تقارير ومقابلات
جاسوس الحوثي الأخطر وبقرته الحلوب قطاع الاتصالات والانترنت
الرشاد برس | تقارير
في الوقت الذي تبحث فيه الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، عن تمويل اقتصادية دولي ووديعة مالية لتجاوز الأزمة الاقتصادية العاصفة والانهيار الغير مسبوق للعملة الوطنية في مناطق سيطرتها، لا يزال قطاع الاتصالات والإنترنت والذي يعتبر أهم القطاعات الإيرادية في اليمن تحت سيطرت مليشيا الحوثي الانقلابية تستخدمه لتمويل حربها على اليمن واليمنيين.
ومنذ اجتياحها للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، استغلت الميليشيات الحوثية إمكانات الدولة ومؤسساتها، وخصوصاً وزارة الاتصالات في تمويل حربها على اليمنيين، حيث يعتبر أهم مصادرها التمويلية وتجني من إيراداته مبالغ ضخمة تفوق عائدات النفط.
وتقدر تقارير اقتصادية أن حجم الثروة التي جمعتها المليشيا من موارد القطاع العام خلال السنوات الماضية بما فيها الاتصالات بلغت نحو 14 مليار دولار، منها ما يستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلت محل القطاع الخاص التقليدي.
وتظهر بيانات حديثة صادرة عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات أن عدد المشتركين في خدمة الهاتف النقال في الجمهورية اليمنية يصل إلى نحو 18.6 مليون مشترك، تتصدرها شركة “يمن موبايل” الحكومية بنحو 7.4 ملايين مشترك، تليها “سبأفون” بنحو 6 ملايين مشترك، إذ كانت الشركة مملوكة لرجل الأعمال الشيخ حميد الأحمر، قبل انتقالها إلى رجال أعمال قبل بداية الحرب بفترة وجيزة، ومن ثم احتدام الصراع عليها وبسط الحوثيين السيطرة عليها.
وتأتي شركة “إم تي إن” في الترتيب الثالث بحوالي 4.9 ملايين مشترك، فيما واجهت شركة “وأي” آخر شركات الهاتف النقال المنضمة إلى السوق اليمنية في عام 2007 صعوبة في المنافسة مع تدني حصتها من المشتركين والذين لا يتجاوزون 1.5 مليون مشترك.
وتواجه الحكومة الشرعية شح الموارد المالية التي أدت بدورها إلى انهيار الريال اليمني مقابل الدولار، بينما يستقر في مناطق نفوذ الحوثيين عند نحو 600 ريال للدولار، فهل حان الوقت لتحرير قطاع الاتصالات من سيطرة مليشيا الحوثي وتسخير ايراداته لدعم الاقتصاد وانقاذ العملة الوطنية.
الجاسوس الأخطر
لم تتوقف مخاطر سيطرة المليشيا على قطاع الاتصالات، عند استخدامه كمصدر رئيس لتمويل حربها طوال السنوات السبع، بل استخدمته ايضاً في فرض الرقابة والتنصت على خصومها ومعارضيها، وممارسة عمليات الاعتقالات والاختطاف والإخفاءات القسرية بناءً على عمليات التنصت على المكالمات والرسائل الهاتفية للمواطنين.
مصادر عاملة في شركة الاتصالات بصنعاء كشفت في وقت سابق عن قيام الجماعة منتصف العام الماضي بإدخال أجهزة تنصت في ذلك القطاع الخاضع لسيطرتها بهدف التجسس على قيادات في الشرعية ومعارضين للجماعة، بالإضافة إلى موالین لها مشكوك في ولائهم.
وأكدت المصادر حينها أن الجماعة عمدت بعد ذلك مباشرة إلى ربط منظومة الاتصالات العامة بجهاز ما يسمى الأمن والمخابرات التابع لها بأوامر من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، كما أضافوا أنظمة أخرى جديدة للشبكة خاصة بالتنصت يتم تشغيلها بإشراف من مهندس تابع لمليشيا “حزب الله” بلبنان.
كما تتعمد المليشيا الانقلابية، قطع الإنترنت خلال هجماتها العسكرية على اي منطقة من مناطق الحكومة الشرعية كما حدث في البيضاء ونهم ومأرب والجوف، بالإضافة إلى اضعاف الشبكة، وتم قطعها نهائيًا في بعض المحافظات المحررة مثل مأرب وشبوة، ومختلف المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية.
وكان تحقيق استقصائي نشرته ”اندبندنت عربية“، في وقت سابق، كشف عن “وثائق سرية” أكدت ان الاتصالات مثلت لجماعة الحوثي “بنك معلومات مهم للغاية”، في إطار الحرب الدائرة بينها وبين الجيش اليمني، إذ تمكنت من تتبع تحركات القيادات والقوات العسكرية وسير العمليات والحالة المعنوية لقوات الشرعية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عملت وفق الوثائق على تعقب شبكات من أرقام الهواتف لأشخاص مقربين أو على ارتباط بالقادة العسكريين وزعماء القبائل عبر شركات الاتصالات تلك.
ووضعت الجماعة ـ بحسب التحقيق ـ عدد من القيادات الذين يمسكون زمام الأمور في المعارك على قوائم التنصت، وعلى رأس القائمة وزير الدفاع اللواء الركن محمد المقدشي، ورئيس هيئة الأركان العامة صغير بن عزيز.
وفي إطار الاستقصاء والتحقق من مدى سلامة الاتصالات من جانب الجيش الوطني، كشف التحقيق على عشرات الوثائق السرية، وهي عبارة عن برقيات شكاوى ومناشدات وبلاغات عاجلة من قيادات في الجيش إلى المسؤولين في الحكومة اليمنية، تطالب بتحرير الاتصالات من سيطرة الحوثيين.
وعلى الرغم من كثافة البرقيات في شأن إيجاد اتصالات آمنة للجيش، التي بدأت قبل ست سنوات، إلا أنه حتى اللحظة ما تزال جماعة الحوثي تسيطر على شبكة الإنترنت والاتصالات في مختلف المحافظات اليمنية.
وعقب اعلان تشكيلها، تعهدت حكومة دولة رئيس الوزراء معين عبدالملك، تعهدت الحكومة اليمنية الجديدة، الخميس، باستعادة قطاع الاتصالات من سيطرة المليشيا الحوثية المهيمنة عليه منذ نحو 7 سنوات.
كما كشف وزير الاتصالات، نجيب العوج، بعد اسبوع من تعيينه عما وصفه بأنه “ملامح خطة”، قال إنها “متكاملة لوزارته، من شأنها استعادة قطاع الاتصالات وتحريره من قبضة الحوثيين”.
وتشمل الخطة، إعادة بناء مؤسسات القطاع وتحديثها بالشراكة مع القطاع الخاص، وصولاً إلى تأسيس هيئة مستقلة تشرف على تنظيم عمل الاتصالات، كما هو معمول به في بقية دول العالم.
وتحدث الوزير عن توجه لتشجيع الاستثمارات والابتكارات ودعم التعليم الافتراضي عبر شبكات الاتصالات والإنترنت خلال الفترة المقبلة.
وأوضح العوج بعد اسبوع من تعيينه أن وزارته تعكف على إطلاق عدد من المبادرات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، من أهمها إعادة وضع قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات لما كان عليه وتنظيم القطاع ووضع اللبنات لمشروعات جديدة.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، كشفت مصادر حكومية، عن توسيع الحكومة خططها وتحركاتها للحد من سيطرة جماعة الحوثي على شركات الاتصالات أحد أهم الموارد الرئيسية الذي ظل طوال سنوات الحرب خارج إطار سيطرتها وإدارتها.
وقالت المصادر إن الحكومة قررت العمل على استعادة أهم القطاعات العامة الإيرادية في إطار خطة شاملة تم وضعها للتصدي للأزمات الاقتصادية وتحريك القنوات الإيرادية، بما يؤدي إلى تفعيل الدورة النقدية وارتباطها بالبنك المركزي.
وبحسب المصادر فإن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات استكملت الترتيبات الفنية اليمنية مع المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية “عرب سات”، والمتعلقة بتقديم خدمات الإنترنت والاتصالات عبر الستالايت.
واعتبرت إن خدمات الاتصالات تأتي في طليعة القطاعات الواعدة التي يجب استعادتها ووضع حد لهيمنة الحوثيين على هذا القطاع المهم، الذي تستنزف جماعة الحوثي موارده من أجل تمويل حربها ضد الحكومة الشرعية.
وبعد نحو عامين من الوعود والتعهدات والخطط لم تفي الحكومة بوعودها، ولا يزال قطاع الاتصالات ”البقرة الحلوب”، تحت سطوة المليشيا تستخدمه للتنكيل بالشعب اليمني، فهل حان الوقت لتحريره، خصوصا وان الحكومة ”الشرعية“ تواجه أزمات اقتصادية غير مسبوقة، مع تشتت الموارد العامة وفقدان المورد الأول نتيجة توقف تصدير النفط والغاز، وباتت في امس الحاجة لاستعادة أهم المصادر التمويلية في اليمن.