درب الخلاص
بقلم / موسى المقطري
منذ أن تسللت جماعة الحوثي الإرهابية إلى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م على حين غرة، عاش اليمنيون سلسلة لا تنتهي من الآلام والمآسي الممتدة حتى اليوم، ويربط بينها جميعًا سلوك هذه الجماعة، التي أدخلت البلاد في نفق مظلم يتناسب مع أيديولوجيتها الموبوءة، المرتكزة على مبدأ “نحكمكم أو نقتلكم”. وقد مثّل الانقلاب الميليشياوي بداية لحقبة حالكة السواد في تاريخ اليمن الحديث.
هذه هي حقيقة الجماعة الإرهابية التي جاءت من الكهوف المظلمة، فجلبت معها الموت والحصار والقصف والدمار، ولم يعرف اليمن من وجودها إلا وجعًا يتلوه وجع، ومأساة تَتبَع أخرى. وبسببها تضرر الإقليم والعالم، وتحولت اليمن إلى ساحة مشاعة لإرسال الرسائل العسكرية والسياسية بين الخصوم الدوليين، واستُبيح البحر والبر والجو، وتدمرت كل مقومات التنمية والاقتصاد والبنية التحتية.
كل ما سبق ليس خافيًا على أحد، لكن المهم أن نكون واضحين وندرك أن أوضاعنا لم تكن لتبلغ هذا الحد من القتامة لولا وجود وممارسات جماعة الحوثي، التي أوصلت البلاد والعباد إلى هذا البؤس بأفعالها المباشرة، وارتهانها لمشروع إيران التوسعي في المنطقة، بما يحمله من بُعد طائفي لا يتناسب مع قناعات اليمنيين، ولا يزيدهم إلا وجعًا على وجع.
لقد نشرت هذه الجماعة الفوضى في المنطقة خدمةً لهذا المشروع الدخيل، وما ترتب على ذلك من تحركات عسكرية دولية، امتدت خسائرها على الأرض إلى ما تبقى من بنية تحتية ومقومات لم يدمرها الحوثيون بسلاحهم المباشر، فدمرها السلاح الذي وفّروا المبررات لاستدعائه.
إن فكرة الخلاص من هذا الواقع القاتم تبدو عبثية ما لم ترتكز على اقتلاع السبب المباشر الذي أوصلنا إلى هذا الحال. وكل ذي عقل يدرك أن السبب الوحيد هو هذه الجماعة الإرهابية، بما تحمله من نزق وتهور وأطماع، وارتهان لمشروع طائفي مستورد، ورفضها التعاطي مع كل الفرص التي أتيحت لها لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
وليس من سبيل اليوم، بعد هذه المعاناة الطويلة، إلا الاتجاه نحو استئصال هذا المرض الخبيث من جذوره، فقد تلاشت كل فرص العلاج، واستنفد اليمنيون ما لديهم من صبر.
ما نحتاجه اليوم للخلاص هو موقف وطني جامع، تتكاتف فيه القوى السياسية والعسكرية والمجتمعية، ليتجه الجميع نحو استكمال التحرير واستعادة الدولة اليمنية الجامعة، والضغط على المجتمع الدولي لوقف التعامل مع الحوثيين كطرف، بل كجماعة إرهابية أقضّت مضاجع اليمنيين، وأوغلت في تمزيق البلاد، وتفكيك بنيتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهددت الأمن الإقليمي والدولي.
ولا بد أن يدرك العالم أن التهاون مع هذه الجماعة إنما هو تواطؤ مع الإرهاب، وتفريط بمستقبل اليمن والمنطقة بأسرها.
دمتم سالمين.