الأهداف السياسية من وراء تناول السيدة عائشة
فوجئ اليمنيون بمختلف توجهاتهم بما نشر في صحيفة الثورة من قدح في أم المؤمنين وحبيبة رسول العالمين جاءت في قصيدة ساقطة من حيث المبنى والمعنى قوبلت باستهجان واستنكار واسع من قبل مختلف الجهات في الداخل والخارج .
وإنه لمن المؤسف فعلا أن يتناول هذه السيدة الكريمة والرمز الديني الكبير مجموعة من المنحرفين سياسياً والذين لا يتورعون عن استخدام أي طريقة مهما خبثت لتحقيق مآربهم السياسية ولو على حساب الثوابت الشرعية والوطنية، فالملك والحكم عندهم عقيم حتى من ثوابت الأمة ومقدساتها .
ولا غرابة أن يصدر من مثلهم هذا الفعل الشنيع؛ وقد سفكوا من الدماء ونهبوا من الثروات ما يدلل على أنهم لا يملكون وازع من دين أو خلق يردعهم، وقد قيل إذا لم تستح فاصنع ما شأت.
لكن السؤال ما هي دوافعهم لنشر مثل هذا الاستفزاز؟ وما النتائج السياسية التي يطمحون إلى تحقيقها من وراء هذا الفعل وفي هذا الوقت بالذات ؟!
من المؤكد أن القيادة التي وجهة القائمين على الصحيفة لنشر هذه القصيدة هي نفسها من تدير المعارك ضد المقاومة والتحالف؛ لأن نشر مثل هذه الإساءة في مثل هذه الظروف وفي صحيفة محتلة من قبل الحوثيين لا يمكن أن تأتي اعتباطا أو منفصلة عن واقع الحرب الدائرة فهذه مسألة من الوضوح بمكان.
لكن ما النتائج التي ترجوها قوى الإنقلاب المسيطرة على صحيفة الثورة من نشر القصيدة في مثل هذه الظروف؟
سنحاول أن نعرض بعضا مما يمكن أن يكون أهدافا لهم حتى نكون على وعي جيد بما يخططه هؤلاء القوم وحتى لا ندفع إلى ردات فعل نابعة من عاطفة دينية طالما أتينا من قبلها مراراً وتكراراً.
فأول هذه الأهداف هو العمل على تحويل المعركة عن طبيعتها الحقيقية؛ فالمعركة القائمة واضحة أنها ضد انقلاب غاشم ركناه النظام السابق ممثلا في صالح وجماعة طائشة ممثلة في الحوثي؛ وهم يسعون من وراء نشر هذه الإساءة إلى حرف مسار المعركة حتى تكون ذو صبغة طائفية وما ينتج عن ذلك من خلط للأوراق وإعادة ترتيب لحلفاء الخارج والداخل .
ثانيها الحصول على ردات فعل غير حكيمة مثل زيادة عدد العمليات ذات الدافع الطائفي والدفع بفصائل متشنجة ومتشددة للدخول إلى حلبة الصراع ليعملوا على تجزئة وتشتيت أهداف المجموعات المناضلة ضده، وليعملوا على إفشال وعرقلة النجاح السياسي الذي حققته قوى الشرعية في الخارج أيضا .
ومن الأهداف المتوقعة لفت نظر الرأي العام عن الصراع القائم إلى قضية أخرى ليس لها ارتباط عضوي بالصراع الحقيقي ، وهي تشبه سياسة “الألعاب الإسبانية للثيران” إذ ينشغل الثور المستفز والهائج بمهاجمة المنديل الأحمر عن الهدف الحقيقي والمتسبب في وخزه وإيذاءه .
وقد يكون من تلك الأهداف هو مجرد عملية اختبار لدراسة ردات الفعل وإمكانية توظيفها أو تأثيرها في نتائج الصراع وتفاصيله .
وقد يكون من أهدافها مغازلة وتشجيع الإيرانيين والشيعة عمومًا على الإستمرار في دعم المشروع الحوثي حتى النهاية بإبداء إمكانية التشيع الفكري الكامل وعدم استحالته.
فماذا نصنع تجاه مثل هذا الاستفزاز الطائفي والذي قد يتكرر في قادم الأيام بحيث تجري عملية استنساخ للتجربة السورية مثلا من قبل قوى الإنقلاب في اليمن .
الرأي أن تقتصر ردات الفعل على الدعم المتزايد للمقاومة حتى تسرع في الإجهاز على الانقلابيين وعدم إعطائهم متنفس للمناورة وتنويع أساليب الصراع، بالإضافة إلى بيان الحكم الشرعي وموقف الشرع من مثل هذه الأفعال والمعتقدات وتوجيه ردات الفعل التي قد يقوم بها المتحمسون من قبل كبار العلماء المعتبرين والمشهود لهم بالحكمة والوعي.
والأهم من ذلك هو عدم السماح لهذه القوى الشريرة بجرنا إلى معارك هم يحددوا لنا ما هيتها وتفاصيلها؛ فالارتباط ومتابعة صفحات ومواقف القوى السياسية المعروفة بإخلاصها للوطن أحد الوسائل الناجعة لتشكيل وعينا بالواقع في مثل هذا الصراع .
هذا ما تيسر كتابته على عجالة حول هذا الحدث الذي يمثل اعتداء صارخ ومؤسف على إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم واحبهن إليه