مقالات

رمضان: فرصة لتطهير الروح وتجديد الإيمان

بقلم /صالح يوسف
رمضان هو موسم روحاني تتنزل فيه الطهارة والسكينة على قلوب المؤمنين، ويظل الصيام فيه أسمى وأعظم وسيلة لتهذيب النفس وتزكية الروح. فليس الصيام مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو صوم عن كل ما يلوث القلب ويشوش على سكون الروح وطمأنينتها. هو تدريب يومي على ضبط النفس، وتقوية الإرادة في مواجهة الشهوات والغرائز التي تسعى لاختراق صفاء القلب وتغذيته بالغفلة.

إن الصائم الحق هو من يعكس في صيامه معنى الطهارة والنقاء الداخلي، فلا يقتصر صومه على الجسد فقط، بل يمتد ليشمل صيام القلب عن القسوة، وصيام اللسان عن الغيبة والكذب، وصيام الفكر عن التعلق الزائد بالدنيا. في هذا الشهر المبارك، يعيد المسلم ترتيب أولوياته، مستشعرًا أن كل لحظة تمر هي فرصة للتقرب من الله، والابتعاد عن كل ما يعكر صفو سريرته.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة في عبادة الصيام، فكان يصوم جسدًا وروحًا، ويعيش الصيام بكل حواسه، ما يعزز فينا مفهوم أن الصيام ليس عبادة جسدية فحسب، بل هو مسعى لتحقيق التقوى والنقاء الروحي. في هذا الشهر، لا نكتفي بتعداد الختمات والصلوات، بل نبحث عن تغيير جوهري في قلوبنا، لا تتأثر بالتحديات الحياتية ولا تتزلزل أمام الهموم.
الصيام، إذًا، ليس مجرد الامتناع عن المأكولات والمشروبات، بل هو صوم عن كل ما يلوث صفاء الروح، وهو الطريق الذي يؤدي إلى التقوى والسمو الروحي. الفائز في رمضان ليس من أتم الصيام والشعائر فقط، بل من استطاع أن يطهر قلبه ويزكي نفسه، ويعيش الصيام بروح من الخشية والمراقبة لله في السر والعلن. رمضان هو فرصة نادرة للتغيير الحقيقي، والتجديد الروحي، والتفرغ لعبادة الله بنية خالصة وفكر صافي، لنخرج منه أكثر نقاءً وأقرب إلى الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى