شبح العنف يطل برأسه في جنوب اليمن
الرشاد برس – متابعات
يبدو أن الأحداث التي تشهدها مدن جنوب اليمن تتجه نحو منعطف خطير في ظل استمرار تصاعد أعمال العنف منذ الخميس الماضي وسقوط عشرات القتلى والجرحى من عناصر الحركة الانفصالية وقوات الأمن اليمنية.
ويخشى مراقبون وسياسيون في اليمن أن يؤدي هذا العنف المتبادل بين الجانبين إلى حرف مسار الاستقرار الأمني والسياسي في البلد خصوصاً مع اقتراب الموعد المحدد للحوار الوطني الذي سيبدأ في الـ18 من الشهر القادم لبحث سبل حل القضية الجنوبية.
وقال ياسر الرعيني النائب الثاني للأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني للجزيرة نت إن مثل هذه التداعيات السياسية قد يكون لها تأثير مباشر على مؤتمر الحوار الوطني ما لم تساعد الأطراف السياسية على التهدئة لتوفير أجواء مناسبة لإقامة الحوار.
وتحدث الرعيني عن لقاء مرتقب بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لمناقشة هذه الأوضاع بهدف السعي لإيجاد مناخ حقيقي للتواصل مع الأطراف بشكل عام للتهيئة لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني.
وأضاف أنه لا يمكن قبول العنف من أي طرف أو بالاعتقالات التي تمارسها السلطة في عدن, ودعا لإتاحة المجال لكل طرف سياسي في الجنوب لأن يعبر عن رأيه بالطريقة السلمية، كما دعا السلطة إلى إطلاق جميع المعتقلين.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي وصل إلى مدينة عدن مساء أمس السبت في زيارة مفاجئة هي الأولى له منذ انتخابه رئيسا للبلاد في فبراير/شباط العام الماضي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر المودع أن الجنوب قد يشهد تصاعدا مستمرا في التوتر وأعمال العنف من قبل فصائل الحركة الانفصالية كلما اقترب موعد انعقاد الحوار الوطني الذي يرفض الانفصاليون المشاركة فيه ويعتبرونه أمرا خاصا بمحافظات الشمال.
ورجح المودع في حديث للجزيرة نت إمكانية أن تكون أعمال العنف هذه مؤشرا على بداية صراع على النفوذ في الجنوب قد يطول من خلال عرض القوة لإظهار حجم القوى المتصارعة من الحراك ومن الرافضين لمشروع الحراك الانفصالي.
واعتبر مقدمات اندلاع أعمال العنف خلال مهرجان مؤيد للوحدة الوطنية بعدن الخميس الماضي بأنها تعكس رغبة الحراك في عدم ظهور أي صوت آخر في الجنوب غير صوت الانفصال وإرسال رسالة بأنه هو الطرف القادر على إرباك المشهد الجنوبي.
وأضاف “ليس من مصلحة الحركة الانفصالية بشكل عام التصعيد في عملية العنف لأنه سينفي عنها ما تدعيه بأنها سلمية وسيصنفها بأنها جماعة عنف إرهابية وقد يزيد هذا من عزلها ويكشف مدى خطورتها على الجمهور في الجنوب والقوى المؤيدة للوحدة”.
وكان عدد من مقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح ذي الانتماء الإسلامي في مدن الجنوب تعرض للحرق والإغلاق والحصار من قبل مسلحين محسوبين على الفصيل المتشدد في “الحراك الجنوبي” خلال أعمال العنف التي لا تزال مستمرة.
وتعليقاً على ذلك، اعتبر عدنان العديني نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب التجمع اليمني للإصلاح استهداف تلك المقرات بأنه يأتي رداً على رفض حزبه منطق المشاريع الصغيرة المناطقية والطائفية التي نمت وترعرعت في عهد وكنف الرئيس المخلوع علي صالح، على حد قوله.
وأشار العديني في حديث للجزيرة نت إلى أن حزب الإصلاح يواجه اليوم كلفة الانحياز للمشروع الوطني الذي يمثل النقيض لتلك المشاريع الصغيرة.
وكانت دراسة أعدتها وحدة الأزمات والرؤى الإستراتيجية في مركز أبعاد للدراسات والبحوث قالت إن سعي الحراك الجنوبي لفرض الانفصال بوسائل عنيفة وتحت قوة السلاح يهدد مستقبل القضية الجنوبية الحقوقي والسياسي.
وأشارت الدراسة التي نشرها المركز على موقعه مساء أمس السبت إلى أن التوقيت الذي استغله الحراك المسلح للتصعيد لا يعبر عن وجود رؤية إستراتيجية لتحقيق مشروع الانفصال.
وأضافت أن “أحداث العنف التي ارتكبها الحراك الجنوبي المسلح أثناء احتفالات قوى الثورة الجنوبية الداعمة لبقاء الوحدة يوم 21 فبراير/شباط، وبعد بيان مجلس الأمن منتصف فبراير/شباط الذي دعم وحدة واستقرار الجمهورية اليمنية، واعتبار علي سالم البيض نائب الرئيس السابق معرقلا للانتقال السلمي، سيؤدي إلى فقدان المشروع الانفصالي كثير من التأييد الداخلي والخارجي”.
واعتبرت الدراسة أن استهداف مقرات الإصلاح في الجنوب من قبل الحراك المسلح وقبله ساحات الثورة الشبابية يصب في إطار إقصاء مبكر لمكونات جنوبية من حق تقرير مصير الجنوب في المستقبل، مما سيجر القضية الجنوبية إلى مربع صراعات سياسية وأيديولوجية.
المصدر : الجزيرة نت