منظمة (بلاك بلوك) المصرية التخريبية: تاريخ من الشغب والتدمير.
الرشاد برس: (متابعات: الإسلام اليوم)
بعد عامين من الثورة المصرية, التي وصفت بأنها أكثر ثورات الربيع العربي سلمية وأخلاقية؛ امتلأ المشهد المصري بممارسات واحتجاجات ليس له صلة بهذه الثورة الأخلاقية, سواء تَكرار حالات التحرُّش الجنسي والاغتصاب في ميدان التحرير, أو تعمد التدمير والتخريب لممتلكات الدولة العامة أو الخاصة, وعلى وجه التحديد ما تقوم به مجموعة “بلاك بلوك”, أو الكتلة السوداء, وهم شباب يرتدي الملابس السوداء والأوشحة والنظارات والأقنعة ويتصدى للشرطة ويشتبك بهم جسديًّا.
نظرًا للصخب والضجة الذي صنعته هذه المجموعة في الشارع المصري, كان من الضروري معرفة نشأتها ودراسة تاريخها, حيث عُرفت “بلاك بلوك” في ثمانينيات القرن الماضي في الحركات الاحتجاجية الغربية، وخلال المظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية المناهضة لمنظمة التجارة الدولية في أواخر القرن المنقضي اشتهرت بين وسائل الإعلام العالمية, كما ارتبط اسم “بلاك بلوك” بقتال الشوارع، وتخريب الممتلكات العامة، والعصيان المدني، والاحتجاجات التخريبية كما حدث في عدد من الدول الأوربية في مطلع هذا القرن.
لذا فقد كان لظهورها في مصر في الذكرى الثانية لثورتها اهتمام بالغ من وسائل الإعلام الغربية, خاصة بعدما أعلنت النيابة العامة المصرية أمرًا باعتقال وضبط أعضاء هذه الجماعات وتصنيفها على أنها جماعة إرهابية منظمة, بعد قيامهم بإحراق وتدمير عدة مبانٍ حكومية، وتعطيل حركة المرور، ووقف خطوط المترو.
من جانبها قالت صحيفة “ورلد تريبيون” الأمريكية: إن جماعات عنف جديدة تعارض الرئيس المصري محمد مرسي عُرفت باسم “بلاك بلوك” للتصدي للشرطة المصرية وقوات الأمن, مشيرة إلى أن أعضاء جماعات “بلاك بلوك” استخدمت, في الذكرى الثانية للثورة, الصواعق الكهربائية ضد الشرطة.
بينما قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية: إنَّ “بلاك بلوك” أدخلت مصر في موجة من الإضرابات السياسية, زاعمة أنها تدافع عن المعارضة لنظام الحكم في مصر, مشيرة إلى أنَّ هذه الجماعات شوهدت مؤخرًا وهم يُلقون الحجارة على الشرطة في عدد من المحافظات في مصر، وتقوم بتخريب وتدمير العديد من المباني الحكومية فضلاً عن اعتدائها على عدد من مقرات حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين).
كما أوضحت الصحيفة الأمريكية أنَّ “بلاك بلوك” تصنف نفسها على أنها مجموعات “فوضوية” وأطلقت على نفسها نفس المسمى الذي استخدمته جماعات مماثلة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التي شاركت في احتجاجات مناهضة في القرن المنصرم وبداية القرن الحالي, مؤكدة أنَّ ظهورهم أثار المخاوف حتى بداخل صفوف المعارضة التي تدافع عنها هذه المجموعة.
أما صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فقد قالت: إنَّ ظهور “بلاك بلوك” للمرة الأولى في مصر هو جزء من “سيناريو” العنف المستمر في البلاد منذ عامين، مضيفة أن عددًا من شهود العيان أكدوا أنَّ أفراد تلك المجموعة هم الذين حاولوا اقتحام المقر الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين لإثارة العنف.
كما ذكرت الصحيفة الأمريكية أنه برغم أن جماعات “بلاك بلوك” قد تكون جديدة في مصر, لكنها تُستخدم منذ عدة سنوات في الولايات المتحدة وأوروبا, وأن أعضاءها في الولايات المتحدة على الأقل لا يلجئون لاستخدام العنف ضد الأفراد ولكنهم لا يتورعون عن تدمير الممتلكات.
من جانب آخر, ذكرت مجلة “نيو ستيتسمان” الأمريكية أن جماعات “بلاك بلوك” باتت تمثل مشكلة لنظام الحكم في مصر، مؤكدة أنها هي نقطة تحول في سلوك الثوار المصريين في التغيير من “السلمية” إلى “الفوضوية”.
كما نقلت المجلة الأمريكية عن بعض وسائل الإعلام التي تزعم أن هذه الجماعات تتآمر لخلق موجات من الفوضى في البلاد, مشيرة إلى أن “بلاك بلوك، الأناركية” انتشرت فجأة مثل النار في جميع أنحاء البلاد, ومنذ وقتها وبدأت أعمال العنف تنتشر في محافظات مصر بشكل منظم.
في نهاية المطاف, لم يكن خافيًا على أحد ما قام به أعضاء جماعة “بلاك بلوك” في الذكرى الثانية للثورة المصرية من أحداث شغب وأعمال تخريب وتدمير؛ يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الهدف هو زعزعة النظام الحاكم في الوقت الراهن، والحيلولة دون استقرار البلاد، وليس “الحرية للمصريين” كما يزعمون.