عيد الفطر في مناطق سيطرة الحوثيين: تأثيرات اقتصادية وغذائية
الرشاد برس ـــــــ تقارير
في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها اليمن، حلّ عيد الفطر المبارك لعام 1446هـ في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل مختلف عن الأعوام السابقة. فقد حرمت المليشيا الحوثية العديد من المواطنين في هذه المناطق من مظاهر الاحتفال والفرحة التي تصاحب هذه المناسبة الدينية، مما زاد من تفاقم معاناتهم. وقد شهد هذا العام تراجعاً ملحوظاً في مظاهر الاحتفال بالعيد، مما أثر سلباً على التجارة والاقتصاد المحلي.
اقتصاد متدهور
أدى الوضع الاقتصادي المتردي، جنباً إلى جنب مع الجبايات والإتاوات المفروضة على التجار وأصحاب الأعمال، إلى تراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان. وفي هذا السياق، صرح التاجر م.ن.ث، الذي يعمل في مجال بيع البهارات والمكسرات، قائلاً: “هذا العام هو الأسوأ بالنسبة لنا كأصحاب محلات تجارية بسبب انخفاض القوة الشرائية، إلى جانب مضاعفة الجبايات المفروضة تحت مسميات متعددة، ما أدى إلى تراجع كبير في المبيعات وتكدس السلع في محلاتنا”.
ورغم توقعات التاجر بالركود الاقتصادي، إلا أنه عانى من تراكم السلع في متجره وعدم قدرة المواطنين على شراء الكميات المعتادة التي يتم بيعها خلال موسم العيد. وهذا الوضع أجبره على تقليص كميات البضائع التي كان يشتريها من تجار الجملة، كما اضطر إلى تقليص عدد العمال واكتفى بمساعدة أحد أبنائه.
ركود متواصل
في مثل هذه المناسبات، اعتاد اليمنيون شراء كميات كبيرة من الحلويات والمكسرات المعروفة بـ”جعالة العيد” لتقديمها للضيوف خلال الزيارات المتبادلة. لكن هذا العام، ومع تفاقم الركود الاقتصادي، أكد معظم التجار أنهم حاولوا استغلال العيد لبيع السلع المتراكمة في محلاتهم، والتي كانت موجودة في مخازنهم منذ أشهر أو ربما سنوات.
تجدر الإشارة إلى أن المليشيا الحوثية فرضت على التجار وأصحاب المحلات التجارية التبرع بكميات كبيرة من السلع لصالح مؤسساتها وجمعياتها التي تقدم الدعم لمقاتليها في الجبهات. وشملت هذه التبرعات الأموال النقدية والسلع الغذائية مثل الحلويات والملابس، مما زاد من الأعباء الاقتصادية على التجار وأدى إلى مزيد من الخسائر.
تقارير اممية
في الوقت الذي يعاني فيه السكان من الوضع الاقتصادي الصعب، استغلت المليشيا الحوثية العيد لتنظيم فعاليات احتفالية لأنصارها ومقاتليها. حيث وجهت قيادات الجماعة في المناطق التي تسيطر عليها إلى زيارة الجبهات وتقديم التهاني للمقاتلين، إلى جانب توزيع الهدايا مثل الملابس والحلويات والمكافآت المالية. كما أنفقت الجماعة مبالغ كبيرة على تقديم المساعدات لمقاتليها في الجبهات.
و تشير التقارير الأممية إلى أن الوضع الغذائي في اليمن قد تفاقم بشكل كبير في النصف الثاني من العام الحالي، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وفي تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أُكد أن أزمة انعدام الأمن الغذائي ستزداد خلال الأشهر القادمة بسبب استمرار الصراع، وتذبذب أسعار الصرف، والارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية. كما أشار التقرير إلى أن أكثر المحافظات التي شهدت ارتفاعاً في معدلات انعدام الأمن الغذائي هي الجوف، مأرب، حجة، إب، أبين، المهرة، ولحج.
وأكد تقرير “الفاو” أن محافظة الجوف كانت الأكثر تضرراً من أزمة الأمن الغذائي، حيث ارتفع معدل استهلاك الغذاء غير الكافي بين الأسر من 51% في نوفمبر 2023 إلى 76% في فبراير 2024، أي بزيادة بلغت 25%. كما شددت المنظمة على ضرورة استئناف المساعدات الغذائية العاجلة للمناطق التي تشهد تدهوراً حاداً في الوضع الأمني والغذائي، مثل الجوف وحجة وإب ومأرب.
خاتمة
تشير الأوضاع الحالية في اليمن إلى أن عيد الفطر هذا العام جاء في وقت صعب للغاية على المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين. فقد تأثرت مظاهر الاحتفال بالعيد بشكل واضح جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتصاعدة. كما تزداد معاناة السكان مع تدهور الوضع الغذائي في معظم المحافظات. وبينما تركز جماعة الحوثيين على تقديم المساعدات لأنصارها، يبقى المواطن اليمني في هذه المناطق يواجه تحديات كبيرة في تأمين احتياجاته الأساسية، وسط غياب الدعم الكافي من الجهات الدولية والمحلية.