في ظل الحملة الأميركية: الحوثيون بين الانهيار الأمني وتصعيد القمع الداخلي
الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
في ظل حملة عسكرية أميركية غير مسبوقة، اعترف زعيم ميليشيا الحوثي، بتعرّض جماعته لأكثر من 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال ستة أسابيع، في إطار عمليات عسكرية تقودها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تحت شعار «القوة المميتة»، للحد من تهديد الجماعة المدعومة من إيران لأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبينما تواصل الطائرات الأميركية استهداف مواقع عسكرية حساسة، كثّفت الميليشيا من حملات القمع والاعتقالات ضد السكان في مناطق سيطرتها، لا سيما في صنعاء وصعدة والحديدة، بتهم التخابر مع واشنطن، بحسب ما وثّقته تقارير حقوقية يمنية.
ضربات جوية مكثفة
توسّعت الضربات الجوية الأميركية لتشمل مراكز قيادة وسيطرة، وشبكات اتصالات، ومستودعات أسلحة في محافظات صنعاء، عمران، مأرب، والحديدة، بالإضافة إلى جزيرة كمران ومديريات بني حشيش ومناخة والحميمة.
وكانت الضربة الأشد وقعاً هي التي استهدفت ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة، في محاولة لتجفيف موارد الميليشيا من عائدات الوقود، والتي تُعد أحد أبرز مصادر تمويل أنشطتها العسكرية.
تصعيد في القمع الداخلي
في موازاة الحملة العسكرية، صعّدت الميليشيا الحوثية من إجراءاتها القمعية ضد المدنيين. وأفادت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بأن الجماعة نفّذت 532 مداهمة لمنازل ومحال تجارية في خمس محافظات، واعتقلت 212 مواطناً خلال الفترة من 1 إلى 20 أبريل، بتهم تتعلق بالتخابر مع الجيش الأميركي وتقديم إحداثيات للأهداف.
وأشار التقرير إلى نقل معتقلين إلى مواقع تخزين أسلحة، لاستخدامهم كدروع بشرية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، واصفاً ذلك بأنه جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
إنكار الخسائر
في خطابه الأخير، حاول عبد الملك الحوثي التقليل من تأثير الحملة العسكرية، زاعماً أن جماعته ما تزال تمتلك القدرة على المواجهة طويلة الأمد. إلا أن مراقبين يمنيين يؤكدون أن الجماعة تعاني خسائر فادحة في العتاد والعناصر البشرية، لا سيما في جبهات مأرب والجوف والحديدة.
تحركات أممية… وغضب رسمي
في موازاة التصعيد، تقود الأمم المتحدة تحركات دبلوماسية لإحياء المسار السياسي. وعقد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، سلسلة لقاءات في العاصمة العمانية مسقط مع قيادات حوثية ومسؤولين عمانيين.
غير أن وزير الإعلام معمر الإرياني اعتبر هذه التحركات «محاولات لإنقاذ الحوثيين سياسياً في لحظة انكسار حرجة»، مؤكداً أن الجماعة اعتادت استخدام التهدئة والمفاوضات كغطاء لإعادة التموضع وشن جولات جديدة من العنف.
وقال الإرياني، عبر منشور على منصة “إكس”، إن الحوثيين «لم يلتزموا بأي اتفاق سابق، واستغلوا جميع المبادرات لإطالة أمد الحرب وتعميق معاناة الشعب»، مؤكداً أن «من يعيد تدوير هذه الميليشيات، يساهم في ترسيخ الإرهاب وتهديد الأمن الإقليمي والدولي».
مشهد متشابك
في ظل التصعيد الأميركي والانتهاكات الواسعة في الداخل اليمني، تتشابك الأزمة مع ملفات إقليمية معقّدة، أبرزها الحرب الإسرائيلية على غزة، التي تزعم جماعة الحوثي وقف هجماتها على الملاحة الدولية بإنهائها.
في المقابل، لا يزال مستقبل الحملة الأميركية مفتوحاً، دون سقف زمني واضح، وسط دعوات داخل اليمن وخارجه لـتمكين الحكومة الشرعية من استعادة السيطرة الكاملة على البلاد، أو إرغام الحوثيين على الدخول في عملية سياسية شاملة تستند إلى المرجعيات الثلاث ،وقرارات الشرعية الدولية، بما يضمن إنهاء الانقلاب والعبور نحو سلام حقيقي مستدام.