تقارير ومقابلات
في عهد المليشيا ، أصبح المعلم قتيلا

الرشاد برس_تقارير
كلنا نعرف بالبيت الشعري المعروف :
قم للمعلم ووفه التبجيلا ، كاد المعلم أن يكون رسولا ،
إلا أن هذا البيت وهذه الكلمات الثمينة أصبحت عند المليشيا الانقلابية حبرا على ورق ، إن كانت تعترف به أصلاً ، ولم يعد المعلم رسولا في زمن المليشيا الانقلابية ، بل أصبح قتيلاً وعلى يد مشرفي المليشيا والموالين لها .
وفي ظل سيطرة الميليشيا أصبح تدمير التعليم هدفاً واضحا وجليا تنتهجه المليشيا ، وصار المعلمون ما بين قتيل وجريح ومختطف في سجونها ومشرد ومهدد بالموت جوعاً بفعل سياسة التجويع التي تنتهجها الميليشيا، وكذلك قيامها بمصادرة وسرقة رواتبهم منذ ثلاثة أعوام.
فيصل الريمي ، المعلم الذي قتلته المليشيا الانقلابية أمام تلاميذته ، لهو خير دليل على وحشية وإرهاب المليشيا الانقلابية ، إذ قالت نقابة المعلمين إن جريمة قتل المعلم فيصل الريمي شكلت صورة مصغرة لحال المعلم في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا ، فقد أصبح المعلم غير آمن على نفسه وحقوقه الأساسية منذ الانقلاب.
وأشارت إلى أن المعلمين في مناطق سيطرة الانقلابيين يتعرضون لانتهاكات مروعة، حيث يمارس الحوثيون مستوى خطيرا من الترهيب والعنف والإجرام ضد العاملين في القطاع التربوي.
وقال المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين، يحيى اليناعي «الجريمة لم تكن الأولى من نوعها ، فقد تعرض معلمون من قبل للضرب حتى الموت ، وللتعذيب حتى الموت، وللقتل أمام أطفالهم. وهناك من المعلمين من جرى اختطافه من منزله وتصفيته كالمعلم أحمد المطري في صنعاء، كما تم تعذيب معلمين حتى أصيبوا بعاهات مستديمة، وهناك من فقأ الحوثيون أعينهم بالرصاص ، مؤكداً أنه لا أحد آمن من التربويين والمعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين.
المسؤول الإعلامي للنقابة كشف عن وفاة عشرة معلمين تحت التعذيب في سجون الحوثي ، أبرزهم المعلم صالح البشري، وتوفي بعد أن قامت عناصر حوثية باختطافه من منطقة عصر في صنعاء واقتادته مع زميله علي الفقيه إلى معتقلات الميليشيا السرية لتنزل بهم أبشع أنواع التعذيب ، ثم ألقت بهم في شارع الستين وهم في حالة صحية حرجة.
ويقول المعلم الفقيه في شكوى تقدم بها إلى نقابة المعلمين اليمنيين: «منذ اختطاف صالح البشري لم أره مرة أخرى حتى أطلق سراحنا بعد ثلاثة أيام، وكان صالح لا يمكنه التحرك أو الوقوف، ولم يستطع الكلام بشكل واضح، وكان يهمس بأنه عطشان، فذهبنا إلى المستشفى، وتم إسعافه ومعالجته من الأطباء بصورة سريعة فقد كان هناك حوثيون يملؤون المستشفى، وكنا خائفين أن يتم اختطافنا مرة أخرى فغادرنا المستشفى، لكن ظروف صالح تدهورت بعد ساعتين وتوفي في الطريق إلى المنزل».
وبشأن التعذيب الذي تعرضوا له أوضح الفقيه أنه تعرض مع زميله البشري لنفس التعذيب فقد كانت الآثار في جسديهما متشابهة، ويضيف «أجلسوني أول ما وصلت وسألوني عن عملي، كنت معصوب العينيين ويدي مقيدة لخلف ظهري ، وأرجلي مقيدة، ثم جعلوني أنبطح وبدؤوا بضربي بالعصي، استمر الضرب لفترة طويلة، ربما لبضع ساعات، كان الألم مبرحا، واستمروا يقولوا أن علي الاعتراف بعلاقتي بأميركا، عندما توقفوا كنت شبه فاقد للوعي، وكان عليهم مساعدتي ، فأطلقوا سراحي مع زميلي البشري وذهبنا للمستشفى قبل أن يموت بساعات جراء التعذيب».
معلم آخر يدعى معمر الرازحي فقأ الحوثيون عينه قبل سنوات لأنه عاد إلى صعدة لرؤية أهله بعد أن شردوه من منزله وحذروه من العودة مجدداً.
والحقيقة أن حياة جديدة كتبت للرازحي الذي حاول الحوثيون إنهاءها بعد إصابته في عينه عندما ذهب لزيارة أهله في صعدة، بعد أن منعوه من رؤيتهم لسنوات، غير أنه فقد إحدى عينيه، لتبقى له.
ويقول الرازحي في شكوى تقدم بها لنقابة المعلمين: «لأنني معلم حوربت، وقام الحوثيون بقطع راتبي ، كنت أحاول لشهور طويلة أن انتقل لمكان آخر أعمل فيه ولكن لا جدوى ، عدت إلى صعده لزيارة أهلي الذين حرمت منهم لفترة طويلة بسبب منعي من الدخول لرؤيتهم، وبعد وساطات وتعهدات سُمح لي بزيارتهم لساعات محدودة بشرط المغادرة قبيل المغرب».
ويضيف، «صعدت في سيارة مع بعض الوسطاء للدخول إلى منطقتي، وعند اقترابنا تفاجأنا بسيارة مليئة بمسلحي الحوثي أوقفونا وطلبوا تسليمي، فأخذوني أنا ومن معي، وفي الطريق المؤدي للسجن قفزت من السيارة مبتعداً عنهم، فأطلقوا الرصاص نحوي ولكني نجوت ولم تصبني رصاصة واحدة في تلك اللحظة، وتجاوزتهم إلى الطريق العام لكنهم لحقوا بي ووجه أحدهم بندقيته من مسافة قريبة جداً نحو عيني وأطلق رصاصة اقتلعتها، ثم أخذوني إلى أحد مستشفياتهم وقيدوني وعيني تنزف، بعدها بفترة أجريت لي إسعافات أولية لوقف النزيف، وتركوني بلا طعام أو شراب، وعقب ضغوط شديدة على الحوثيين أطلقوني وتم تهريبي خارج صعدة».
المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين يقول نقلا عن «الرياض» أن هناك 44 منزلا من منازل المعلمين تعرضت للهدم من قبل الحوثيين لكن الغريب هو ما حدث للمعلم محمد السحاري الذي شردوه وهجروه ثم حولوا منزله إلى سجن سري بعد الاستيلاء عليه.
وعن حجم الضرر الذي لحق المدارس من قبل الميليشيا تحدث المسؤول الإعلامي عن مدارس صعدة فقط كنموذج، إذ حولت عددا كبيرا إلى سجون ومعتقلات، فضلاً عن اتخاذ بعضها كمقرات وغرف عمليات، وكذا أماكن للتحقيق والتعذيب.
وحسب الإحصائيات الرسمية فإن إجمالي عدد المدارس الموجودة في صعدة 725 مدرسة أساسية وثانوية تتوزع على مختلف المديريات، وقد حولت ميليشيا الحوثي المسلحة 70 % من تلك المدارس إلى مقرات مسلحة.