22 مايو… يوم تجسدت فيه إرادة اليمنيين
بقلم / صالح يوسف
في مثل هذا اليوم الخالد، الثاني والعشرين من مايو عام 1990م، سطعت شمس اليمن الموحد من جديد، لتبعث الأمل في قلوب أبناء الوطن من أقصاه إلى أقصاه، وتعيد للوطن روحه الواحدة، وهويته الجامعة. إنه اليوم الذي تجسدت فيه إرادة الشعب اليمني، وتوحدت فيه الأرض والتاريخ والحضارة، لتصبح اليمن مثالًا يُحتذى به في صناعة الوحدة والانتصار على التمزق والتشظي.
لقد كانت الوحدة اليمنية مكسبًا وطنيًا وتاريخيًا عظيمًا، لا يُقدّر بثمن، ولم تكن وليدة لحظة عابرة أو قرار مفاجئ، بل كانت ثمرة نضال طويل، وحلمًا شعبياً راود اليمنيين منذ أمد بعيد. فمن ثورة 1948م، مرورًا بثورة 1955م، ووصولًا إلى ثورة 26 سبتمبر 1962م، التي أطاحت بالحكم الإمامي الكهنوتي، ومن بعدها ثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني، ظل الهدف الأسمى هو توحيد الوطن واستعادة كيانه الطبيعي.
لقد شارك أبناء اليمن من شماله وجنوبه، من القرى والمدن، من السهول والجبال، ومن داخل الوطن وخارجه، في دعم الثورات اليمنية، وإرساء دعائم الجمهورية، وكان تحقيق الوحدة الوطنية هو الهدف الخامس من أهداف ثورة 26 سبتمبر، الذي ظل حاضرًا في وجدان الشعب اليمني حتى تحقق في العام 1990م، بإعلان الوحدة اليمنية المباركة.
ورغم ما تمر به بلادنا اليوم من ظروف صعبة، وانقسامات وصراعات مفتعلة، بفعل النزعات الانفصالية والانقلاب الحوثي منذ العام 2014م، تبقى الوحدة اليمنية حقيقة راسخة، لا يمكن إنكارها أو القفز عليها، فهي ليست مجرد إطار قانوني أو دولي، بل حقيقة تاريخية، ووجدان شعبي متجذر في أعماق اليمنيين.
إن الشعب اليمني بطبيعته شعب وحدوي، وما نمر به اليوم ليس إلا أزمة عابرة، أو “وعكة صحية” – كما يصفها البعض – لن تلبث أن تزول أمام صمود هذا الشعب وتحديه لكل محاولات التمزق والتفتيت. فالوحدة والجمهورية لا تزالان حاضرتين في ضمير الأمة، ومن يتوهم أن بمقدوره طمس هذه الحقيقة أو تجاوزها، فهو يركض خلف سراب، ولن يفلح مهما فعل.
الوحدة اليمنية ستظل قدر اليمنيين ومصيرهم، وهي اللبنة الأولى نحو بناء مستقبل مشرق، يعيد لليمن مكانته بين الأمم، دولة موحدة، آمنة، مزدهرة، تتسع لكل أبنائها.