ذكرى 26 سبتمبر.. ثورة شعب وميلاد وطن
بقلم /فؤاد الشراجييومٌ ليس كسائر الأيام عند اليمنيين، يوم أن نام الناسُ على عقيدةِ الإستبداد وفاقوا على دين الحرية، يوم أن تكسرت قيود الظلام بنضال وتضحيات الأبطال، يوم أن خارت قوى الكهنوت بفعل ضربات الأحرار… ليولد وطن من رحم تلك الثورة.
فمع اندلاع شرارة ثورة ال 26 من سبتمبر تدافع الأحرار من كل صوب لتلبية نداء الثورة الداعي لنفض غبار الإستبداد الذي حجب عنهم شعاع الحرية لعقود، وأذاقهم ويلات التخلف والخنوع لسنيين طويلة، جراء سياسات التجهيل التي اتبعتها قوى الكهنوت وطبقتها على جميع أطياف الشعب، لتجعله مخدرًا نائما، لا يفيق من سباته ولا يصحو من غفوة التي ما كان لها أن تستمر كل تلك العقود؛ لولا الوهن والشتات الذي أصاب المجتمع في تلك الفترة.
وتعد ثورة ال 26 سبتمر من عام 1962م نقطة تحول فارقة في حياة اليمنيين، حيث عملت على أخراجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن جور الإمامة إلى عادلة الجمهورية، ومن ظلام العبودية إلى وهج الحرية، لتشهد البلاد بعدها انفتاحًا واسعًا شمل جميع مناحي الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية، واستطاعت اليمن بفترة وجيزة من بناء علاقات وثيقة مع بلدان العالم، التي رأت في الثورة وقادتها خير ممثل للشعب اليمني.
وكغيرها من الثورات كان لثورة ال 26 سبتمر أهدافًا سامية صِيغت بدماء الأحرار الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم ثمنًا لتحقيقها وجعلها أسلوب حياة يتربى عليه أبناء الجمهورية الذين ما كان لهم أن يؤمنوا بتلك الأهداف ويعملوا بغيرها.
ومنذ انطلاقتها، واجهت الثورة مقاومة شرسة من قبل قوى الإمامة والكهنوت، والتي حاولت إجهاضها أكثر من مرة، لكنها لم تفلح رغم محاولاتها المستميتة، نظرًا لوعي الشعب بخطورة العودة إلى ما قبل ال 26 من سبتمبر.
ومع تقادم السنيين وتغير الظروف والأحوال بقيت أهداف الثورة كما هي.. حِبرًا على ورق الأحرار، يتغنى بها الثوار جيل بعد آخر دون تحقيق، ولم يلمس اليمنيون في تاريخهم الحديث والمعاصر تحقق لتلك الأهداف إلا في فترات ومراحل معينة، وهذا ما يجعل من الثورة شعلةً متقدةً لا يمكن لها الخُفوت أو الإنطفاء إلا بتحقيق أهدافها كاملة دون تجزئة أو تأويل.
وكما كان حال الثورة مع الإماميين في فترة الستينات ومع بعدها، ها هي اليوم تواجه ذات المصير مع الإماميين الجدد المتمثلين -بمليشيا الحوثي الإنقلابية- والتي تريد طمس هوية تلك الثورة ببتداعها ثورة جديدة في نفس الشهر ولكن بفارق الخمس، الخُمسُ التي تريد أخذه من أموال اليمنيين، وهذا ما يرفضه اليمنيون ويجعلهم يتمسكون بثورة ال 26 من سبتمبر رغم انقضاء 59 عاما على اندلاعها.