هام

وزير الأوقاف: المراكز الصيفية الحوثية قنابل موقوتة تهدد النسيج الوطني وتُحوّل الأطفال إلى أدوات حرب

الرشــــــــاد بـــــــــــــــرس ــــ متابـــــــــــــــــــعات
حذّر معالي وزير الأوقاف والإرشاد، الشيخ — محمد عيضة شبيبة، من المخاطر الجسيمة التي تشكلها المراكز الصيفية التي تنظمها ميليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها، مؤكداً أنها لم تعد سوى منصات لتجنيد الأطفال وتلقينهم أفكارًا طائفية متطرفة، بهدف الزجّ بهم لاحقًا في جبهات القتال، تحت شعارات دينية زائفة تخدم أجندات خارجية، وعلى رأسها المشروع الإيراني التوسعي.
وفي حوار موسّع أجرته صحيفة 26 سبتمبر، شدد معالي الوزير على ضرورة مواجهة هذه المراكز الطائفية بحزم ووعي، محذرًا من أن خطرها لا يقتصر على الأفراد بل يمتد ليهدد بُنية المجتمع اليمني بأسره، وهويته الوطنية الجامعة، واستقراره الأسري والاجتماعي على المدى القريب والبعيد.

تفخيخ للعقول وتمزيق للنسيج الاجتماعي

يرى الوزير شبيبة: أن هذه المراكز تمثل تهديدًا بالغ الخطورة لتماسك النسيج الاجتماعي في اليمن، إذ تُستخدم كأدوات ممنهجة لتفخيخ عقول النشء بخطاب الكراهية والعنف والفرقة، وتغذية الصراعات المذهبية والسياسية، في بيئة تفتقر لأدنى معايير التربية السليمة أو التعليم الوطني.

وأكد أن الحوثيين يعمدون إلى استدعاء صراعات التاريخ والمظلوميات المزيفة، لتبرير خطابهم المذهبي وتكريس رؤيتهم الأحادية، ما يؤدي إلى طمس الهوية اليمنية الجامعة، واستبدالها بهويات فرعية قائمة على الولاء الضيق للجماعة، مشيرًا إلى أن هذا النهج يزرع بذور الانقسام العميق داخل المجتمع، ويهدد تماسك الأسر ويُغذي الاحتراب الأهلي.

صناعة جيل مشوّه فكريًا

وأوضح الشيخ شبيبة :أن ما يتم تدريسه وتلقينه في تلك المراكز لا علاقة له بالعلم أو التربية، بل هو برنامج أيديولوجي متطرف هدفه خلق جيل مشوّه فكريًا ونفسيًا، يرى في العنف وسيلة مشروعة لتحقيق الأهداف، ويعتبر أي اختلاف سياسي أو فكري كفرًا وخيانة تستوجب الإقصاء أو القتل، حتى وإن صدر عن أحد أفراد أسرته.

وأضاف: “لقد تحولت هذه المراكز إلى معامل إنتاج للعنف والكراهية، يُصنع فيها الإنسان ليكون قنبلة موقوتة، لا يعرف غير الولاء للجماعة ولا يعترف بأي سلطة أسرية أو اجتماعية أو وطنية سواها.”

جرائم أسرية غير مسبوقة

وفي هذا السياق، أشار الوزير إلى أن هناك حالات صادمة موثقة لأطفال عادوا من تلك الدورات وقد تبرؤوا من آبائهم أو ارتكبوا جرائم قتل بحقهم، تحت تأثير التعبئة الفكرية التي تُصوّر الأهل المعارضين كأعداء لله والرسول. وقال: “نحن أمام ظاهرة مقلقة للغاية، إذ نشهد انهيار القيم العائلية، وتشظّي الروابط الأسرية، بسبب غرس أفكار مسمومة تنسف مفهوم البرّ والتراحم من جذوره.”

منصات للتجنيد الإجباري

أكد الوزير أن هذه المراكز تمثل المرحلة الأولى من مسار تجنيد الأطفال، حيث يُلقّن المشاركون فيها شعارات دينية وسياسية تمجّد القتال، وتُعرَض عليهم مشاهد تعبويّة تُحرّضهم على الجهاد ضد ما يسمّى بـ”العدو”، وغالبًا ما تكون النهاية هي الزجّ بهم في الجبهات دون تدريب حقيقي أو دراية بماهية الصراع، ليكونوا مجرد وقود لحروب عبثية.

ولفت إلى أن ما يُروَّج له داخل هذه الدورات من شعارات مثل “محاربة الاستكبار العالمي” أو “نصرة القدس” ليس سوى غطاء لخدمة مشروع خارجي يسعى لتكريس النفوذ الإيراني في اليمن، على حساب دماء الأطفال ومستقبل الأجيال.

تقارير دامغة

أوضح الوزير شبيبة أن العديد من التقارير الحقوقية الدولية والمحلية وثّقت مئات الحالات لتجنيد الأطفال من داخل هذه المراكز، وأثبتت أن الحوثيين يستخدمون التعليم الصيفي كذريعة لتعبئة النشء وتحويلهم إلى أدوات للقتل، وليس لبناء جيل واعٍ ومثقف. واعتبر أن هذه التقارير تمثل إدانة واضحة يجب أن تُبنى عليها مواقف رسمية ودولية لوقف هذه الانتهاكات.

انعكاسات نفسية

تحدّث معالي الوزير عن الانعكاسات النفسية المدمّرة على الأطفال المجنَّدين، مشيرًا إلى أن انتزاعهم من بيئتهم الطبيعية وزجهم في أتون الحرب يُنتج شخصيات مهزوزة، تحمل صدمات نفسية عميقة، وقد يُعانون لاحقًا من اضطرابات سلوكية مزمنة. وقال: “نحن أمام جريمة مزدوجة: حرمان من التعليم، ودمار نفسي وجسدي يُلاحق الطفل مدى حياته.”

دور وزارة الأوقاف

استعرض الوزير جهود وزارة الأوقاف والإرشاد في التصدي لهذا الخطر، من خلال إطلاق برامج توعية شاملة، وتنفيذ حملات إعلامية وخطب توجيهية، وتفعيل دور العلماء والخطباء في كشف الحقائق وتحصين المجتمع. وأكد أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع كافة الجهات الرسمية والشعبية لكشف زيف الفكر الحوثي، وتعزيز القيم الوطنية والوسطية في نفوس الناشئة.

رهان على وعي القبائل اليمنية

رغم التعتيم الإعلامي المفروض من قِبل الحوثيين، شدد الوزير على أن الوزارة تراهن على وعي القبائل اليمنية الأصيلة، التي لطالما كانت خط الدفاع الأول عن الجمهورية والوحدة الوطنية، معبّرًا عن ثقته في أن القبائل لن تقبل بتحويل أبنائها إلى أدوات بيد جماعة لا تؤمن باليمن ولا بمستقبله.

استراتيجية وطنية شاملة

في ختام الحوار، دعا الوزير شبيبة إلى اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لتحصين المجتمع من الفكر الطائفي المتطرف، تبدأ من إصلاح المناهج التعليمية، وتمر بتفعيل الخطاب الديني المعتدل، وتوفير بيئات تربوية آمنة للأطفال خلال الإجازات الصيفية، وصولًا إلى التعاون بين الدولة والمجتمع المدني والإعلام لكشف وفضح هذه الممارسات الممنهجة.

واختتم حديثه بالقول:
“نحن في معركة وعي حقيقية، ومصير الوطن كله يتوقف على مدى إدراكنا لحجم هذا الخطر. فإما أن نستعيد اليمن بجمهوريته وهويته الوطنية، أو نتركه فريسة لمشروع طائفي خارجي يعيدنا قرونًا إلى الوراء. نسأل الله أن يحفظ وطننا، ويكفينا شرّ الحوثيين ومن يقف خلفهم.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى