من دمشق الى صنعاء
بقلم /موسى المقطري
التغييرات السريعة في الوضع السوري والتي كانت محصلتها إسقاط نظام “بشار الأسد” الذي أذاق السوريين الموت والقهر هي رسالة أكثر منها حدث ، ومحصلتها أن الشعوب قد تصبر وتتحمل لكنها لم ولن تتنازل عن حقها في أن تصبح حرّة ، وكل جهود الطغاة ومحاورهم المزعومة كانت مجرد وهم أثبتت الأيام أنها أوهن من “بيوت العنكبوت”.
كما أثبتت كذلك أن «المتغطي بإيران عريان» ولو حشد له “خامنئي” الكتائب المؤدلجة التي قتلت وشردت السوريين واليمنيين والعراقيين واللبنانيين ، لكن في لحظة الحقيقة تلاشت أمام غضبة الشعب الذي فقد حلمه وصبره .
وفق هذه المعطيات والنتائج كلها فصنعاء ليست بعيدة عن دمشق ، ومليشيا الحوثي المتغطية بإيران قد بلَّت رأسها راضية أو مجبرة ، وكل ما يحصل اليوم في دمشق هو إشارة إلى أن المكابرة ورفض الآخر وعدم القبول به ، والرغبة بالاستفراد بالحكم والثروة ، واستزراع الطائفية المقيتة كل هذه الأفعال والرغبات المأفونة توقع أصحابها في شرار أعمالهم طال الزمن أو قصر ، أما إيران فحين يحمي الوطيس ويظهر الخيط الابيض من الفجر تترك أدواتها مكشوفة كما فعلت في لبنان واليوم في سوريا ، وفي الغد القريب في صنعاء .
صنعاء أقرب إلى الحقيقة التي يحاول الانقلابيون تناسيها رغم أنّ كل كذباتهم خلال الفترات الماضية ظهرت حقيقتها ، وتبين أنها مجرد ظواهر صوتية لدغدغة عواطف البسطاء تماماً كما فعل بشار الأسد الذي سجن رجالات القسام وأدّعى أنه يحارب إسرائيل! ، وجاء الثوار اليوم ليحررونهم من سجونه المظلمة ، وذلك تماما ما عليه مليشيا الحوثي الانقلابية التي تتقرب إلى إسرائيل ومن يقف ورائها باهلاك الحرث والنسل في اليمن ، وتوفر لهم المبررات الكافية لاستباحة البحر والبر والجو .من الأنسب اليوم أن يراجع الانقلابيون في صنعاء حساباتهم فطهران ستتخلى عنهم ، ويبدو أنها قد فعلت ذلك منذ مدة ، وخامنئي لم يعد في موقع يمكنه حتى المساعدة بالتصريحات والإدانات ، فـ “العكّ” في سوريا ولبنان والعراق قد أنهك نظام الملالي تماماً كما انهك الشعوب في كل هذه الدول ،ولم يعد من خيار إلا أن تعود أدوات إيران في صنعاء وصعدة تائبة منيبة إلى ارتباطاتها الوطنية ، وتتصالح مع الشعب وتتخلى عن حلم الحكم والتحكم والامتياز وتتحول إلى مكون شعبي شأنه شأن بقية مكونات الشعب ، ثم يذهب الجميع طائعين مختارين إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثنى أحداً ،ولا تجعل ليمني امتياز على آخر ، بل شراكة في السلطة والثروة وفق أطر ومحددات يقبل بها الجميع.
هذا هو خيار السلام والتعايش الذي أضاعت مليشيا إيران في صنعاء وأهدرت كل فرصه ، ولازال في الوقت متسع لو توفرت لديهم النية وتعلموا الدرس ، وتخلوا عن المكابرة إلى تحكيم العقل والقبول بالآخر والتعايش بين مكونات الشعب جميعها وفق محددات المواطنة المتساوية ، ومشاركة الجميع في إدارة البلد وخدمته والاستفادة من امكانياته وثرواته ، ومن شأن ذلك أن يوقف الضريبة الباهظة التي دفعناها ولازلنا ندفعها نتيجة نزق هذه الجماعة الانقلابية وركونها إلى أوهام وأحلام تجاوزها الزمن ، ولم تعد صالحة للتطبيق في عصرنا الحديث .