عربية

600 يوم من العدوان على غزة: معاناة بلا نهاية ومأساة إنسانية تتفاقم

الرشـــــــــــــــــــــــــاد بــــــــــــــــــــــرس ـــــــــــ عربـــــــــي
بعد مرور 600 يوم على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يعيش سكانه أقسى فصول المعاناة الإنسانية في تاريخهم الحديث.
فكل يوم يمر على الغزيين، يحمل مزيداً من الفقد، والدمار، والموت، والجوع، في ظل أوضاع صحية وبيئية غاية في الخطورة، وواقع إنساني كارثي يُنذر بمزيد من الانهيار.
واقع ما قبل العدوان :
لم تكن الحياة في غزة قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 مثالية، إذ واجه السكان أزمات اقتصادية متواصلة، ونسبة بطالة تجاوزت 45%، واعتمد أكثر من 80% من الأهالي على المساعدات الإنسانية.
ورغم ذلك، كانت الحياة اليومية ممكنة؛ الماء متاح، الطعام موجود، والعمل وإن بصعوبة، متوفر. لكن هذه التفاصيل البسيطة اختفت كلياً مع بدء العدوان .
دمار ممنهج:
منذ بداية الحرب، فرضت إسرائيل تهجيراً قسرياً على السكان، وترافقت العمليات العسكرية مع دمار واسع النطاق طال البنية التحتية والمرافق الحيوية، بما فيها مصادر المياه والكهرباء، والمنازل، والمدارس، والمستشفيات.
وباتت مناطق كاملة مثل الرمال، وتل الهوى، والنصر، والكرامة، والمشتل، والعودة، التي كانت تضم طبقة متوسطة وعليا وتزخر بالمطاعم والمقاهي، ركاماً وخياماً تأوي نازحين.
إحصائيات حكومية تشير إلى أن نسبة الدمار الكلي بلغت نحو 88% من إجمالي المباني السكنية والمنشآت.
شواطئ غزة… من متنزهات إلى مخيمات للنازحين:
سواحل غزة التي كانت وجهة للمصطافين، تحولت إلى مخيمات ضخمة للنازحين، خاصة في الجنوب والوسط.
ميناء غزة بات مؤخراً ساحة تتسع لآلاف الخيام، فيما استخدم الجيش الإسرائيلي الشواطئ في بعض الأحيان ممرات عسكرية للعمليات البرية.

مياه ملوثة وجوع شامل:

مع اختفاء مياه الشرب النظيفة، اضطر آلاف السكان إلى شرب مياه غير صالحة للاستهلاك البشري، ما أدى إلى تفشّي الأمراض والأوبئة في أماكن النزوح، خصوصاً في مواصي رفح وخان يونس.
ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإن غزة أصبحت “أكثر الأماكن جوعاً على وجه الأرض”.
وسُجّل وفاة أكثر من 60 طفلاً جراء سوء التغذية، بينما توفي 242 آخرون بسبب نقص الغذاء والدواء.
انهيار النظام التعليمي:
أُغلق التعليم تماماً في قطاع غزة. أكثر من 13 ألف طالب قُتلوا منذ بداية الحرب، وتحولت المؤسسات التعليمية إلى مراكز إيواء أو أهداف عسكرية.
وقد دمرت إسرائيل 149 مؤسسة تعليمية بالكامل، وأصابت 369 جزئياً، وقتلت 800 معلّم وموظف تربوي.
ورغم ذلك، حاول بعض المعلمين بالتعاون مع منظمات دولية إقامة صفوف تعليمية بدائية في الخيام، إلا أن استمرار القصف أحبط أغلب تلك المحاولات.
القطاع الطبي في الانهيار
وفق وزارة الصحة في غزة:
22 مستشفى من أصل 38 خرجت من الخدمة.
47% من قائمة الأدوية الأساسية و65% من المستلزمات الطبية أصبحت صفراً.
فقط 30 مركز رعاية أولية من أصل 105 يعمل حالياً.
41% من مرضى الفشل الكلوي توفوا خلال الحرب.
وقد استشهد1581 من الكوادر الطبية، بينهم أطباء ومسعفون وممرضون، في استهداف مباشر أو غير مباشر.
استهداف المدنيين والنخب العلمية
لم تقتصر الضربات الإسرائيلية على المسلحين، بل طالت المدنيين، من صحفيين إلى أكاديميين.
قُتل:
أكثر من 220 صحفياً،
أكثر من 150 أكاديمياً من نخبة التعليم الجامعي،
وجرى القضاء الكامل على 2483 عائلة، بحسب إحصاءات وزارة الصحة.
ضحايا بلا نهاية: أرقام تفوق كل تصور
54,084 شهيدا
123,000 جريح،
آلاف المفقودين،
طفل يُقتل كل 40 دقيقة،
سيدة تُقتل كل ساعة،
16,854 طفل قُتلوا منذ بداية الحرب، 931 منهم لم يبلغوا عامهم الأول.
كارثة إنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً
كل ما في غزة اليوم ينطق بالألم، من الشوارع التي كانت تنبض بالحياة إلى الخيام التي تخنق أهلها بالقهر.
لم يعد هناك مستشفى آمن، ولا مدرسة قائمة، ولا مياه نظيفة، ولا حتى فرصة للنجاة من الجوع والموت البطيء.
الوضع الإنساني بات يتطلب تدخلاً دولياً فورياً، لا لأجل غزة وحدها، بل من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من القيم الإنسانية في عالمنا.
المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى