الحرب الأوكرانية-الروسية حرب مصالح استراتيجية بعيدة المدى.
بقلم / علي عبدالله البجيري
الحرب الأوكرانية-الروسية تدخل شهرها الحادي عشر، وكل المؤشرات على الأرض تؤكد بان مسار الحرب طويل، فلا روسيا تسعى لوقف الحرب قبل أن تحقق أهدافها، ولا أوكرانيا مستعدة لوقفها قبل خروج القوات الروسية من المناطق التي احتلتها. الشروط المعلنة من قبل الجانبين لوقف الحرب توضح انه من المستحيل التوصل إلى أية تسوية على المدى المنظور. فالمحللون الاستراتيجيون يرون في عدم تحقيق روسيا اهدافها، عداك عن التراجع عن ضم أربع مناطق أوكرانية تعتبر هزيمة سياسية، تضع “بوتين” في وضع كارثي أمام شعبه. وان اقدمت روسيا على وقف الحرب فان أوكرانيا ستعمل على استمرار الحرب الاستنزافية، بتحريض إمريكي، استمرار الحرب يعني المزيد من القتل والدمار والخراب للبنى التحتية التي تقدر كلفتها بمليارات الدولارات، فيما يدرك الجميع أنه لا منتصر في الحرب ولا خاسر من السلام. انها الحرب التي تم الإعداد لفصولها في إطار استراتيجية إستنزاف روسيا، لتصبح في موقف ضعيف لا تستطيع معارضة توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً ولا معارضة الهمينة الامريكية الغربية التي تهيمن على النظام الدولي السائد.
الموقف الأمريكي الغربي لم يعد يخفي أهدافه. وكان واضحا من الترحيب بالدعم العسكري السخي للرئيس زيلينسكي أثناء زيارته الاخيرة لأمريكا. بينما أعلن وزراء مالية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى عن انهم في صدد تجميع دعم مالي مقداره 32 مليار دولار لتمويل أوكرانيا اقتصاديا للعام 2023م. يحدث هذا رغم ما تعانيه أوربا من ازمات اقتصادية. ومع ذلك يشهد العالم زيادة في الإنفاق على الدفاع بشكل غير مسبوق، وهذا مؤشر يدل على أن التوترات العالمية تسير باتجاه حرب عالمية وما الحرب الأوكرانية إلا واحدة من فصولها .
ولعلي أتوقف هنا عند بعض مما يقراء خلف السطور المشار إليها اعلاه في النقاط التالية:
أولاً.. الواضح أن الحرب الروسية الاوكرانية، تستهدف تحقيق اهداف استراتيجية ومصالح قوى دولية وشركات تصنيع الأسلحة العملاقة، وهي من تدفع باستمراريتها لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، لتشغيل مصانعها وكسب المزيد من الأموال والسلطة.
ثانياً.. سعي تلك القوى الدولية إلى استمرار الإنفاق العسكري وزيادة المخصصات المالية تحت شعار حماية المصالح والأمن القومي في اكثر من بلد في العالم، وصلت إلى( 2113) مليار دولار، وفقاً لمعهد استوكهولم لأبحاث السلام. الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقع على ميزانية الدفاع للسنة المالية 2023، بقيمة 850 مليارو دولار.وهي أكبر ميزانية دفاع في تاريخ الولايات المتحدة. لهذا، فالحرب الأوكرانية لا تحمل وجهاً وحيداً، يعكس التداعيات الاقتصادية السلبية، وإنما تحمل وجهاً آخر له علاقة بالمكاسب والأرباح التي تحققها الولايات المتحدة، التي تستثمر هذه الحرب لمواجهة روسيا حتى آخر جندي أوكراني.خارج أراضيها
ثالثاً.. ومع إطلالة العام الجديد تعلن الإدارة الأمريكية عن ارسال معدات أمريكية جديدة لأوكرانيا تتضمن 50 مدرعة برادلي و500 صاروخ تو. بينما يوافق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن باريس ستزود كييف بمركبات مدرعة، AMX-10RC،كما وافق المستشار الألماني، أولاف شولس، عن استعداد برلين لتزويد أوكرانيا، بمركبات مشاة قتالية من طراز Marder، وأنظمة Patriot للدفاع الجوي
رابعاً.. وعلى الجانب الأخر يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن دخول أسلحة جديدة إلى ميدان الصراع ومنها الفرقاطة “الأدميرال جريجوروفيتش Григорьевич ” والتي قال عنها بأنها تحمل صواريخ لا تملكها اي دولة في العالم دفاعا عن الأمن القومي والأرض الروسية . وبكل صراحة ووضوح يرد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف بالقول” أننا نقاتل روسيا نيابة عن الغرب باكمله ” ومن حقنا الحصول على الاسلحة الحديثة.
ختاماً..لم يعد الحديث عن مفاوضات لوقف للحرب الأوكرانية، أو حتى التفكير بحلول منصفه تؤدي إلى تسوية سياسية، مجدياً، فمن الواضح أن كل أبواب التسوية باتت مغلقة، وأن كل الجهود والمبادرات التي تصدر من هنا وهناك، هي مجرد لعب في الوقت الضائع، لحرب قد تطول لسنوات قادمة بالنظر لعلاقتها بالمحافظة على هيمنة النظام الدولي أحادي القطب، ومن جهة أخرى لارتباطها بتشغيل الصناعات العسكرية وتحقيق الأرباح للشركات المصنعة.