مدرس لا “متسول”.. معلمو صنعاء يذكرّون “العالم” بمأساة زميل لهم مات جوعاً
الرشاد برس ــــ محليــــــــــــــــــة
في الوقت الذي تتلذذ فيه مليشيا الحوثي بمعاناة المعلمين في صنعاء، بعد أن صادرت رواتبهم للعام السادس على التوالي، تتخذ من نصف الراتب، طريقة أخرى لتعذيبهم، مما دفع البعض منهم إلى اتخاذ قرار إنهاء حياتهم على طريقتهم.
“نصف الراتب” غدا بحسب معلمين لعبة حوثية يمكن تشبيهها بـ (العصا والجزرة) إذ تظل المليشيا تمارس سياسة ضرب المعلمين وإنزال أقسى أنواع العقاب الجماعي بحقهم، إضافة إلى التلويح بين الحين والآخر بجزرة نصف الراتب الذي لم يصل إليهم رغم الوعود المتكررة.
وفي ظل هذا الوضع، يتذكر معلمون حكايات مؤلمة لزملاء لهم، ودعوا الحياة برمتها، وليس حياتهم العملية في السلك التعليمي فقط، بعد أن نهبت المليشيا رواتبهم، فمات البعض منهم جوعاً، ومنهم أستاذ مادة اللغة العربية في مدرسة الحورش “خالد الخليفي”.
وجد الخليفي، ميتاً بعد أيام تحت أحد جسور صنعاء، مات جوعاً بحسب روايات متطابقة، وذلك قبل عامين، بعد أن طرده المؤجر من منزله لعجزه عن سداد قيمة الإيجار.
وما دفع المعلمون إلى تذكر الخليفي وغيره، هي الوعود الحوثية، التي ما زالت تماطل في تسليم المرتبات، مع ما تشهده صنعاء وبقية المحافظات من أزمات اقتصادية وغلاء معيشة، دفع بالكثير إلى الانتحار.
كما أرادوا تذكير العالم بقضيتهم الإنسانية، التي لا أحد يتبناها، ولا تجد من يتحدث عنها ويوصلها إلى الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، الذي ظهر مؤخراً متمنياً الوصول إلى صنعاء للحديث مع قيادة المليشيا لا الاستماع إلى الضحايا، ضحايا حرب الحوثي الطاحنة.
ويقول مدير مدرسة الشهيد الحورش السابق، أبو زيد الكميم، عن زميله الخليفي، بأنه كان عزيز النفس، مات وهو يطالب براتبه.. مضيفاً “كان لا يقبل أي مساعدة من أحد فطرد من بيته بعد عجزه عن دفع الإيجار.
وأكد الكميم بأن المعلم الخليفي، الذي قدم خدمة لبلده طيلة 30 عاماً، تربويا ومعلما للغة العربية، أرسل زوجته إلى أخته أما هو فقد نام تحت الجسر لأيام ثم مات من الجوع.
وأوضح أن من العبارات التي كان يرددها، هي “أنا معلم لا متسول أريد راتبي فقط”.. مشيراً إلى أنه لم تشفع له ٣٠ سنة خدمة في التربية ليعطونه راتبه ويكرمونه، في إشارة إلى مليشيا الحوثي الإرهابية.
وتابع مدير مدرسة الحورش السابق متحدثا عن زميله الخليفي، “مات قبل ٣ سنوات ولم يكن معه هاتفا لكي نعرف أين هو..؟ أو ماذا يحتاج، وهي الكلمات التي تناقلها معلمون آخرون مترحمين عليه، ومستشهدين بحكايته التي تعطي جزءا من المعاناة الحاصلة في صنعاء وبقية المحافظات التي ما زالت تحت سيطرة المليشيا.
ولم تكتف المليشيا بمصادر رواتب المعلمين، بل عمدت في وقت سابق إلى نهب مساعدات أممية كانت مخصصة لهم، منها إفشال منحة عبر اليونيسيف، والتي كانت تريد صرف 50 دولارا للمعلم في الأسبوع الواحد، وكون أغلب المعلمين لا ينتمون إليها سارعت إلى منعها والتهديد بمصادرتها.