تصاعد السياسات الحمائية وتأثيراتها على التجارة العالمية
الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
شهد العالم تصاعدًا ملحوظًا في السياسات الحمائية، بلغت ذروتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي فرضت تعريفات جمركية واسعة أثارت ردود فعل انتقامية من دول مثل الصين وكندا والاتحاد الأوروبي. وأوضح الكاتبان جيسون دوغلاس وتوم فيرليس في “وول ستريت جورنال” أن الحواجز أمام التجارة الحرة تتزايد عالميًا، مما يذكر بالانعزالية التجارية في ثلاثينيات القرن الماضي.
قبل ترامب، بدأت العديد من الدول بفرض حواجز لحماية صناعاتها من الواردات، خاصة من الصين، مثل السيارات الكهربائية والصلب. اليوم، تتوسع هذه الإجراءات، في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي عزمه على حماية صناعاته من التحويلات التجارية الأميركية. ويُحذر الاقتصاديون من أن هذه السياسات قد تُلحق أضرارًا طويلة الأمد على النمو والتعاون الدولي، رغم أن العالم لا يواجه كسادًا كالذي حدث في الثلاثينيات.
منذ بداية ولاية ترامب، ارتفع عدد القيود التجارية في مجموعة العشرين بنسبة 75%، مع فرض أكثر من 90% من المنتجات الأميركية لقيود استيراد. في المقابل، ردت دول مثل كوريا الجنوبية وفيتنام والمكسيك بفرض قيود على السلع الصينية، بينما فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا على واردات الويسكي الأميركي والدراجات النارية.
ترامب يرى أن ازدهار التجارة العالمية كان ضارًا لأميركا، وركز على تقليص العجز التجاري مع الصين والمكسيك والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تعزيز الصناعات المحلية. وعلى الرغم من تأكيد مؤيديه على أن سياساته ستعزز الاستثمار وتخلق وظائف، فإن تأثير الحرب التجارية قد يكون أقل حدة اليوم بفضل تحول الاقتصادات المتقدمة نحو الخدمات.
وقد تسببت النزاعات التجارية في حالة من عدم اليقين، أثرت سلبًا على الإنفاق والاستثمار. في الولايات المتحدة، تراجعت ثقة المستهلكين، فيما توقعت شركة “بي إم دبليو” خسائر بقيمة مليار يورو بسبب الرسوم الجمركية. كما حذرت وكالة فيتش من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بسبب التصعيد التجاري.
تزايد الضغط لفرض مزيد من الرسوم الجمركية لحماية الصناعات الاستراتيجية، في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، خاصة مع الصين، وتعزز الدول قدراتها العسكرية. في هذا السياق، يُتوقع أن تبقى النزعة الحمائية قائمة، ويبدو أن العودة إلى الانفتاح التجاري السابق ستكون صعبة بسبب عرقلة منظمة التجارة العالمية.
للمصدر: رويترز