التحالف الإسلامي هل اكتمل الديني والسياسي؟
آدم الجماعي
إعلان التحالف الإسلامي ببُعده الديني، جاء رديفا للتحالف العربي ببُعده السياسي له شأنه وأهدافه، وكما أنه توسيع لدائرة الحلف الإقليمي، فهو أيضا يعني أنه سيفتح ملفات أخرى بحجم العالم الإسلامي.
ويمكن في هذه القراءة السريعة أن نتناول جانبين رئيسين وهما: الورقة الإقليمية، والورقة اليمنية :
أولا: الورقة الإقليمية
الدولة السعودية الحديثة وقفت أمام مستقبل جديد، وتشكلت بقيادة جديدة قابلة للتركيب مع المشروع الحديث، وهو ما احتاج حسب تصريح الملك سلمان إلى “قيادة شابة”.
بدأ المشروع بتحالف عربي سياسي لحماية المحيط الخليجي بداية من اليمن بعد إعصار الثورة المرتدة التي أسقطت المشروع السياسي برمته بعد أن خرج من مؤتمر الحوار الوطني بوثيقة دولة.
وبدا هذا القرار جريئا في كل الأحوال، واستقبله المجتمع الدولي ببرودة سياسية، وظهر كمشروع عربي اتحادي صارم، وهدفه استعادة دولة “هادي” وقمع انقلاب المؤتمر والحوثي، وقطع أطماع الجمهورية الإيرانية في اختطاف صنعاء. كل هذا يريد منه التحالف العربي -سيما السعودية – تحقيق موقف من الآتي:
1-وضع حد لإيران من ممارسة العبث في البلدان العربية، واستعادة الموقف العربي تجاه جمهورية إيران حتى تحترم السيادة السياسية والوطنية.
2-كشف اللعبة الأمريكية مع إيران التي أثبتت تواطؤ البلدين في زعزعة الاستقرار في الوطن العربي
3-تجربة السعودية في قيادة الموقف العربي بهذه الخطوة التي جاءت في وقتها مع غرور السياسة الإيرانية.
4-إثبات السعودية أنها دولة سياسية وعسكرية قوية، وأنها تمتلك زمام الموقف بجدارة في الوقت الذي تريده، والأهداف التي تخطط لها. ثم بدا للسعودية أن توسع دائرة التحالف دينياً، وتجمع أطراف العالم الإسلامي، وعينها على (تركيا، وباكستان، وماليزيا)، لتغطي مساحة كبيرة من المحيط الإسلامي، وتلتف على المشروع الشيعي سياسيا ودينيا وجغرافيا.. وهذا الإعلان نجحت فيه السعودية من خلال الآتي:
1-تعرية إيران من الولاء الإسلامي.
2-وضعت مشروع التشيع السياسي في مأزق، لأن إيران بذلت جهودها لصناعة حلفاء في خاصرة الخليج، بينما السعودية فاجأتها باستيعاب دول عربية إسلامية ضد سياسة ولاية الفقيه. وهذه السياسة اكتمل فيها البعد الديني مع السياسي، واستوعب ورقة المواجهة الإقليمية بخطوات غير متوقعة بفارق الزمن، وسحبت البساط الديني عن إيران بعد أن بدأت تتبجح به من “طهران”
ثانيا: ورقة اليمن
قصة البداية كانت هي “اليمن”، وهي التي كسرت حاجز الصمت الخليجي أمام صخب إيران وأقلياتها الموالية لها.
قرر التحالف العربي أن يخوض الملف اليمني بيد من حديد، وبين عشية وضحاها فاجأ العالم وأربك “طهران”. وكان واضحا بمشروعه أنه عربي سياسي.. بتخويل وطلب من الرئيس اليمني لإنقاذ مصير الوطن بعد الانقلاب.
ويراه الخليج أمرا طبيعيا ومشروعا.. بعد استنفاد الدور السياسي للمبادرة الخليجية التي مثلت خارطة الانتقال السياسي الآمن لليمن.. فانقلب عليها “صالح” و”الحوثيين”.
هكذا رسم التحالف الورقة اليمنية أنها ضرورة ألجأها إليها الغطاء الإيراني سياسيا وإعلاميا وعسكريا.. والذي هدد المنطقة الخليجية بوضوح. ومن ناحية أخرى درست السعودية عوامل التحول في المنطقة أنه لن ينجح بعيدا عن “البعد الديني”، لأنه الصفة المشتركة التي تنازعهم فيها “إيران” كجمهورية إسلامية وعضو في اتحاد المسلمين والمؤتمر الإسلامي.
وهو الأمر الذي يحتاج إلى الاستيعاب الجاد ضمن عوامل التضييق على “طهران”. فجاء إعلان التحالف الإسلامي لتأمين الولاء الديني في العالم الإسلامي لصالح مشروع التحالف العربي، وتحييد “طهران” في الزاوية المذهبية الطائفية. وبناء على هذا التحالف الإسلامي سيكون ضمن مشروعه مكافحة الإرهاب الفكري والطائفي، ويتولى تمثيل العالم الإسلامي بعيدا عن النزق الطائفي لـ “طهران”.
ولهذا التحالف تداعياته في الشأن اليمني خصوصا.. من خلال:
1-إعادة إنتاج مشروع الدولة اليمنية الحديثة تحت غطاء هذا التحالف -الديني السياسي-، ليشارك مع الخليج بتبعاته وآثاره بعد أن كادت المبادرة الخليجية أن تفشل بالانقلاب.
2-تعزيز الولاء الديني في إيقاف مثل هذه الصراعات الداخلية، وقطع فتيل الطائفية التي تريده “إيران” أن يظل مشتعلا في اليمن والعراق وسوريا.
3-إبراز الوجه الإسلامي بنموذج التحالف الجديد، وإزاحة الصورة الإيرانية من الواجهة. طالما حاولت تمثيلها بوسائل الإعلام ومواقفها المزيفة
4-توسيع دائرة الإرهاب الفكري، وإضافة اللون المذهبي والطائفي الخطير الذي تمارسه إيران، وهو المسكوت عنه غربيا، وهذا ما شكك التحالف العربي في مواقف الغرب من حزب الله والحوثيين.
5-كشف العلاقة الإيرانية مع الملفات الغربية في دهاليز المصالح المشتركة بينهما.. وإحراق الورقة المذهبية التي بدأ الغرب يلعب بها داخل اليمن والعالم الإسلامي.