حرائق الاحتلال تخرج عن السيطرة وتحاصر قواعد عسكرية
الرشاد برس –عربي
اندلعت حرائق واسعة النطاق، اليوم الأربعاء في جبال القدس الغربية، وامتدت بسرعة بفعل الرياح العاتية والحر الشديد، لتُحاصر مناطق مدنية وأخرى عسكرية، ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى إعلان حالة الطوارئ الوطنية، وطلب الدعم الخارجي في محاولة لاحتواء الأزمة.
وتوقفت حركة النقل على عدد من الطرق الرئيسية، فيما اشتعلت النيران قرب الطريق السريع الواصل بين القدس وتل أبيب، مخلفة ما لا يقل عن 22 إصابة، بينها حالات اختناق نتيجة استنشاق الدخان الكثيف الذي خيّم على المنطقة، وأدى إلى حجب الرؤية.
جاهزية هشة
رغم تدخل جيش الاحتلال الإسرائيلي ومساندته لقوات الإطفاء، أقرّ قائد فريق الإطفاء في القدس بأن السيطرة على الحريق ما زالت بعيدة المنال. وأعلنت سلطة الإطفاء أن “أفضل السيناريوهات” تشير إلى إمكانية احتواء النيران بحلول صباح الخميس، ما يعكس محدودية القدرة على التعامل مع كوارث طبيعية بحجم مماثل.
ورغم التعبئة العامة، أظهرت الحادثة ضعف التنسيق بين الجهات المختصة، لا سيما مع وصول الحرائق إلى محيط قاعدة عسكرية غربي القدس، ومحاصرة فرق إطفاء بالنيران، كما أُجلي سكان ثماني بلدات، إضافة إلى إخلاء جزئي لمستشفى “هداسا عين كارم” في القدس.
روايات متضاربة
في حين أرجعت السلطات بداية الحرائق إلى موجة الحر الشديد والرياح، أفادت الإذاعة الإسرائيلية لاحقًا باعتقال ثلاثة أشخاص يُشتبه بتورطهم في إشعال النيران عمدًا. وزعمت القناة 14 أن الحرائق “مفتعلة”، بينما ذهب وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير إلى اتهام الفلسطينيين بالوقوف وراءها، داعيًا صراحة إلى “إعدامهم”، وهو تصريح استفزازي يهدد بتأجيج التوترات.
هذا الخطاب المتشنج يثير انتقادات واسعة، إذ يُنظر إليه كاستغلال للكارثة في سياق التحريض السياسي، دون انتظار نتائج التحقيقات الرسمية، مما يقوّض مبدأ العدالة ويحوّل المأساة إلى ورقة للمزايدات.
ارتباك وفوضى
غطّى الدخان الكثيف المنطقة بين اللطرون وبيت شيمش، وسط حالة من الذعر بين السائقين الذين اضطر بعضهم لترك سياراتهم والفرار من النيران. كما تم إغلاق حركة القطارات بين القدس ومطار بن غوريون، وأُلغيت الاحتفالات المرتقبة بالذكرى الـ77 لإعلان قيام إسرائيل.
اللافت أن الحرائق تزامنت مع “يوم الاستقلال” وفق الرواية الإسرائيلية، فيما تعكس الوقائع الميدانية هشاشة المنظومة الإسرائيلية في مواجهة الأزمات، وانكشاف البنية التحتية للطوارئ، خاصة حين تتقاطع الأحداث مع وقائع سياسية أو أمنية.
عاصفة من النار والأسئلة
لم تكن الحرائق وحدها التي التهمت أحراج القدس وتجمعاتها السكانية، بل كشفت أيضاً عن عجز مؤسسات الدولة الإسرائيلية أمام الكوارث البيئية، واستخدام البعض لها كأداة لخطابات الكراهية.
وفي ظل استمرار التحقيقات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول الأسباب الحقيقية لاندلاع الحرائق، وقدرة إسرائيل على تأمين مواطنيها والبنية التحتية في وجه التحديات الطبيعية، من دون أن تُلقي باللائمة جزافاً على خصومها السياسيين أو تنزلق إلى التحريض الدموي.
المصدر: الأناضول