مقالات

وداعا أيها الراحل الأجل

الرشادبرس..

بقلم /احمد عبدالملك المقرمي

أفضى الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني إلى ربه، مصحوبا بحسن الذكر، مشيَّعا بحب الناس، مغمورا بدعاء تلامذته و محبيه، و ممن عرفه عن قرب، أو عرفه عبر فتاواه التي كانت تأتي متميزة بجلاء ما يطرح، أو يشرح أو يفصل في الأمر.مضى رحمه الله تعالى رحمة الأبرار إلى ربه؛ و دون أن تتبنى سلطة الانقلاب الحوثية مراسم التشييع، أو تدعو إليه، أو تنوه به، خرج الناس بعفوية المحبين، و تلقائية العرفان بالجميل للعلم و العالم الذي انتصر للفقه المبصر المجتهد و العلم المستنير بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من،خلفه، و بسنة النبي المختار ، فكان ولا نزكي على الله أحدا، من صنف من قيل فيهم: ( يحمل هذا العلم من كل خلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين).خرج الناس لتشييع الراحل الأجل حبا و كرامة، و كما ظهر ؛ كان موكب التشييع موكبا مباركا بعفويته و صدقه ومصداقيته، و هي عفوية الصدق و الحب و بساطتهما الهادرة حين تعبران عن نفسيهما في كل زمن أو مكان، و هو تعبير أعاد إلى الأذهان مجيئ عبدالله بن المبارك الذي قدم إلى مدينة الرقة زمن الخليفة هارون الرشيد، و كان – يومها- الرشيد فيها، فلما ترامت الاخبار إلى الناس بقدوم العالم الجليل عبد الله بن المبارك احتشد الناس لاستقباله ؛ و لكثرة الحشود أطلت جارية للرشيد من القصر، ثم أخذت تسأل عما تشاهد، فقالوا لها هذا عبدالله بن المبارك عالم خراسان ! فأخذت تقول هذا هو الملك لا ملك هارون، الذي يخرج الناس بالسوط و العصا، وبالرغبة و الرهبة !!خرجت الجموع تودع الشيخ العَلَم محمد بن إسماعيل العمراني إلى مثواه الاخير طواعية بحب و عرفان و حزن، فكانت رسالة مزدوجة ؛ رسالة تقول أن ثمة رموز علمية تمثل معالم فكرية و فقهية و دعوية، يبقى عطرها ممتد و أثرها متصل، و وهجها مصون، تعجز محاولات إثارة الغبار حولها، و تغدو مساعي تغييبها عن الناس، محاولات بائسة و يائسة” فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”.و رسالة أخرى أن ملك السوط و العصا؛ إنما مثله مثل مِنْسأة داوود التب أكلتها دابّة الأرض . و دابّة الأرض – اليوم – تنخر سياط الظلم و تأكل عِصِيَّ المستبدين .لقد كان وداع جنازة الشيخ الراحل رسالة مفادها أن الزبد المنتفش سيذهب جفاء، و أما ما ينفع الناس فباق في العمق و الأعماق، ينفي تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين.رحم الله الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني و أسكنه الله الفردوس الأعلى مع النبيين و الصديقين و الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى