تقارير ومقابلات
رمضان في إب.. انتهاكات حوثية واسعة وسط ممانعة شعبية
الرشاد برس | تقاريـــــــــــــــر
مع بداية شهر رمضان المبارك، ضاعفت مليشيا الحوثي الإيرانية من انتهاكاتها بحق أبناء محافظة إب (وسط اليمن)، كامتداد لنهجٍ بدأته في أول يوم وطأت فيه قدمها مدينة السلام.
انتهاكات المليشيا في إب هذا العام تجاوزت القتل والخطف والنهب والسطو اليومي المستمر الذي ترتكبه بحق أبناء إب، إلى محاولات فرض تغيير مذهبي وطائفي وإكراه الناس على اعتناق معتقدات وطقوس دخيلة على المجتمع في محاولة مستميته منها لتطييفه وصبغه بالصبغة الشيعية التي تسعى المليشيا لتحقيقها بوتيرة عالية في مناطق سيطرتها.
هذه الانتهاكات والتي حاولت المليشيا فرضها بالقوة وإكراه الناس عليها، لم تمر مرور الكرام هذه المرة حيث بدا المجتمع يقظا أمام تلك المحاولات وأفشل بطريقة أو بأخرى تلك المساعي.
مع أول يوم من شهر رمضان المبارك بدأت المليشيا الحوثية عمليات جس نبض، حيث أرسلت مسلحيها في مديرتي المشنة والظهار (مركز المحافظة)، لتهديد أئمة ومؤذني المساجد بتأخير مواعيد أذان المغرب (موعد الإفطار) لمدة 11 دقيقة عن التوقيت الرسمي، وهي التهديدات التي لاقت استهجان ورفض شعبي كبير وأد تلك المحاولات في مهدها.
الرفض الشعبي دفع المليشيا وعبر المشرف الثقافي الحوثي أحمد الحمران إلى اختطاف عدد كبير من أئمة ومؤذني المساجد في مديرية القفر بعد رفضهم الالتزام بالتوجيهات الحوثية القاضية بتأخير مواعيد الإفطار حتى دخول الليل وظهور النجوم في تناغم مع المذاهب الشيعية.
وفي اليوم التالي استدعى الحمران أئمة مساجد مديرتي المشنة والظهار إلى قسم شرطة 17يوليو، وأخذ منهم تعهدات بتأخير موعد أذان المغرب حتى دخول الليل وظهور النجوم (بعد نحو 11 دقيقة عن التوقيت الرسمي).
وأشارت مصادر محلية إلى أن عدد كبير من الأئمة أحجموا عن الحضور إلى القسم لرفضهم القرار الحوثي المتصادم مع المجتمع الذي لاينتمي إلى المذاهب الشيعية التي تحاول المليشيا تكريسها بالقوة في المحافظات الخاضعة لها.
هذه الإجراءات الحوثية قوبلت برفض شعبي كبير، حيث توافد المصلين إلى المساجد بشكل مكثف وقت أذان المغرب تحسباً لأي تدخلات حوثية لتأخير مواعيد الأذان، وقالت مصادر محلية، إن هذا الدعم الشعبي دفع الأئمة إلى تحدي القرارات الحوثية والأذان في مواعيد الإفطار.
في المقابل من ذلك دعا عدداً من نشطاء مواقع التواصل المواطنين إلى الإفطار عند المواعيد المحددة وفق تقويم المحافظة حتى في حال إجبار الأئمة على تأخير الأذان.
ويرى الناشط عبدالله الدميني أن محاولات مليشيا الحوثي فرض طقوسها بالقوة تأتي بسبب عدم وجود حاضنة شعبية لها في المحافظة التي ترفض أي أفكار دخيلة عليها.
ويضيف في حديثه ان “المليشيا فشلت في فرض مذهبها وتغيير معتقدات السكان عن طريق ما تسميها الدورات الثقافية والتعبئة عبر خطابات زعيمها وخطب المنابر والقنوات ولذا لجأت إلى إكراه الناس في معتقداتهم”.
ويتابع: “اليوم المجتمع يشهد ممانعة وانتفاضة سلمية في وجه المليشيا وغداً حتماً سينتهي بهذه المليشيا مطرودة تجر أذيال الهزيمة أمام أحفاد علي عبدالمغني”.
تفيد مصادر محلية أن مليشيا الحوثي الانقلابية، لم تنجح في منع إقامة صلاة التراويح في محافظة إب، نظراً لتصادم المجتمع معها، غير أنها فرضت إجراءات من بينها خفض أصوات مكبرات المساجد ونشر عدد من مشرفيها الثقافيين لإلقاء خطابات تعبوية خلال صلاة التروايح، فضلاً عن إرغام أئمة المساجد على إبقاء المساجد مفتوحة حتى الانتهاء من كلمة زعيم المليشيا.
وفي هذا السياق، أكدت المصادر أن المليشيا فرضت على أئمة المساجد تركيب شاشات تلفزيونية في مساجد مدينة إب، وعدد من المديريات الخاضعة لسيطرتهم.
وحسب مصلين وسكان محليين فإن المليشيا أجبرت أئمة المساجد وخاصة تلك المتواجدة في الأسواق، على فتح مكبرات الصوت لبث خطابات زعيم المليشيا ومحاضراته بشكل يومي، بالتزامن مع رفع شعار المليشيا “الصرخة” عقب الانتهاء منها.
ولم تكتفِ المليشيا عند ذلك بل حوّلت المساجد إلى مجالس لمضغ القات أثناء الاستماع إلى كلمة زعيم المليشيا.
ولاقت هذه الإجراءات استياءاً شعبياً كبيراً وعزوفاً عن الجلوس في المساجد الأمر الذي دفع المليشيا لإرسال عناصرها إلى عدد من المساجد لتغطية الفراغ الذي تركه المصلون المغادرون فور انتهاء الصلاة.
“لم يتركوا لنا حالنا.. الناس في رمضان يطلبوا الله ويعبدوه وإحنا مطاردة مع عصابات النهب والجبايات” يقول: عيسى محمد صاحب متجر في مدينة إب.
ويضيف في حديث “من أول يوم في رمضان والمسلحين ماخلوا لنا حالنا لاصمنا ساع الناس ولاطلبنا الله كل ماحصلناه جاءوا أخذوه”.
ويتابع عيسى حديثه: “ضرائب وزكاه ودعم جبهات ودعم قوافل… وكل واحد معاه دفتر سندات وصميل”.
معاناة عيسى معاناة يواجهها كل باعة وتُجار إب خلال شهر رمضان المبارك حيث تنشر المليشيات مسلحيها لجباية المواطنين ونهبهم تحت مسميات مختلفة.
وقال تجار وباعة إن مسلحي الحوثي باتوا شركاء لهم في أرباحهم بل يأخذون غالبيتها، في تعبير عن حجم الاتاوات والجبايات التي يتم فرضها عليهم بالقوة.
نزول مسلحي الحوثي إلى الشوارع في رمضان للجباية والنهب تدفعهم إلى المواجهة أحيانا مع الباعة الذين ينفد صبرهم أمام صلف مسلحي المليشيا الأمر الذي يتطور إلى صراع مسلح يودي بحياة أشخاص كما هو الحال مع بائع القات “نجم الدين المرشدي” الذي قُتل أمس الأول برصاص مسلح حوثي حاول نهبه في أحد أسواق مدينة القاعدة، الحادثة التي تسببت أيضاً بإصابة اثنين آخرين صادف تواجدهم في المكان أثناء الحادثة.
في السياق وجهت مليشيا الحوثي التجار والميسورين عبر تعميمات جديدة عدم دفع زكوات أموالهم للفقراء والمحتاجين، وألزمتهم بدفعها لماتسمى هيئة الزكاة التابعة لهم.
وقال تجار وأصحاب مؤسسات تجارية تحدثوا إن مليشيات الحوثي منعتهم من دفع الزكاة مباشرة للفقراء والمحتاجين بحسب بيانات خاصة بهم.
وأشاروا أن المليشيا حاولت إجبار بعض المؤسسات والتجار على تسليم بيانات المستفيدين والمحتاجين وسط رفض من تلك المؤسسات التي دأبت على صرف جزء من أموال الزكاة لمستحقين من نطاقهم الجغرافي.