تقارير ومقابلات
من 4 آلاف إلى 40 ألفاً.. شبح “الجرعة الأربعينية” يطارد عبد الملك الحوثي
الرشاد برس | تقاريـــــــــــــــر
قبل 8 سنوات من اليوم، وتحديداً في يوليو/ تموز 2014م، كانت مليشيا الحوثي الإرهابية -الذراع الإيرانية في اليمن- تشعل النيران في إطارات السيارات لقطع الطرقات والشوارع العامة بمدينة صنعاء وضواحيها، تنديداً واحتجاجاً على جرعة سعرية في المشتقات النفطية.
وعلى إثر رفع الحكومة، حينها، أسعار البنزين من 2500 إلى 4000 ريال للعشرين لتراً، ورفع أسعار الديزل من 2000 إلى 3900 ريال للكمية نفسها، سارعت مليشيا الحوثي لاستغلال الاحتقان الجماهيري ضد الحكومة بإقامة مخيمات اعتصامات على مداخل صنعاء وعلى امتداد طريق المطار شمالي صنعاء.
يومها طالب زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، الشعب اليمني بالخروج: “خروجاً عظيماً وكبيراً ومشهوداً في العاصمة صنعاء وفي سائر المحافظات”، مشدداً على مطالب “إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة الفاشلة”، ومحذراً في ذات الوقت من “أي اعتداء” على المحتجين!!
رفضت مليشيا الحوثي حينها قراراً رئاسياً بإقالة حكومة محمد سالم باسندوة، وتعهداً بتعديل قرار رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية، معتبرة ذلك أنه “التفاف على مطالب الشعب” الذي قالت إنه خرج في “ثورة شعبية مباركة” لتحقيق مطالبه “العادلة والمشروعة”..!
استولت مليشيا الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2014م على مؤسسات الدولة في صنعاء، لتبدأ معاناة اليمنيين مع مسلسل جرعاتها السعرية في أسعار الوقود طوال 8 سنوات ماضية، قفز خلالها سعر صفيحة البنزين 20 لتراً من 4 آلاف ريال عام 2014م، إلى 16 ألف ريال في محطات التعبئة (المقفلة)، وإلى قرابة 40 ألف ريال لنفس الكمية في سوق (بيضاء) مربحة للحوثيين.
وفي ظل استمرار نهب المليشيا لمرتبات الموظفين، وتدهور الأوضاع المعيشية، واحتكارها لاستيراد وبيع المشتقات النفطية ومنعها إدخال شاحنات المشتقات النفطية من المحافظات الجنوبية والشرقية، وافتعالها للأزمات المتكررة لأغراض سياسية وعسكرية واجتماعية، وتحقيق أرباح مالية خيالية، تبدو عوامل الاحتقان الشعبي أكثر وجاهة وأصدق حُجة منها في العام 2014م، بما في ذلك من مفارقات صارخة تفضح الجماعة الحوثية، شأنها في ذلك شأن جماعات الإسلام السياسي في تسترها بالدين والشعارات العاطفية سبيلاً مخادعاً لتحقيق أهدافها ومخططات مرشديها في الخارج.
اليوم تستميت مليشيا الحوثي لدرء تهمة معاقبة الشعب جماعياً بالجرعات السعرية عن نافذيها، فالانتقادات ضد الجرعة السعرية أبو (40 ألفاً) إنما هي “مؤامرات كونية”، ودعوات العصيان المدني السلمي “خلايا تخريبية لإقلاق السكينة العامة”.
بالأمس كان عبدالملك الحوثي يحذر من أي اعتداء على المحتجين ضد الجرعة أبو (4 آلاف)، فيما هو اليوم يهدد ويتوعد بقمع أي احتجاجات مفترضة ضد جرعة الـ(40) ألف ريال، باعتبار الاحتجاجات هنا “أعمالاً عدوانية تستهدف الجبهة الداخلية، وحرباً نفسية، ومحاولات تخريبية”، مؤكداً بلسان القيادي الحوثي يحيى سريع، أن “القوات المسلحة (الافتراضية) ستقف إلى جانب الجهات الأخرى في التصدي الجاد والمسؤول لتلك المحاولات”.
يزعم الحوثي فعل ذلك وفاءً لـ(أرواح الشهداء) الذين يفترض أن دماءهم “الطاهرة” سالت بالأمس لإسقاط جرعة الـ(4 آلاف) عن كاهل الشعب اليمني، وليس لزيادة الجرعة بعشرة أضعافها اليوم، وقدموا أرواحهم بالأمس من أجل “يمن الحرية والاستقلال” وليس يمن التبعية المطلقة لإيران اليوم.
وبين الأمس واليوم يبقى لافتاً أنّ شبح الجرعة الأربعينية بات كابوساً يطارد قيادات مليشيا الحوثي، ويحاكم شعاراتها ويسقطها أخلاقياً وإنسانياً ومجتمعياً وعلى مختلف الأصعدة، وإن أبدت مقاومة لهذا الكابوس بنوع من التنمّر والترهيب ضد السكان ومحاربة “طواحين الهواء” دونما خجل أو ذرّة حياء.