مقالات

هل نعي الدرس

الرشادبرس_ مقالات

مقال – د . عبدالناصر الخطري

في مشهد مضطرب تمر به منطقتنا وبلداننا … تتغير فيه التحالفات بسرعة فائقة وتسقط فيه أوهام كثيرة فلم يعد أحد محصنًا من المفاجآت ولم يعد هناك شيء اسمه خطوط حمراء …دول تساوم على مصالحها وشعوب تُستنزف والمقاومة وحدها تبقى صامدة تنير الطريق مهما اشتدت العتمة.

إيران رغم الجراح العميقة التي أصابت جسدها ستخرج عبر الإعلام تحتفل بانتصار وهمي تحاول أن تبرر به الخسائر الكبيرة، فالمفاعلات ضربت والمراكز البحثية تهاوت والقيادات العليا قُتلت ومآسيها كثرت ومع ذلك تحاول أن تتماسك وتظهر قوية رغم أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا.

في الجهة الأخرى إسرائيل تلقت ضربات مؤلمة فمن هجوم السابع من أكتوبر إلى الصواريخ التي وصلت قلبها وسقطت على مدنها سقطت معها صورة الدولة التي لا تُقهر وتلاشت أحلام الهجرة اليهودية إلى أرض الميعاد وبدأت الهجرة العكسية تطفو على السطح وبعد أن تضع الحرب أوزارها ستكون أزمات الداخل مرشحة للانفجار في أي لحظة.

وفي هذا الحدث المثير انكشفت أذرع إيران في المنطقة فقد ظهروا كأيتام يشاهدون جسد الأم الكبرى يستباح دون أن يملكوا القدرة على حمايته أو الدفاع عنه واكتفوا بالضجيج والوعيد وانشغلوا بالتفكير في مستقبلهم الذي صار على موعد مع التغيير على يد شعوبهم .

ووسط كومة من التكهنات بما تأول إليه الأحداث تقوم قطر بما يشبه فعل الحارث بن عباد حين قدَّم ابنه للزير فداء لحقن الدماء فقد سمحت باستهداف صوري لقاعدة العديد – في رسالة مزدوجة لحفظ ماء وجه إيران من جهة وامتصاص أي اندفاع أمريكي من جهة أخرى – والمفاجأة أن إيران التي اعتادت الرفض والتحدي لم ترفض كما رفض الزير عرض الحارث بل قبلت هذا العرض وكأنها تقول : نعم نبحث عن مخرج.

وفي قلب المشهد تبقى غزة الجرح النابض بالشرف والراية التي لم تنكّس .. عامان من القصف والحصار والخذلان والتجويع ورغم ذلك لم ترفع راية الاستسلام بل قاتلت الأعداء وفضحت المتخاذلين وكشفت زيف الادعاءات فهي الكاشفة والفاضحة والثابتة … عرّفتنا من الثابت ومن المتلون ومن المتاجر بدماء الشعوب.

والحدث بمجموعه يعلمنا أننا تعدينا زمن الشعارات وأن المواقف تذوب في أتون المصالح وأن الأمة بحاجة إلى من يقف على ثغر الحق لا على أرصفة الانتظار أو دكة الفرجة، فهل نعي الدرس ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى