تقارير ومقابلات

سلمية الريف في اليمن تتحول إلى بارود في وجه الحوثيين….

الرشاد برس تقارير ومقابلات
 
تعيش بلادنا اليمن ذكرى انطلاق ثورة الحادي عشر من فبراير الشبابية، وهي الذكرى الثامنة للثورة، التي أطاحت بنظام مستبد ظل في سدة الحكم، 33 عاماً، مخلفاً تركة ثقيلة من الجهل والاستبداد، تجسدت في انقلاب بغيض على الدولة، لبس عمامة الإمامة والطائفية والمناطقية، خروجاً عن مخرجات حوار شامل بين الأطياف اليمنية، كانت نتيجة لثورة الشباب، التي صارت شعبية، تحدث عنها البعض لسنوات باعتبارها نموذجاً في التغيير، يجب أن يحتذى في بلدان الربيع العربي، التي دخلت خريفاً لم ينته بعد كسوريا وليبيا، وهو النموذج الذي لا بد أن يبقى، كما يقوله اليوم الجيش الوطني، الذي صار يتحلق حوله كل من يريد يمناً اتحادياً خالياً من كل وسائل الهيمنة والجبروت.
مشروعية الهدف…..
كما هي الذكرى السابعة لانتخاب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وهو الانتخاب الذي مثل انتصاراً، أراد منه اليمنيون ولوج حقبة جديدة من الديمقراطية والحكم الرشيد، عمل رئيس الجمهورية، وما زال يعمل من أجل هذا الحلم، وقد دعا عقب انتخابه إلى مؤتمر حوار وطني، يجمع كل أطياف الشعب اليمني، ليقولوا كلمتهم، ويحققوا ما أرادته الثورة التي ابتغت الوصول إلى أهدافها بسلمية.
اليمنيون جميعا، ومنهم القادمون من الريف تركوا أسلحتهم وانخرطوا في ميادين الثورة، حينها، وفي هذه الذكرى، تغير الحال كثيراً، فأبناء الريف أصبحوا يواجهون المليشيا الحوثية، بكل قوة وإيمان بمشروعية هدفهم، فيعملون في ظل شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي من أجل إنهاء التمرد، وعودة الأمور إلى نصابها، فمناطق ومسميات عدة، صارت تزاحم في الذاكرة كريف تعز، ومديريات لحج، والساحل الغربي، وصرواح، ونهم، ومطارح مأرب وشبوة، وأرياف صعدة وإب والضالع وحجة التي أصبحت فيها حجور تصنع ألقها ونموذجها الخاص بها، وبنكتها المقاومة، وهي القبيلة التي نرجو أن تكون مثالاً ومفتتحاً لانتفاضات أخرى في القبائل اليمنية، التي لا شك بأنها ستلقن مليشيا الحوثيين دروساً في النخوة والوطنية، التي ضربت بها الجماعة المدعومة من إيران عرض الحائط وتنكرت لكل الأعراف والتقاليد فزجت بالصغار والكبار في معاركها الخاسرة، إرضاء لأسيادها الجدد، ولغرورها وبحثاً عن حقها المقدس كما تزعم، والذي سقط أمام الثورة المستمرة، التي تحولت إلى بارود وغضب لن يستكين إلا برفع علم الجمهورية عاليا في كل شبر من الأرض اليمنية.
إنهاء الانقلاب…..
الذكرى التي لن يستطيع أحد تجاهلها، فالقلوب ستظل مرددة نشيد حبها وخلاصها، الذي رسمته «فبراير» وها هي قد نجحت في التأليب من أجل إنهاء الانقلاب وتحالفه القبلي والسياسي، الذي بدا يتساقط تحت ضربات الأبطال في كل الميادين، وقد تخلقوا بقيمهم ومبادئهم، التي لن تحيد عن كرامة اليمنيين وحريتهم.
امتداد للثورة…..
يرى متابعون إن أهداف الثورة هي من تتجسد اليوم على أرض الواقع، يصنعه شباب فبراير، ومن معهم من الباحثين عن العدالة الاجتماعية، والحرية، وفرص العيش، كما هو في الريف اليمني، الذي ظهر صلباً في مقاومة الانقلاب، والعمل على دحره، ونجح في محافظات كثيرة، فالريف كما كان امتداداً لفعاليات الثورة، أصبح ركيزة أساسية في القتال، الذي يدور في الجبهات المختلفة.
انتفاضة الريف…..
ففي هذه الأيام، يعيش اليمنيون انتفاضة حجور، وهي بلدات صغيرة في محافظة حجة، شمال البلاد، وهي المحافظة، المحاذية لمعقل الحوثيين صعدة، وهو ما يدلل على أن الريف يستطيع الانتصار بعزيمة أبنائه، المتخلقين بقيم فبراير، إذ يرى عبدالله مقبل، القادم من ريف تعز، إلى إحدى جبهات محافظة صعدة، بأن هزيمة الحوثيين قريبة، وأنهم مصرون على ذلك، فعبدالله شارك في مقاومتهم سنتين في منطقته، وانتصرنا كما يقول وبأسلحتنا الخفيفة، ويواصل بأنه أصبح أكثر تمرساً على السلاح، على الرغم من أنه يحمل شهادة جامعية مدنية.
رافد قوي…..
وعن ذلك يرى الناشط في الثورة، والإعلامي في إحدى الإذاعات الخاصة بتعز، أحمد الجبري، بأن الريف شكل رافداً قوياً للتغيير في اليمن، وهو ما يعرف عن الريف اليمني في كل الثورات، إلا أن له في ثورة ١١ فبراير الزخم الأكبر، فما شهدته ساحات الثورة حينها ومسيراتها الحاشدة في مختلف محافظات الجمهورية حجز الريف مكانه وسجلت له شهادة تفوق وإبداع.
مواصلة النضال…..
ويتذكر الجبري، الخيام والساحات الثورية التي كانت تحت مسمى المديريات، أو لافتات المسيرات في الحشود والمسيرات والكرنفالات، التي عكست مقدار الوعي الذي حمله أبناء الريف الذين تقاسموا وأبناء المدينة مر المواجهة و طعم النضال و حلاوة الانتصار جنبا إلى جنب، مقرناً كل ذلك ما يعمله اليوم أبناء الريف من مواصلة للنضال، في كل الجبهات، سواء في تعز، أو البيضاء أو الساحل العربي، ونهم وصرواح وأرياف حجة وصعدة، وغيرها من المحافظات، فالريف في كل مراحل النضال وفصول المواجهة لم يغب بحسب الجبري، إذ كان الرافد الأبرز في كل فعالية يطلب إليها أو يندب للقيام بها في مناطق تواجده.
دور محوري…..
ويؤكد الصحفي وليد الجبر، أحد شباب الثورة في محافظة ذمار، وسط اليمن، أن الريف وأبناء القبائل بمختلف فئاتهم العمرية ومستوياتهم التعليمية كان له دور كبير ومحوري ومؤثر ساهم في إنجاح ثورة ١١ فبراير والسعي نحو تحقيق اهدافها النبيلة بعد تقديم القبيلة والريف اليمني تضحيات كبيرة من خيرة ابنائها، وما زالوا يقدمون إلى اللحظة.
قادر على قلب الموازين…..
ويؤمن الجبر بأن الفارق الذي صنعه الريف في أحداث الثورة، بعد أن رجح كفة الثوار على النظام، قادر على قلب الموازين، وقد عملها اليوم، والرقعة الجغرافية للانقلاب، تتناقص يوماً بعد آخر، وحالة الغليان تزداد في كل المحافظات، وهي حالة مفارقة شهدتها اليمن، ففي أتون الثورة السلمية ترك أبناء الريف السلاح، وحين استدعى الأمر ها هم يحملونه اليوم في مواجهة صلف الحوثيين وانقلابهم على مبادئ الثورة، والدولة المدنية، متذكراً حالتهم إبان حكم علي عبدالله صالح، الرئيس السابق، الذي ثار الجميع ضده، وقد عمد الى تجهيل أبناء القبائل والريف اليمني وتهميش دورهم وتشويهه وتشويه صورتهم أمام الرأي العام المحلي والعالمي، وسعى بكل إمكانيات الدولة إلى تغذية الصراعات القبلية فيما بينهم ليسهل عليه السيطرة على هذا المكون الرئيسي والمهم ضمن السياج الاجتماعي للمجتمع اليمني، وهو ما سعى إليه الحوثيون أيضاً، لكنهم باءوا بالفشل أيضاً نتيجة للوعي الذي يتخلق يوماً بعد آخر.
ثورة الريف متواصلة…..
ويؤكد الجبر أن ثورة الريف متواصلة وستعمل على تحقيق أهدافها، فهذه المعطيات غير المسبوقة في سلوك القبيلة اليمنية، لم تكن طفرة أو وليدة اللحظة أو حدثاً عابراً أتى بلا مسببات ، بل هو سلوك تراكمي يعبر عن رغبة حقيقية لأبناء القبائل اليمنية بتحقيق دولة مدنية حديثة يتساوى فيها الجميع وتحفظ فيها الحقوق والحريات تحت مظلة الدستور والقانون بعد أن عانوا من السياسات الخاطئة طيلة العقود السابقة.
أرضية ذهبية للثورات…..
ويدلل الإعلامي فائز النظاري بأن الريف حاضنة حقيقية للوعي، بما يحمله من مشاعر صادقة وطموح تنطلق منه الأمنيات التي هي أرضية ذهبية للثورات دائما فأبطال الثورات دائماً مرجعيتهم الحقيقية هي الريف المحروم من أدني الحقوق فثورة فبراير كانت خلاصة الألم الذي لملمته الأيام والسنوات لنظام فرض ظلمه وجهله وفقره هناك مناطق وصلها الإنسان لم تصلها التنمية، لذا الريف اليوم ومع مقاومة الانقلاب، ما زال يحمل مشعل فبراير، فثقافة التضحيات هي المسيطرة، فالنصر سيتحقق بمثل هذه السواعد التي آزرت فبراير، ومن ثم واصلت نضالها في استعادة الدولة والعمل من أجل تحقيق كل الأحلام المرجوة.
الصبيحة.. أيقونة الساحل الغربي…..
تركت الطبيعة، حيث الشمس الحارة والتهاب الرمال بصمتها على وجوههم السمراء، وأجسامهم النحيلة، وقامتهم الممتدة، تجدهم في مقدمة صفوف القتال، انضموا إليه، جماعات وأفراداً، شكلت فيما بعد خط الدفاع الأول على العاصمة المؤقتة عدن، وعلى أهم ممر مائي في الجزيرة العربية، مضيق باب المندب، إنهم قبائل الصبيحة، القبيلة، أو الخزان البشري الممتد من عدن شرقًا حتى باب المندب غربًا، الذي رفد الجيش بالآلاف من المقاتلين في مواجهة فلول مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً.
تضحيات كبيرة…..
فالصبيحة ليست مجرد اسم أو مصطلح، بإمكانك المرور عليه، سريعاً، لن تستطيع أن تمر مرور الكرام، يحتاج منك وقفات كثيرة، وأنت تحاول وصف أحداث الأعوام الأخيرة في اليمن، ليس موقعها الجغرافي فحسب وإن كانت، تقع بالقرب من أهم ممر مائي، ما يمكنك الحديث عنه فقط، فهي تربط البر بالبحر، وتتوسط عدن وتعز، وبقية مديريات محافظة لحج، عبر مناطق صحراوية مجاورة للبحر مباشرة وهو ما يمنحها أهمية اقتصادية كبيرة، بل ومكانة تاريخية، موغلة في القدم، ناهيك عن بطولات أبنائها وتضحياتهم في مقارعة الاستعمار، وصولاً إلى وقفتها الكبيرة ضد الانقلاب الحوثي على الدولة، إذ كانت الصبيحة بحق الحارس الأمين للساحل، بشقيه الغربي بمحاذاة البحر الأحمر، وصولاً إلى ميناء الحديدة، أو الجنوبي باتجاه خليج عدن، إضافة إلى تضحيات وبطولات كثيرة لا بد أن تذكرها في جبهات أخرى كان فيها للصبيحة نصيب كبير من الشهداء والجرحى.
أهمية عسكرية……
أدركت مليشيا الحوثي الإجرامية أهمية الصبيحة أرضاً وإنساناً منذ اللحظة الأولى من انقلابها، فهي تعلم، بأنها لن تنتصر إذا انتفضت هذه الأرض عليها، لتمرس أبنائها على القتال، وانضواء الآلاف منهم في السلك العسكري، ووجود قيادات عسكرية منهم، يمتلكون من الخبرة والدراية القتالية، مما سيعمل على هزيمتها باكراً، فلجأت المليشيا إلى عملية خاطفة، واستطاعت اختطاف وتغييب اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، وعملت على تقييد حركة آخرين من القيادات، إلا أنها فشلت بعد أن بدأ العسكريون من أبناء الصبيحة ترتيب صفوفهم مبكراً، بعد أن اجتمع أكثر من 400من العسكريين في أبريل من 2015م، لفرض السيطرة على المساحات المنبسطة من رأس عمران حتى باب المندب وإن كان ذلك بعد حين، بعد تلقيهم دعماً مباشراً من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
تشكيل ألوية……
أثبتت قبائل الصبيحة بأنها من أشرس القبائل قتالاً، وتنظيماً، وحباً للدولة، والعمل تحت رايتها، فمنذ البداية بعد أن حققت انتصارات متتالية، ومتتابعة أولها تحرير رأس العارة، ومعسكر خرز وجبال كهبوب ومعسكر العمري، مع غيرهم من أفراد المقاومة والجيش الوطني، سعت إلى تشكيل الألوية العسكرية، وتنظيم صفوفها، وعمل المعسكرات التدريبية، بقيادة قادة كانت بقدر المرحلة، كالعميد الشهيد عمر الصبيحي، والعميد أحمد عبدالله تركي، والعميد محمود صائل، والعميد عبدالغني السروري، والعميد حمدي شكري الصبيحي، وغيرهم من القيادات العسكرية.
الصبيحة ومهمة تأمين باب المندب…..
مهمة كبيرة اضطلعت بها الألوية الوليدة، التي وقفت حاجزاً منيعاً ونقطة دفاع أولى عن أي تقدم باتجاه عدن من قبل مليشيا الحوثيين، كما كانت نقطة انطلاق إلى تفكيك المليشيا الحوثي وكتائبها القتالية، باتجاه محافظة تعز، في كرش، أو غرباً حيث معسكر وقاعدة خالد بن الوليد، ذات الأهمية الاستراتيجية، وميناء المخأ، الذي كان تحريره، بمثابة البداية، لتحرير الساحل الغربي، والاتجاه نحو محافظة الحديدة، وهي المهمة التي كانت مؤلمة للمليشيا الانقلابية، فسعت إلى تشتيت جهود هذه الألوية العسكرية، والعمل على فتح جبهات جبلية، قريبة من قرى ومناطق الصبيحة، وحاولت التوغل، والوصول إلى قرى طور الباحة، المديرية، التي تحادد مديرية حيفان التابعة لمحافظة تعز، إلاّ أن الهزيمة هي من كانت تطارد مليشيا الحوثيين، بعد أن أسندت المهمة للواء الرابع مشاه جبلي، وكتائب من ألوية أخرى فحققت انتصارات كبيرة، وعادت عناصر المليشيا بالخذلان.
مقاومة شرسة…..
ما زال يتذكر أبناء المنطقة بأنهم أوقفوا المليشيا الحوثية منذ البداية، خصوصاً من الخط الساحلي، إذ أحجمت المليشيا في بداية سيطرتها على عدن في أوائل 2015م، من أن يكون الهجوم من اتجاه البحر، لأنها تدرك بأن المقاومة ستكون شرسة، وسيبوء هجومهم بالفشل، فلم تتمكن من التقدم من باب المندب فعمدوا إلى التوغل عبر خط العند الوهط الرجاع عمران مشهور، لكنهم لم يستطيعوا مواصلة تقدمهم نحو خور عميرة ليفتحوا الطريق إلى باب المندب كخط إمداد استراتيجي يربط قواتهم بعدن من جهتي الشمال والغرب مستغلاً الطرق العسكرية التي أنشئت لهذا الغرض منذ زمن، فظلت المليشيا محافظة على مناطق معينة ومهمة بالقرب من باب المندب ومعسكر العمري لأشهر حتى التحرير الكامل.
إكمال المهمة…..
استطاع أفراد الجيش من أبناء الصبيحة، بإكمال مهمتهم الرئيسية بنجاح، وهي حماية وتحرير السلسلة الجبلية المطلة على باب المندب وجزيرة ميون، حيث يرابط أفراد اللواء الثالث حزم حالياً، وهي السلسة التي عمل الحوثيون على أن تكون مزروعة بالكامل بالألغام والمتفجرات، تقول قيادة اللواء: إن أغلب من استشهد من أبناء الجيش هو بسبب الألغام، خصوصاً في الفترة التي سبقت تحريرها وانتزاعها من أيديهم، في مايو من العام 2018م.
مقاومة مستمرة……
يرابط المئات من أبناء الصبيحة، بالقرب من ميناء الحديدة، بعد أن اشتركت كتائب من الألوية المتعددة، رافقوا تقدم الجيش، وقدموا العشرات من الشهداء والجرحى، بينما توزع آخرون على طول الساحل الغربي، وجبهات الوازعية وحيفان وطور الباحة والمقاطرة، وصولاً إلى كرش وجبهات القبيطة والراهدة، وغيرها من الجبهات المنتشرة في أنحاء الجمهورية تقاوم الإمامة وانقلابها الحوثي
سبتمبر نت…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى