منوعات

فضل صيام يوم عاشوراء

الرشادبرس_منوعات يوم عاشوراء من أيام الله تعالى أيام الله تعالى هي الأيام التي تظهر فيها نعمه أو نقمه ، و يوم عاشوراء من تلك الأيام العظيمة ، فإنه اليوم الذي أهلك الله عز وجل فيه فرعون وجنده ، ونجّى نبيه موسى عليه الصلاة والسلام وقومه ، ممن آمن به وبرسالته ، وقد أمر الله تعالى نبيه موسى عليه الصلاة والسلام بتذكير قومه بهذا اليوم العظيم ، فقال سبحانه : { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكّرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } ( إبراهيم : 5) .
أي : قلنا لموسى عليه الصلاة والسلام ادعهم إلى الخير ليخرجوا من الظلمات إلى النور ، من ظلمات الكفر والجهل والضلال ، إلى نور العلم والإيمان والهداية ( وذكرهم بأيام الله )
أي : بأياديه ونعمه عليهم ، في إخراجه إياهم من أسر فرعون وقهره وظلمه وغشمه ، وإنجائه إياهم منهم بإغراقه ، وفلقه لهم البحر ، وتظليله إياهم بالغمام ، وإنزاله عليهم المنّ والسلوى ، إلى غير ذلك من النعم ، قال ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد من أئمة التفسير رحمهم الله تعالى ( انظر حسن التحرير في تهذيب تفسير ابن كثير 2/ 486) .
وقوله : { إنّ في ذلك لآيات لكل صبار شكور } أي : فيما صنعنا بأوليائنا من بني إسرائيل ، حين أنقذناهم من يد فرعون الظالم ، وأنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين ( لآيات ) أي : لعبرة ( لكل صبّار ) كثير الصبر ، أي : عند البلاء وفي الضراء ، ( شكور ) أي : كثير الشكر ، أي : عند النعم وفي السراء . وقد ثبت أن ذلك كان في يوم ” عاشوراء ” من الشهر المحرم .
كما في الصحيحين : من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال: ” ما هذا ؟ ” قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يومٌ نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال عليه الصلاة والسلام : ” فأنا أحق بموسى منكم . فصامه وأمر بصيامه ” اللفظ للبخاري ( 2004) .
وفي رواية مسلم : ” أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، رأى اليهود يصومون عاشوراء ، فقال : ” ما هذا ؟ ” قالوا : هذا يوم عظيم ، نجّى الله تعالى فيه موسى ، فقال عليه الصلاة والسلام : ” أنا أولى منكم بموسى ” فصامه وأمر بصيامه .
وفي رواية أبي موسى رضي الله عنه قال : كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :” فصوموه أنتم ” رواه البخاري ( 2005) . أي يوم هو عاشوراء ؟ قال ابن قدامة رحمه الله في المغني ( 4/441 ) :فإن عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ . وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنِ ; لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ , قَالَ : ” أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، يوم الْعَاشِرِ ” . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ( 759) وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ انتهى . قلت : والحديث صححه الألباني ، وهو قول جمهور العلماء .
وَجاء عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : هو التَّاسِعُ ، وَروى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ التَّاسِعَ . أَخْرَجَهُ الترمذي . والأول أصح وأشهر ومقتضى اللغة ، وأن التاسع هو تاسوعاء .
» فضل صيام عاشوراء ماهو فضل صيام عاشوراء ؟
صيام عاشوراء كان معروفاً قبل الإسلام ، فقد روى البخاري ( 4/244) : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ” كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصومه في الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه ” .
فلعل أهل الجاهلية تلقوه من الشرائع السالفة ، كشرع إبراهيم عليه السلام وغيره ، وكانوا يعظمونه بكسوة الكعبة فيه وغيره ، وصوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان بحكم الموافقة لهم كما في الحج ، ولما قدم المدينة علم بسبب صيامه ، كما ذكر ذلك القرطبي والحافظ ابن حجر . وكان في أول الإسلام واجبا على الصحيح ، فلما افترض رمضان كان هو الفريضة ، وصار صيام عاشوراء على وجه الاستحباب .
وجاء ما يدل على حرص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صيام هذا اليوم ، حتى بعد فرض رمضان .
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ ، إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شهر رمضان . ” رواه البخاري (2006 ) .
ومعنى ” يتحرى ” أي : يقصد صومه لتحصيل ثوابه وأجره .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في فضله : ” صيام يوم عاشوراء ، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ” رواه مسلم (1976) . وهذا من فضل الله علينا ، أن أعطانا بصيام يوم واحد ، تكفير ذنوب سنة كاملة ، والله ذو الفضل العظيم . استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ” قَالَ : فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه مسلم (1916) .
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر , ونوى صيام التاسع .
وعلى هذا فصيام عاشوراء يصوم أن يصام وحده ، والأفضل أن يصام التاسع معه ، وكلّما كثر الصّيام في محرّم كان أفضل وأطيب .
لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ” رواه مسلم .
الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء ما الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء ؟ قال النووي رحمه الله : ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا : أَحَدُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاس
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ .. فِي عَاشُورَاءَ : ” لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأصُومَنَّ التَّاسِعَ ” . ( الفتاوى الكبرى ج6 : سد الذرائع المفضية إلى المحارم ) . وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث : ” لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ” : ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه : أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر ، إما احتياطا له ، وإما مخالفة لليهود والنصارى ، وهو الأرجح ، وبه يُشعر بعض روايات مسلم . الفتح (4/245)
» إفراد عاشوراء بالصيام
لا مانع من إفراد عاشوراء بالصيام ، كما مر معنا صيام النبي صلى الله عليه وسلم له وحده ، وصيام يوم معه مستحب لأجل المخالفة لأهل الكتاب .
قال شيخ الإسلام : صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ ، وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ .. ( الفتاوى الكبرى : ج5 ) .
» حكم عاشوراء لو وافق الجمعة أو السبت :
قد ورد النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم ، والنهي عن إفراد يوم السبت بالصوم ، لكن تزول هذه الكراهية إذا صامهما بضمّّ يوم معها ، أو إذا وافق ذلك يوما مشروعاً صومه ، كصوم يوم وإفطار يوم ، أو وافق نذرا ، أو وافق صوما طلبه الشارع كعرفة وعاشوراء ، أو الأيام البيض ونحوها .
قال الإمام الطحاوي رحمه الله : وَقَدْ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَحَضَّ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَقُلْ : إنْ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ فَلا تَصُومُوهُ ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ كُلِّ الأَيَّامِ فِيهِ .
وَقَدْ يَجُوزُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ،إنْ كَانَ ثَابِتًا – أي النهي عن صيام السبت – أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ صَوْمِهِ , لِئَلا يَعْظُمَ بِذَلِكَ , فَيُمْسَكَ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ فِيهِ , كَمَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ .
فَأَمَّا مَنْ صَامَهُ لا لإِرَادَةِ تَعْظِيمِهِ , وََلا لِمَا تُرِيدُ الْيَهُودُ بِتَرْكِهَا السَّعْيَ فِيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ .. (مشكل الآثار : ج2 باب صوم يوم السبت ) .
وقال البهوتي رحمه الله : ( وَ ) يُكْرَهُ تَعَمُّدُ ( إفْرَادِ يَوْمِ السَّبْتِ ) بِصَوْمٍ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ : ” لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ ” رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ : عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ .
وَلأَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ فَفِي إفْرَادِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ ..( إلا أَنْ يُوَافِقَ ) يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ السَّبْتِ ( عَادَةً ) كَأَنْ وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَكَانَ عَادَتَهُ صَوْمُهُمَا فَلا كَرَاهَةَ ; لأَنَّ الْعَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ . (كشاف القناع : ج2 : باب صوم التطوع ) .
ماذا يفعل إذا اشتبه عليه أول الشهر ؟! قَالَ الإمام أَحْمَدُ : فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَوَّلُ الشَّهْرِ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ . وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَتَيَقَّنَ صَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ . ( المغني لابن قدامة : ج4 / 441) كتاب الصيام – صيام عاشوراء .

فمن لم يعرف دخول هلال محرّم ، وأراد الاحتياط للعاشر ، صام الثامن والتاسع والعاشر ، فبذلك يكون قد أصاب تاسوعاء وعاشوراء يقينا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى