تقارير ومقابلات

حصيلة مؤلمة لضحايا الألغام في” الحديدة “خلال 2024

الرشاد برس ـــــــ تقارير

أعلنت بعثه الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “اونمها”،في تقريرها الصادر الأربعاء مقتل 41 مدنيا بانفجار ألغام من مخلفات الحرب في محافظة الحديدة غربي البلاد .
وتأسست البعثة الأممية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2452، بعد فترة وجيزة من التوقيع على اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/ كانون الأول 2018، بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين الداعي إلى نزع السلاح من محافظة الحديدة الساحلية.
وأفاد التقرير بأن البعثة “سجلت عام 2024 وقوع 61 حادثة مرتبطة بالألغام الأرضية ومخلفات الحرب المتفجرة في محافظة الحديدة”.
وأوضح أن هذه الحوادث “أودت بحياة ما مجموعه 41 مدنياً وأصابت 52 آخرين، وكان 40 بالمئة من الضحايا من النساء والأطفال”.
وكشف التقرير عن “انخفاض عدد الحوادث والضحايا إلى النصف تقريبا مقارنة بعام 2023″، محذرا في الوقت ذاته من أن “اليمن لا يزال متأثرا بشدة بالمخلفات المتفجرة حيث تعد محافظة الحديدة واحدة من أكثر المناطق تضررًا”.
ويعاني اليمن من انتشار لمخلفات الحرب التي تسبب بها الحوثيون مثل الألغام والمقذوفات والذخائر غير المنفجرة التي تسببت بمقتل وإصابة آلاف المدنيين منذ بدء عام 2015، وفق تقارير حقوقية.
وهناك تقارير تفيد أيضاً بأن بلادنا تحتاج إلى9 سنوات تقريباً للتخلص تماماً من هذه الألغام، حيث أشار المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) إلى أن 80% بمن المتضررين من الألغام سيعانون من إعاقات دائمة وتشويه وصدمات نفسية مدى الحياة.
كما تعاني بلادنا من الألغام الأرضية منذ عقود نتيجة للصراعات السياسية والعسكرية المتكررة التي أدت إلى عدم الاستقرار.
حيث زرعت الأطراف المتصارعة الألغام الأرضية أثناء التمردات والحروب الأهلية في فترة الستينيات والتسعينيات.
و على الرغم من هذا التاريخ الطويل والمرهق -في مطلع القرن- إلا أن اليمن كانت أول دولة عربية تدمر مخزونها من الألغام المضادة للأفراد بالكامل.
وبحلول عام 2007 أكد مصدر في المركز الوطني اليمني للأعمال المتعلقة بالألغام أن اليمن – من خلال توقعيها على معاهدة أوتاوا لإزالة الألغام التي تحظر زرع وتصنيع واستيراد الألغام ، وتدمير مخزونها من الألغام- اقتربت من إعلان نفسها  بلد خالٍ من الألغام.
و مع حلول الإنقلاب الحوثي في 2014 ازداد زرع الألغام بشكل كبير عندما اقتحم الحوثيون صنعاء، ومنذ ذلك الحين وحتى الإعلان الأخير عن الهدنة في أبريل 2022 ، تم زرع الألغام في مناطق الاشتباك في عدة محافظات يمنية وكذلك في مناطق قريبة من البحر الأحمر.
ولسوء الحظ أصبحت مهمة إزالة الألغام مهمة صعبة للغاية بسبب الطريقة غير المنظمة التي زرعت بها الألغام، مما جعل ذلك اليمن تتصدر قائمة الدول ذات سيادة الألغام الأرضية المحظورة دولياً.
ويرى مراقبون ان الالغام الأرضية والمتفجرات تشكل خطراً مباشراً على حياة المدنيين، وخاصة الأطفال، وبحسب الأرقام التي تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة قُتل و أصيب ما يقارب 13آلاف طفل نتيجة الحرب  في اليمن، وكان عدد كبير منهم من ضحايا الألغام الأرضية.
كما أفادت (منظمة حقوق الإنسان) أن ألغام الحوثيين تستمر في قتل المدنيين بشكل عشوائي وتسبب صدمات نفسية واجتماعية، و أن الرحالة والرُعاة والمزارعين والأطفال والنساء والمشردين وحتى الحيوانات لم يسلموا من شرور هذه المتفجرات الخطرة.
كما توجد للألغام تداعيات بعيدة المدى ليس فقط على العائلات الفردية، ولكن على المجتمع ككل، فالأسر التي تعتمد على الرعي والزراعة تفقد مصدر رزقها عندما يصبح المعيل الأساسي معاقاً أو مشوهاً بسبب الألغام الأرضية، بل إن العديد من المزارعين يمتنعون حتى عن حرث مزارعهم خوفاً على حياتهم.
علاوة على ذلك، أصبحت الأمراض العصبية والتشوهات الجسدية منتشرة في البلاد ، ولكن يكاد يكون من المستحيل علاجها بسبب نظام الرعاية الصحية الضعيف في اليمن الذي يكافح لتوفير الخدمات الطبية الأساسية، ناهيك عن مراكز الأطراف الصناعية الحديثة.
ومنذ 2015 زرع الحوثيون عشوائيا منذ بداية الإنقلاب ألغاماً في مناطق الاشتباك في تعز وصعدة والحديدة ومأرب وأبين ولحج والضالع والجوف والبيضاء وصنعاء وشبوة ومناطق أخرى.
ويقول مسؤول نزع الألغام اليمني أن الحوثيين زرعوا مليوني لغم في جميع أنحاء البلاد. وبالمثل ، أشار تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) إلى أن: ” تقريباً كل الألغام الأرضية وغيرها من العبوات الناسفة المدفونة في اليمن يبدو أنها قد زرعها الحوثيون” ، وأشار منشور صادر عن (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) إلى: ”  النطاق الهائل لاستخدام الحوثيين للألغام الأرضية “وأثارت أسئلة حول” مصدرها وإمداداتها، حيث أنه ليس من المفترض أن تمتلك اليمن مخزونات محلية من الألغام الأرضية.
و كما أشار التقرير نفسه إلى التأثير طويل المدى لهذه الألغام، وخلص إلى أن عددها الهائل وتوزيعها غير المنتظم سيجعل إزالتها بطيئاً وخطيراً.
كما تنبع التحديات الأخرى من استمرار سيطرة الجماعات المسلحة على بعض مناطق البلاد، ونقص السجلات أو الأنماط الواضحة التي يمكن أن تساعد في تحديد مواقع الألغام، ونوعيتها المستخدمة، ونقص فرق إزالة الألغام المحترفة المدربة على الأرض، و  عدم وجود أجهزة حديثة لازمة لكشف الألغام ، فضلاً عن كثرة الأعاصير والفيضانات والكوارث الطبيعية الأخرى التي تشتت الألغام عن مواقعها الأصلية.
و يجب على اليمن الالتزام بمنع وقمع جميع الأنشطة المحظورة المتعلقة باستخدام الألغام الأرضية كونها دولة طرف في اتفاقية حظر الألغام.
حيث تنص المادة 4 للولاية القضائية من المعاهدة المتعلقة بتدمير مخزون الألغام المضادة للأفراد بوضوح على أن “كل دولة طرف يجب أن تدمر ، أو تضمن تدمير، جميع مخزونات الألغام المضادة للأفراد التي تمتلكها، أو تحوزها، أو الموجودة في إطارها. وبالتالي يجب تقديم خرائط للألغام الموجودة، كما يجب القيام بحملة توعية شاملة بمخاطر الألغام لإعلام السكان بالمناطق المتأثرة بهذه المتفجرات وتزويد المجتمعات بالمعلومات حول مخاطرها بمجرد انتهاء الحرب.
و لسوء الحظ أن الجهود المحلية والإقليمية والدولية الحالية غير كافية للقضاء على مشكلة الألغام في غضون فترة زمنية قصيرة، أما جهود الحكومة فهي متخلفة بسبب هشاشة مؤسسات البلاد، لذلك من الضروري أن تتعاون الدولة اليمنية بشكل وثيق مع المانحين الإقليميين والدوليين لتعيين هيئة واحدة مسؤولة عن رسم خرائط التضاريس التي توجد بها الألغام الأرضية، وتطهير هذه المناطق، وإبلاغ المجتمعات.
و باختصار ، ستظل الألغام الأرضية والعبوات الناسفة المنتشرة في جميع أنحاء البلادبسبب الحوثيين تحدياً هائلاً في حقبة ما بعد الحرب، مما يهدد حياة اليمنيين، ويتطلب هذا الأمر تدخلاً عاجلاً من المبعوث الأممي الخاص لليمن وفريقه المتخصص للتصدي للأخطار التي لا تزال قائمة في مناطق الاشتباك ومنطقة البحر الأحمر ومنطقة الحدود السعودية، كما يجب على المجتمع الدولي دعم مشروع إزالة الألغام في اليمن من خلال مساعدة المركز الوطني المتخصص ، وتدريب ونشر فرق إزالة الألغام المحلية والدولية ، وإنشاء هيئة مستقلة للتوعية بمخاطر الألغام الأرضية ، ووضع خطة عملية لما بعد الحرب ، وإنشاء صندوق لضحايا الألغام والمقذوفات الأرضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى