاضطرابات النفسية والانتحار، والذي قد لا يكون عادة بطريقة مباشرة.