قرارات البنك المركزي وتأثيرها على القطاع النقدي والمصرفي وتوحيد العملة
الرشاد برس___ تقرير
أصدر البنك المركزي اليمني، في العاصمة المؤقتة عدن ،قبل أيام ،قرارات سيادية وتاريخية تضمنت حظر التعامل مع أكبر البنوك التجارية في صنعاء، بالإضافة إلى قرار إيداع العملات القديمة في البنوك التجارية الواقعة في مناطق نفوذ الحكومة.
من جهتها قابلت مليشيا الحوثي اجراءات البنك المركزي بتصعيد آخر تمثل بقرار البنك في صنعاء بمنع التعامل مع ثلاثة عشر بنكا واقعا في مناطق نفوذ الشرعية.
كما دعت مليشيا الحوثي إلى استبدال العملة القديمة بالطبعة- الجديدة مقابل تعويضهم بما سمته “القيمة الحقيقية”.
البنك المركري في عدن عزا قرار إيقاف هذه البنوك لفشلها في الالتزام بأحكام القانون، وتعليمات البنك، وعدم الامتثال لمتطلبات مكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، واستمرارها في التعامل مع جماعة مصنفة “إرهابية”.
كما دعا البنك المركزي كافة الأفراد والمحلات التجارية والشركات والجهات الأخرى والمؤسسات المالية والمصرفية، ممن يحتفظون بنقود ورقية من الطبعة القديمة ما قبل عام 2016م، إلى سرعة إيداعها في البنوك التجارية في المحافظات المحررة خلال مدة أقصاها ستون يوما من تأريخ الإعلان، في معركة وإجراءات يبدو أن مركز عدن ماضٍ فيها.
اهداف ذات بعد اقتصادي
قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، إن قرارات البنك المركزي، تأتي في سياق الأزمة التي نشبت قبل شهرين بين البنك المركزي اليمني في عدن المعترف به دوليا، وبنك صنعاء الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي التابعة لإيران، عقب قيام الأخير بسك عملة جديدة فئة مائة ريال.
واضاف في منشور على صفحته بالفيسبوك، أن القرارات هدفها الضغط على البنوك لنقل مراكز عملياتها الى عدن عقب انتهاء المهلة المحددة بشهرين، لاسيما وأنها حتى الان لم تستجيب لقرارات مركزي عدن عقب تهديدات صريحة لها من بنك صنعاء، وفضلت عدم التضحية بأصولها ورأس مالها ومصالح ملاكها في ظل جماعة لا ترعوي عن اي تصرف اهوج في هذا الإطار.
واشار الخبير الاقتصادي إلى أن نجاح هذه القرارت في النهاية يعتمد الى حد كبير على الدعم الذي سيحصل عليه البنك المركزي في عدن من الرئاسة والمملكة العربية السعودية لاسيما إذا تصاعدت الأزمة ووصلت مرحلة ايقاف السويفت كود للبنوك غير الملتزمة.
وكان مجلس القيادة الرئاسي، قد أكد في هذا السياق، دعمه الكامل لقرارات البنك المركزي اليمني في عدن.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن خفض التصعيد يعتمد على التهدئة من قبل جماعة الحوثي وجنوحها من خلال التراجع عن الخطوات التصعيدية والسماح بنقل المراكز المالية للبنوك إلى عدن في حين يظل النشاط المصرفي محكوما بقواعد مهنية يتم الاتفاق عليها بعيدا عن الصراع، ما لم فإنها ستدخل في عزلة اقتصادية كارثية.
ويرى مصطفى أن هذا التصعيد في الأزمة سيعمل على مزيد من الانقسام النقدي ومتاعب كبيرة للبنوك المحلية، مالم يعالج الموضوع في إطار حل شامل يوحد السياسة النقدية وعلى رأسها العملة الوطنية، او على الأقل يوجد آلية لإدارة العملة وقد اطلقنا مؤخرا بالتعاون مع فريق الإصلاحات الاقتصادية مبادرة في هذا الإطار.
قرارات لابد منها
وفي هذا الصدد يقول الباحث في مجال العلوم المصرفية /خالد صلاح..ان القرارات السيادية التي اتخذها البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن كان لابد من صدورها منذ فترة طويلة وليس من اليوم، فعلى سبيل المثال نقل البنوك التجارية والإسلامية مراكز معلوماتها وسيرفراتها إلى العاصمة عدن هذا القرار كان يفترض أن يصدر قبل 7سنوات ، حينما صدر قرار جمهوري بنقل البنك المركزي إلى العاصمة عدن، حتى يستطيع أن يمارس سلطاته ودور الشرعي الذي خوله له القانون”.
ويضيف /أن قرار إلغاء التعامل بالإصدار القديم من العملة المحلية كان يفترض أن يصدر نهاية العام 2019م عندما اتخذت مليشيات الحوثي قرار منع تداول الطبعة الصغيرة من العملة المحلية في مناطق سيطرتها، وهذا القرار الصادر من قبل الجماعة غير مبرر وغير قانوني وفي ظل أنها جماعة انقلابية وغير معترف بها دوليا، إلا أن هناك أطراف دولية تكيل بمكيالين وهي من سمحت لهذه الميليشيات بهذا الأمر من خلال سكوتها وعدم إدانتها أو معاقبتها
وأضاف: “البنوك التجارية ما تزال مترددة وخانعة لقرارات الحوثيين لكن عندما ترى البنك المركزي يمضي قدما في قراراته، وفي مساعيه لتنفيذ السياسة النقدية على عموم محافظات الجمهورية، وإدارة النشاط المالي والمصرفي، ويتحمل مسؤوليته بشكل كامل، فأعتقد أنها بالأخير ستجد نفسها مضطرة إلى عملية النقل، خصوصا إذا استخدم البنك المركزي ورقة الشرعية الدولية”.
ضبط القطاع المصرفي
من جانبه يرى هاني العمقي /ان خطوات البنك المركزي وان جاءت متأخرة الا انها تصب في الإتجاه الصحيح من خلال ضبط السوق المالية والسيطرة عليها، وتنظيم القطاع المصرفي ومحاربة تجار السوق السوداء والمضاربين بالعملة
ويضيف ان القرارات صائبة وتاريخية وستؤثر ايجابا انخفاض سعر الصرف
وتمنى العمقي من وسائل الإعلام والمختصين في مجال الاقتصاد والمحللين الماليين ان يدعموا قراراتوالبنك المركزي و أن ينوروا الناس باهمية هذه الخطوة الجبارة والسيادية
فنحن أمام خطوات كبيرة ومهمة وحاسمة فيما لو صدقت النوايا وكانت هذه الإجراءات ضمن حزمة شاملة للإنقاذ”.
قرار سيادي
الى ذلك أكد مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني امس السبت أن قراراته سارية بما يسهم في انهاء عبث ميليشيا الحوثي الإرهابية بالقطاع المصرفي والمالي.
وأوضح المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن إجراءات تنفيذ القرارات تمضي وفق الخطة المقررة وفي مواعيدها المحددة، نافيا بهذا الصدد الشائعات المشبوهة التي تزعم دون ذلك.
وجدد المصدر التأكيد على إجراءات البنك هي سيادية وذات طابع نقدي ومصرفي ولا تخضع للتوجيهات وليس لها أي صلات باي احداث أو جهات محلية أو إقليمية أو دولية.
وقال “إن قرارات البنك المركزي، هي إجراءات تقنية مالية خالصة، ليس لها أي خلفيات سياسية، وإنما جاءت بموجب صلاحيات البنك واستقلاليته ومسؤولياته القانونية لحماية القطاع المصرفي من الانهيار، خلافا لما تروج له المليشيات الحوثية”.
وأهاب المصدر بوسائل الاعلام التعامل بمهنية ومسؤولية وطنية وعدم الانجرار خلف الشائعات التي تروج لها وسائل اعلام ومواقع مشبوهة تستقي شائعاتها من مطابخ اجهزة امن المليشيات دون تحقق.
إجراءات مضادة
ومع تلك القرارات الصائبة والسيادية التي اتخذها البنك المركزي ردت المليشيا الحوثية بإجراءات مضادة تتصف بالعنادية والمكابرة يقول في هذا الإطارالخبير الاقتصادي فارس النجار: “القرار الذي أصدره ما يسمى بالبنك المركزي في صنعاء هو قرار -للأسف الشديد- قيمة الورقة أغلى منه، وهو يتحدث عن وقف التعامل مع بنوك ليست لها فروع أصلا في داخل العاصمة المغتصبة صنعاء”.
وأضاف: “الجانب الآخر أنا أستغرب اليوم أن يتباكى نظام صنعاء على القطاع المصرفي، وهو الذي لسنوات فرض الجبايات، وأدى إلى تضاؤل حجم القطاع الخاص في داخل مناطق الخضوع -حسب تقرير للبنك الدولي- بنسبة 50%”.
وتابع: “أستغرب كيف يتباكى نظام صنعاء اليوم على القطاع المصرفي وهو الذي قام بنهب استثمارات البنوك التجارية في أذون الخزانة، وفي أدوات الدين المحلي، البالغة أربعة مليارات وستمائة مليون دولار، وحرم البنوك التجارية من الوصول إليها، الأمر الذي جعل البنوك غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المودع”.
واضاف: “أستغرب كيف يتباكى اليوم نظام صنعاء على القطاع المصرفي وهو الذي يفرض الجبايات، وهو الذي قام بإنشاء أكثر من ألف ومائة واثني عشر شركة (1112) بمئة وخمسة وسبعين (175) شركة صرافة، وسمح لهم بفتح حسابات مخالفة لقانون البنك المركزي؟”.
وزاد: “قامت مليشيات الحوثي باقتحام بنك التضامن، وسرقة الأموال بحجة أنها أموال كانت مودعة للرئيس السابق عبد ربه منصور هادي؛ هذه جماعة مليشياوية لا تفكر بقطاع مصرفي ولا يهمها أن يكون هناك قطاع مصرفي في البلد”.
وأضاف: “لا يمكن منطقيا ولا عقليا بأن تظل مراكز رئيسية بإدارة الامتثال لها، وإدارة عملياتها، تعمل تحت سلطة الانقلاب في ظل جماعة مصنفة إرهابيا لا تخضع لرقابة محلية ولا دولية”.
وتساءل: “كيف سيتم محاربة تمويل الإرهاب، وغسيل الأموال في ظل سلطة أصلا مصنفة إرهابيا على المستوى العالمي؟”.
وأضاف: “أعتقد اليوم عندما وصلنا إلى مرحلة هناك مظاهرات، منذ أيام، في العاصمة المغتصبة صنعاء لأناس أمام البنوك لم يستطيعوا الحصول على أموالهم؛ من يتحمل هذه المسؤولية اليوم؟ من الذي حرم البنوك التجارية من الوصول لاستثماراتها؟”.