مقالات

هل الخلافة هي البديل ؟

 

 

د. أحمد النداني
د. أحمد الزنداني

 

منذ اندلاع ثورات الربيع العربي , يثور سؤال حيوي ومهم عن موقف الحكومات الغربية من الديمقراطية كآلية دفعت بالإسلاميين إلى مراكز صناعة القرار في بلدانهم ؟ حتى نجيب على هذا السؤال لابد , من أن نوضح مسألة مهمة وهي أن مصطلح الإسلاميين ارتبط بتلك الفئات التي تبني برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على أُسس إسلامية , وإن ضمناً في حالات نادرة . وفي معظم الحالات فإن خطابها الواضح للجماهير ينبني على أساس أن وصول هذه الفئات إلى الحكم يعني سعيها إلى تحكيم الشريعة الإسلامية.

وهنا تأتي أولى العقبات التي يواجهها النظام الدولي الذي يسيطر عليه ويسيره الغرب مع الديمقراطية (كآلية) في المجتمعات العربية والمسلمة , فالمجتمع الدولي قد أُوسس على لبنة العلمانية التي فصلت الدين عن الدولة وأنشأت الدولة القومية التي نشأت على أساس المواطنة المتساوية التي تقوم على المساواة المطلقة بين جميع المواطنين دون اعتبار لأي فروق لاسيما على أساس الدين أو الجنس , والتعامل مع حكومة إسلامية , في تصور قادة النظام الدولي , أمر مستحيل لأنه يناقض وبشكل صريح تلك الأُسس التي قام عليها المجتمع الدولي وتطور.

فمنذ قرون والدول الغربية تشترط في بناء علاقات طبيعية مع غيرها من الدول أن تقوم هذه الدول بتغيير شرائعها وأنظمتها القانونية لتصبح جزءاً طبيعياً في المجتمع الدولي الذي انشأته أوروبا كما اسلفنا سابقاً , وذلك حتى تحضا بالاعتراف بسيادتها على أقاليمها , أي إقرار حقها في إدارة شؤونها الخارجية والداخلية بدون تدخل من غيرها من الدول . وعلى سبيل المثال , لم تسمح الدول الغربية للدولة العثمانية بالانضمام إلى العائلة الدولية , إلا بمعاهدة باريس 1856م , بعد هزيمتها في حرب القرم وتغييرها لبعض شرائعها وقوانينها , ومع ذلك فقد ظل بعض فقهاء القانون الدولي في الغرب “يشككون في صلاحية الدولة العثمانية للتمتع بقواعد القانون الدولي ما دام القرآن باقيا بيد العثمانيين لأنه سيظل حائلا لهم دون التعامل مع العالم الخارجي” .

ولأن وصول الإسلاميين إلى السلطة عن طريق الآلية الديمقراطية مؤشرا على عودة الشريعة الإسلامية إلى منصة الحكم , فإن الحكومات الغربية تعتبر ذلك تهديداً , ليس لأمنها القومي فحسب بل أيضاً للأُسس التي يقوم عليها المجتمع الدولي مما يوجب على قادة النظام الدولي مواجهة هذا الأمر وإعاقته مهما كلف الأمر , فهم يدركون أن الإسلام نظام عالمي بديل للنظام الذي قدمته الحضارة الغربية للعالم وعودته للحكم ينذر بزوال العلمانية أساس النظام الأوروبي (الغربي) لما يمتلكه الإسلام من منظومة تشريعية وقيميه وأخلاقية قادرة على سحب البساط من تحت الحضارة الغربية , ولتاريخ أوروبا مع الاسلام في هذا الباب عبرة , ومن يقرأ كتاب مراد هوفمان الذي حمل عنوان “الإسلام كبديل” يدرك ذلك تماما.

ولهذا يحذر صموائيل هنتنجتن , أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفرد , الغرب في كتابه الشهير صراع الحضارات قائلاً : “إن صراع القرن العشرين بين الديمقراطية الليبرالية والماركسية اللينينية ما هو إلا مجرد ظاهرة تاريخية سطحية زائلة إذا ما قورنت بعلاقة الصراع العميقة والمستمرة بين الإسلام والنصرانية” . ويقول ايضاً إن “الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي كادت أن تقضي على الغرب ، ولقد فعلت ذلك على الأقل مرتين” ويضيف “أن المشكلة الأساسية للغرب ليست الأصولية الإسلامية. أنه الإسلام الثقافة المختلفة وشعوبه المؤمنة بتفوق وتميز ثقافتها والمصابة بالذهول نتيجة ضعف قوتها المادية”.

وبهذا يثور سؤال جديد ومهم , فإذا ما أغلق الغرب باب الآلية الديمقراطية أما الشعوب المسلمة هل سيكون على الشعوب المسلمة فرض نظام الخلافة الإسلامية لتحقيق آمالها ؟!!

….

استاذ العلاقات الخارجية في جامعة صنعاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى