مقالات

سبتمبر الذي يتجدد

بقلم / أحمد عبدالملك المقرمي


اقتلاع نظام كهنوتي مستبد لم يكن بالأمر السهل؛ و إن كانت مشيئة الشعوب تهد كل قلاع المستبدين، و تدك أوكار المستعمرين.
المستبد الغاشم لا يرى غير ذاته، و لا يُعْمِل عقله لغير منافعه و إشباع أنانيته، و نوازع نفسه الأمّارة بالسوء و المنكر.
كان يحيى حميد الدين من هذا الصنف من الطغاة المستبدين، و مثله كان نجله أحمد ياجنّاه، و على نهجهما كانت مؤشرات سلوك محمد البدر آخر أئمة الكهنوت في اليمن و الذي عاجلته ثورة السادس و العشرين من سبتمبر المجيدة.
المستبد الغاشم لا يفكر بغير ما توسوس به نفسه الأمارة بالسوء ؛ و لذا فقد أراد يحيى الطاغية، و ابنه الأطغى أن يرسّخا حكمهما بسلسلة من الأعمال و الأفعال التي ظنا معها أنها ستحميهم من أقدار الله، و من إرادة الشعب!
لم يكن القيد، و المِرْود، و مختلف مسميات القيد في سجون الإمامة مَن تقيد المساجين في السجون فقط، بل كانت القيود و الأغلال تحيط باليمن إحاطة الظلام حين يحل بأرض.. و باختصار لقد كان الظلم أهم عوامل ترسيخ الحكم لديهم. فاعتمدوه سبيلا يرون فيه طوق نجاتهم، أو هكذا ذهبت بهم ظنونهم.
الظلم كهف المستبد، و مستنده الأساس؛ مهما كان هذا الظالم إذ يسخر كل مقومات الدولة بعد أن يجمعها في خيط واحدة بيده مع قطيع من الناس يُنصّبهم حوله للتسبيح بحمده، و التصفيق لمظالمه، و الإشادة بعقليته و عبقريته..!!
و كان عامل التجهيل عاملا أساس في تثبيت و ترسيخ قوائم العرش لدى يحيى و ابنه أحمد، حيث عمد يحيى فور توليه الحكم إلى هدم كل مدرسة خلّفها الاتراك، و إمعانا في التنكيل بمعاهد و مدارس التعليم حول البعض الآخر إلى اصطبلات للبغال.
يرى الفرعون، أينما كان و حيثما حكم، أنه لا يُري الناس إلا ما يرى، و أنه لا حاجة للشعب؛ كل الشعب في أن يرى أو يفكر ، فالفرعون أو الإمام هومن عليه كل ذلك، و بالتالي فلا مدارس و لا معاهد و لا جامعات، فكل هذا خطر محيق على الشعب، و الإمام الذي من واجبه رعاية شعبه(العزيز) – هكذا كان يحيى و أحمد يخاطبان الشعب، يا شعبي العزيز! بلغة التملك، و هي العبارة التي يرددها عبده الحوثي أيضا..!! المهم أن الإمام حريص على شعبه العزيز، و من حرصه عليهم أن يحول بينهم و بين أي معرفة أو علم فالجهل أولى لهم، و التجهيل مهمة الإمام التي يجب أن يسهر عليها..!!
لم يكن غريبا أن تشرق شمس الحرية و الانعتاق من مجاهل التاريخ الإمامي صبيحة يوم السادس و العشرين من سبتمبر 1962 و ليس في اليمن معهدا أو مدرسة .
إن نظام الإمامة الكهنوتي لا يعيش في وسط عادل، أو مجتمع متعلم، فالعلم و المعرفة عدوان لدودان لنظام الحكم الكهنوتي.
و الشيئ بالشيئ يذكر فإن الحوثي اليوم على سبيل المثال يحارب العلم و المعرفة، و مما يدسه في المناهج الدراسية في مناطق تواجده محاربة العلم، من ذلك مثلا أنه راح يحرف حديث المصطفى(ص) القائل:” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه و عن جسده فيما أبلاه و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه، و عن علمه ماذا عمل به”. فحذفوا من الحديث : و عن علمه ماذا عمل به، و استبدلوها دسا ، و زورا بعبارة ، و ( عن حبنا آل البيت )!!
و مع تحريفهم و تزويرهم، لكنهم استهدفوا العبارة التي تتحدث عن العلم ؛ لأن بالعلم تتعرى و تنكشف أباطيلهم.
و اليوم يحرمون من يعمل في سلك التعليم من مرتباتهم فهي الوسيلة الأجدى التي تعطل المدارس، ناهيكم عن تفجيرهم لها و تدميرهم إياها.
إن ثورة السادس و العشرين من سبتمبر يقع أمر تجديدها و الاستمرار فيها، و تطبيق مبادئها و مبادئ الثورة اليمنية سبتمبر و اكتوبر على كل الأحرار، و على المجلس القيادي الرئاسي أن يعزز أهداف الثورة اليمنية بكل الوسائل و بكافة المجالات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى