نزوح متواصل من إدلب وحماة هربا من قصف قوات النظام….
الرشاد برس تقارير ومقابلات
………………………………………………………………………………
على مقربة من الحدود السورية التركية بكرسيه المتحرك تحت إحدى أشجار الزيتون في بلدة حارم شمالي إدلب، وبعد نزوح متكرر من مدينته معرة النعمان إلى الحدود السورية التركية، على وقع قصف لم يشهد له مثيلا منذ عشرات السنين يفترش الحاج أبو رئيف الأرض يذرف الدموع ويفترش الأرض ويلتحف السماء.
بغصة قلب وملامح متعبة ونظرات يائسة يقول أبو رئيف الذي تجاوز عمره تسعين عاما، “لم نشهد مثل هذه الأيام على مدى سنين عايشتها، عاصرت حروبا عدة لكن ما مر علينا هيك شيء (مثل هذا) أبدا، وما تخيلت إني بيوم من الأيام سأسكن العراء بين شجر الزيتون”.
يجلس الآن أبو رئيف وهو رجل مُقعَد برفقة زوجته وابنه الصغير تحت شجرة زيتون بأرض قريبة من بلدة حارم، بعد أن قتل ولده الأكبر ودمر منزله بغارة جوية روسية على مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي.
ويقول في حديثه “فقدنا الثقة بكل شيء، كنا في منازلنا رغم القصف المتكرر لكن كنا نعيش في منزل، أما الآن تحت أشجار الزيتون، وغدا لا ندري أين سنكون، أعتقد أنني سأعود لأجلس في أطلال منزلي المدمر أنتظر رحمة الله أو صاروخا آخر من روسيا لقتلي وعائلتي”.
أوضاع كارثية…..
أكثر من مليون نازح من أرياف حماة وإدلب فروا هربا من قصف وصفوه بالأفظع منذ بدء الحملة العسكرية على ريفي حماة وإدلب في مناطق اتفاقية خفض التصعيد، وسط أوضاع إنسانية غاية في السوء ومنظمات محلية دقت ناقوس الخطر محذرة من كارثة إنسانية كبيرة.
تقول أم خالد -وهي تجر بعضا من دوابها التي تعتبر مصدر رزقها عندما قدمت النقطة التركية لريف حماة- “ذهبنا كلنا إلى هناك فرحين قلنا لهم هل ستمنعون تقدم النظام، قالوا لن يستطيعوا التقدم شبرا بوجودنا لكننا اليوم فقدنا الثقة بهم وبالعالم أجمع”.
وبالقرب من مدينة حارم وعلى الطريق الواصل بين مدينة سرمدا وبلدات أطمة وقطمة والشريط الحدودي مع تركيا لا تكاد تمر ساعة إلا وتشاهد عشرات العربات محملة بأكثر ما يمكن حمله من حاجيات وأثاث هاربة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي بعد سيطرة قوات النظام وروسيا على مدينة خان شيخون وكامل الريف الحموي.
ويصف الناشط الإعلامي محمد العبد الله المشهد للجزيرة قائلا، “رأيت الناس هائمين على وجوههم في الأرض وعلى الطرقات. مليون شخص انتقلوا من مكان وحلوا بمكان آخر دون أي مقومات لهم. كارثة كبيرة ستحل بهم قريبا في حال لم تُقدَّم لهم الخدمات الأساسية والخيم”.
نزوح وخسائر….
من جهته، يقول مدير فريق منسقي الاستجابة محمد حلاج للجزيرة إن أعداد النازحين وفق الاحصائيات الأخيرة بلغت مليونا و27 ألف نازح مع استمرار نزوح العائلات إلى الحدود السورية التركية، وهو أكبر نزوح تشهده المنطقة خلال ثلاثة أشهر نتيجة الحملة التي تشنها قوات النظام والقوات الروسية على ريف إدلب وريف حماة.
ويؤكد حلاج أن قيمة الخسائر بلغت نتيجة الحملة الأخيرة نحو 2.41 مليار دولار نتيجة تدمير المستشفيات والمدارس والمنازل السكنية والمحال التجارية والدور الصناعية والمساكن المؤقتة للنازحين فضلا عن دور العبادة والطاقة الكهربائية والأسواق، وبخلاف الخسائر البشرية التي بلغت نحو ثلاثة آلاف بين قتلى وجرحى.
وطالب فريق منسقي الاستجابة في بيان له تقديم مساعدات عاجلة للنازحين الجدد وتقديم كافة الخدمات الإنسانية لهم من قبل المنظمات الدولية الفاعلة، داعيا المجتمع الدولي لوضع حد للحملات العسكرية للنظام السوري وروسيا على إدلب.
ويبقى مصير أكثر من ثلاثة ملايين إنسان في محافظة إدلب مجهولا، رغم الاتفاقيات الدولية التي باتت لا تملك أي قيمة عند السوريين
رويترز