تصعيد إيران وإسرائيل يهز أسواق الطاقة
الرشــــــــــــــــاد بــــــــــــــــرس ــــــ اقتــــــــــصاد
أحدثت الضربات العسكرية المتبادلة بين إيران وإسرائيل، منذ فجر الجمعة، هزة عميقة في الأسواق العالمية، لا سيما في أسواق الطاقة، وفق تقرير موسع نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أعدّته الصحفية الاقتصادية لوسي هوكر.
ووفق التقرير، كان ردّ الفعل الفوري للأسواق عنيفًا، إذ شهدت أسعار النفط والغاز الطبيعي ارتفاعًا حادًا، وسط تصاعد المخاوف من تحول التصعيد الإقليمي إلى أزمة طاقة عالمية شبيهة بتلك التي نجمت عن الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022.
النفط يقفز بأكثر من 10% وسط التوترات
ارتفع سعر خام برنت، المعيار العالمي لأسعار النفط، بأكثر من 10% في ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة، قبل أن يتراجع نسبيًا ليستقر عند 75 دولارًا للبرميل.
ورغم أن هذا الارتفاع لا يزال مؤقتًا، فإنه يعكس حجم القلق الذي يخيم على الأسواق بشأن تهديد محتمل لإمدادات الطاقة العالمية، خصوصًا عبر مضيق هرمز، أحد أهم ممرات تصدير النفط في العالم، حيث تمر ما يقرب من 20% من صادرات النفط العالمية.
تداعيات اقتصادية شاملة
تؤكد “بي بي سي” أن تأثير ارتفاع أسعار النفط لا يقتصر على البنزين فقط، بل يمتد إلى كافة مفاصل الاقتصاد العالمي. فالوقود عنصر أساسي في الزراعة، والنقل، وتشغيل المصانع، وحتى في تغليف المنتجات الغذائية. وبالتالي، فإن أي زيادة مستدامة في أسعار الطاقة قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الغذاء، والسفر، والسلع الاستهلاكية.
الغاز يتأثر
لم تكن أسعار الغاز الطبيعي بمنأى عن التأثر؛ إذ سجلت هي الأخرى ارتفاعات ملحوظة بعد الهجوم الإسرائيلي. وتُعد هذه التطورات مقلقة بشكل خاص بالنسبة لدول مثل المملكة المتحدة، التي ترتبط فيها أسعار الكهرباء بأسعار الغاز.
ورغم تدخلات الجهات التنظيمية التي قد تؤخر وصول الأثر إلى المستهلكين، إلا أن الزيادات المستمرة في أسعار الطاقة قد تغذي التضخم العالمي مجددًا، مما يعرقل خطط البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة.
هل تعود أسعار النفط إلى 100 دولار؟
وفي تحليله، لا يستبعد تقرير “بي بي سي” احتمال عودة أسعار النفط إلى حاجز 100 دولار للبرميل في حال استمر التصعيد، أو إذا انخرطت أطراف إقليمية إضافية في الصراع، أو تأثرت منشآت وإمدادات النفط بشكل مباشر.
ورغم أن هذا السيناريو لا يُعد مرجحًا في الوقت الراهن، بفضل وجود فائض في طاقة الإنتاج لدى دول مثل السعودية والبرازيل، إلا أن مجرد احتمال حدوثه كافٍ لإثارة ذعر مالي واقتصادي واسع النطاق.
وقد يضيف هذا السيناريو ما يقارب 1% إلى معدلات التضخم في الاقتصادات المتقدمة، مما يصعّب من مهمة البنوك المركزية في تحقيق استقرار الأسعار وخفض الفائدة.
“الاضطرابات ليست جديدة… لكنها قابلة للانفجار”
ورغم الصورة القاتمة، يحاول الخبير الاقتصادي ديفيد أوكسلي التخفيف من حدة المخاوف، مؤكدًا أن “الاضطرابات في الشرق الأوسط ليست بالأمر الجديد”، وقد تنتهي الأزمة خلال أيام أو أسبوع.
لكن أوكسلي نفسه يقر بأن المشهد قد يتغير بشكل مفاجئ إذا فشلت القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في تهدئة التوتر، أو إذا تطوّر الصراع ليشمل استهداف طرق الملاحة أو المنشآت النفطية الحيوية.
المصدر: بي بي سي