مقالات

مسار السلام وأحكام الإعدام الحوثية

بقلم / موسى المقطري
خلال فترة حكم «الخميني» في إيران كانت سياسة الإعدام بحق معارضي أفكاره لها الصوت الأعلى ، وقدرت منظمات دولية حقوقية أن نظامه أعدم مايقرب من خمسة ألف مواطن إيراني بعد محاكمات صورية ، أو بعمليات تصفية مباشرة ، وكل ذلك تم بتهم ملفقة تحت مسمى«المنافقين والخونة» ، وعلى هذه المنوال وتحت نفس التهمة حرفياً يعمل الانقلابيون الحوثيون على نقل هذه التجربة الدموية إلى اليمن ، والتي تمثل في حقيقتها حلقة ضمن محاولاتهم البائسة لصنع نموذج إيراني في صنعاء ناسين أو متناسين مدى الرفض الذي تلاقيه توجهاتهم الطائفية من قبل مختلف أطياف الشعب اليمني ، وعدم صلاحية واقعنا المحلي لصنع نسخة أخرى من «الخميني» في صنعاء .
هناك فرقاً شاسعاً وبوناً عريضاً بين ما تحاول الجماعة الانقلابية الظهور به إعلامياً وبين ما تمارسه على أرض الواقع بحق كل من لايروقها قناعته أو حتى تتوقع منه ذلك ، أو تسعى لنهب ماله وممتلكاته أو تأميم شركته ، ولديها قائمة تهم جاهزة وملفقة لهؤلاء المخالفين تحكم عليهم وفقها بـ«الإعدام» ظلماً وعدواناً ، وهذا السلوك الحوثي الإجرامي لا يمكن قبوله ولا تبريره كونه من ناحية إنسانية يصادر «حق الحياة» دون جرم يستوجب هذه المصادرة ، وسياسياً يضيف تعقيدات جديدة على المشهد اليمني الذي لوثته هذه الجماعة الإرهابية بانقلابها وما تبعه من حرب وفوضى عطلت الحياة السياسية والاقتصادية للبلد ككل ، وكان من الأحرى اليوم واليمنيون يتوقون لحلحلة الوضع وإيقاف العبث أن لا يجازف هؤلاء المأفونون باصدار أحكاماً جديدة بإعدام يمنيين أبرياء تهمتهم الوحيدة أنهم لا ينتمون إلى هذه الجماعة حتى وإن لم يعارضوها .
أحكام الإعدام التي تصدرها جماعة الحوثي الإرهابية تحت مظلة القضاء الطائفي تشكل في حقيقتها تعقيداً حقيقياً للوضع الانساني والسياسي ، ويتضاعف هذا التعقيد يوماً بعد يوم ويتوسع أكثر مع كل «حكم إعدام» يصدرونه بحقِ يمنيٍ برئ ، وكل حكم يمثل في كنهه عقبة جديدة تضاف في مسار السلام والتعايش الذي ينشده اليمنيون ، ويأملون أن يعود لحياتهم بعد أن أوغل الانقلابيون في نزعه وطمس معالمه ، وليس من المقبول ولا المعقول أن تُفقدنا هذه الجماعة الإرهابية كل الفرص المتاحة للخروج من الورطة التي حطتنا فيها بنزقها ومحاولتها تطبيق نماذج مستوردة لا يقبلها الواقع اليمني ولا يتناسب معها .

إن كانت لدى هذه الجماعة الإرهابية نية حقيقية للدخول في مسار السلام والتعايش فمن البديهي أن تتخلى فوراً عن كل ممارستها الإجرامية بحق اليمنيين ، وعلى رأس ذلك حقهم في الحياة وحقهم في الحرية ، وان لا تحوّل هذه الحقوق التي تكفلها كل شرائع السماء وجميع قوانين الأرض إلى أوراق مساومة تحقق بها مكاسب سياسية واقتصادية رخيصة ، وكلها خاصة بأطماع وأحلام فئة قليلة لا تمتلك الحق بتمثيل ملايين اليمنيين لديهم كامل حرية الإختيار والقرار بعيداً عن التسليم لهؤلاء باسم الحق الإلهي المزعوم والذي لا يقره عقل ولا نقل .
دمتم سالمين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى